عدن -- في أحد الأحياء بالعاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، يكسب محمد حسن لقمة العيش عبر جمع الزجاجات البلاستيكية مع ستة آخرين.
وفي مكان آخر من المدينة، تتمركز عائلة هزل أفرادها من الجوع على الرصيف خارج مطعم تحت أشعة الشمس، آملة في الحصول على بعض الطعام أو المال للبقاء على قيد الحياة.
وقال حسان إن "انعدام فرص العمل أجبرنا على جمع العلب البلاستيكية"، واشتكى من الفقر المتفشي الذي يواجهه مع رفقائه يوميا.
وأضاف "لا نستطيع أي منا لوحده توفير وجبة الغداء، لذا نضطر للتجمع في أحد الشوارع والمشاركة سويا في دفع ثمن وجبة".
وتابع أن أحد سكان الحي يشفق أحيانا على حالهم ويقدم وجبة لهم.
ويواجه اليمنيون في جميع أنحاء البلاد محنة مماثلة، ولا يبدو أن الوضع يتحسن.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" في اليمنفي تقرير صدر في كانون الأول/ديسمبر إن ما يقدر بنحو 21.6 مليون شخص سيحتاجون إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية في العام 2023.
ووفق التقرير الذي يغطي جميع المديريات البالغ عددها 333 مديرية في 22 محافظة في اليمن، يمثل هذا العدد 66 في المائة من سكان اليمن.
عام 2023 ما يزال قاتما
وأضاف التقرير "مع دخولنا عام 2023، ما يزال الوضع الإنساني قاتما، وهناك حاجة إلى مواصلة تأمين المساعدات الإنسانية لمنع المزيد من التراجع في تأمين الاحتياجات".
ويقدر التقرير أنه في عام 2023، سيحتاج نحو 17.3 مليون شخص إلى مساعدات غذائية وزراعية و20.3 مليون شخص سيحتاجون إلى الدعم للوصول إلى الخدمات الصحية الحيوية و15.3 مليون شخص سيحتاجون إلى الدعم للحصول على المياه النظيفة وتلبية احتياجات الصرف الصحي الأساسية.
واعتبر التقرير أن التركيز المتزايد على التعاون بين الجهات الفاعلة في المجال الإنساني والتنمية والسلام أمر أساسي لتقديم حلول أكثر استدامة، بما في ذلك إعادة بناء اقتصاد اليمن الهش والخدمات العامة.
وتعليقا على التقرير، قال نبيل عبد الحفيظ وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان للمشارق، إن "أكثر من 21.6 مليون يمني يحتاجون للمساعدات الإنسانية".
وأضاف أن هذا العدد هو من إجمالي عدد السكان حاليا البالغ 32 مليون نسمة.
من جانبه، حث المحلل الاقتصادي فارس النجار الحكومة اليمنية على تجهيز خطط للعمل مع الأمم المتحدة، "ليس فقط فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية بل أيضا في مشاريع لدعم سبل العيش في القطاع الزراعي والحيواني والسمكي".
ودعا أيضا الحكومة إلى تجهيز خطط تتعلق بدعم المشاريع الصغيرة وتحسين مستوى دخل المواطنين لمعالجة انعدام الأمن الغذائي.
تأثير الصراع
بدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن معاناة اليمنيين قد بلغت "مستويات خطيرة بسبب الصراع الذي سيدخل عامه التاسع في آذار/مارس 2023".
وأضاف أن ثماني سنوات من الحرب التي أشعلها الانقلابالذي نفذه الحوثيون المدعومون من إيران في أيلول/سبتمبر 2014، قد أدت إلى تدهور الخدمات واختفاء فرص العمل وارتفاع الأسعار.
وتابع ثابت أن آلاف المدنيين قد قتلوا أو أصيبوا، ما يجعل التوصل لأي حل مؤقت لمشاكل اليمن في غاية الصعوبة.
وأكد أن "وقف الحرب وإحلال السلام هو الحل لوقف التراجع على كل المستويات".
وذكر أنه "خلال الهدنة الإنسانية التي نفذت في 2 نيسان/ أبريل من العام الماضي مدة ستة أشهر، شهد اليمنيون بعض الانفراج بعد توقف العمليات العسكرية ودخول المشتقات النفطية ودخول المساعدات الغذائية وفتح مطار صنعاء".
وأشار إلى أن الوضع تفاقم بعد انتهاء الهدنة.
وأوضح أن هذا الأمر يعود جزئيا لكون اليمن مستورد صاف للغذاء، وأنه منذ العام الماضي، ارتفعت أسعار الغذاء بسبب حرب روسيا على أوكرانيا
ونوه ثابت إلى اختلاف أسعار الصرف بين صنعاء وعدن.
وعلاوة على ذلك، فقد فرض الحوثيون"سياسات مالية ونقدية لها آثار سلبية على قوة الريال اليمني وعلى القوة الشرائية لليمنيين"، بحسب ما تابع.