أمن

أنشطة الحرس الثوري الإيراني تفاقم من أزمة اليمن الإنسانية

فريق عمل المشارق

أطفال يقفون خارج خيمة في مخيم سمية للنازحين شرقي مدينة مأرب، يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر. [وكالة الصحافة الفرنسية]

أطفال يقفون خارج خيمة في مخيم سمية للنازحين شرقي مدينة مأرب، يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر. [وكالة الصحافة الفرنسية]

على الرغم من الأزمة الإنسانية المتفاقمة والنداءات المتكررة من أجل إحلال السلام، تواصل إيران من خلال الحرس الثوري الإيراني الدفع باتجاه استمرار مسار الحرب في اليمن وإرسال العناصر والقادة إلى الجبهات، إضافة إلى تهريب الأسلحة إلى البلاد مما يؤجج النزاع الدموي.

وثمة أدلة كثيرة على الدور الذي يلعبة الحرس الثوري في مفاقمة الصراع.

ومن أبرز هذه الأدلة الشحنات العديدة من الأسلحة الإيرانية المرسلة للحوثيين والتي اعترضتها القوات البحرية للتحالف الدولي والعربي قبالة الساحل اليمني.

وجاء في دراسة حديثة صدرت عن المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، أن "إيران نفت بصورة متكررة أي تورط لها في تهريب أسلحة للحوثيين. ومع ذلك، يشير الكثير من الأدلة إلى أن مصدر هذه الإمدادات هو الدولة الإيرانية".

صادرت البحرية الأميركية شحنتين غير مشروعتين من الأسلحة ومكونات الأسلحة من مركبين مجهولي الجنسية، وذلك خلال عملية أمنية بحرية نفذت في المياه الدولية قبالة سواحل الصومال يومي 11 و12 شباط/فبراير. [البحرية الأميركية]

صادرت البحرية الأميركية شحنتين غير مشروعتين من الأسلحة ومكونات الأسلحة من مركبين مجهولي الجنسية، وذلك خلال عملية أمنية بحرية نفذت في المياه الدولية قبالة سواحل الصومال يومي 11 و12 شباط/فبراير. [البحرية الأميركية]

السفير الإيراني إلى اليمن حسن إيرلو في صنعاء يوم 2 كانون الثاني/يناير، هو ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني ولعب دورا قياديا رئيسيا في معركة الحوثيين للسيطرة على مدينة مأرب الشمالية. [محمد حويس/وكالة الصحافة الفرنسية]

السفير الإيراني إلى اليمن حسن إيرلو في صنعاء يوم 2 كانون الثاني/يناير، هو ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني ولعب دورا قياديا رئيسيا في معركة الحوثيين للسيطرة على مدينة مأرب الشمالية. [محمد حويس/وكالة الصحافة الفرنسية]

ولفت التقرير إلى أن الأسلحة التي تصل من تجارة الأسلحة بين إيران واليمن يتم تهريبها في بعض الأحيان إلى الصومال.

وقال مركز الأبحاث ومقره في جنيف إن الدراسة التي نُشرت في 10 تشرين الثاني/نوفمبر، استندت إلى بيانات من أكثر من 400 قطعة سلاح موثقة في 13 موقعا في أنحاء مختلفة من الصومال على مدى 8 أشهر ومخزونات من 13 مركبا شراعيا اعترضتها سفن بحرية.

وكشفت الدراسة أن "المؤشرات على كون إيران هي مصدر الأسلحة شملت التقارب في الأرقام التسلسلية بين الأسلحة التي تمت مصادرتها واحتواء المضبوطات بشكل دائم على مواد من صنع إيراني، إضافة إلى استخدام طريقة التغليف نفسها وأنظمة تحديد المواقع العالمي في المراكب الشراعية التي ضبطت فيها الأسلحة المهربة".

وأضافت أن المعلومات الاستخبارية البشرية التي تم جمعها من داخل عصابات التهريب، تشير أيضا إلى "احتمال كبير" بأن مصدر شحنات الأسلحة البحرية للحوثيين هو إيران.

وذكر التقرير أن أحد القوارب الشراعية المحملة بالأسلحة والذي ضبطته سفينة تابعة للبحرية الأميركية، كان مجهزا بنظام تحديد مواقع عالمي يحمل في ذاكرته مواقع في إيران وجنوب اليمن والصومال، ومن بينها مرسى صغير بالقرب من ميناء جاسك الذي يضم قاعدة بحرية إيرانية.

12 اعتراضا ناجحا

وذكر التقرير أن "وجود طرق تجارية قديمة تربط الخليج الفارسي بالمحيط الهندي وخليج عدن، قد سهل حركة شحنات الأسلحة غير المشروعة".

وتابع أن "المواعيد المتكررة وعمليات إعادة الشحن بين المراكب الشراعية من أصل إيراني ويمني وصومالي، ساعدت في إخفاء مصدر شحنات الأسلحة وتجنب اكتشافها من قبل السلطات".

وأضاف التقرير أنه على الرغم من ذلك، نفذت القوات البحرية الدولية منذ أيلول/سبتمبر 2015 عمليات اعتراض بحري لشحنات أسلحة يعتقد أنها كانت متجهة إلى الحوثيين في اليمن، بلغ عددها 12 عملية.

وفي الآونة الأخيرة، نُفذ اعتراضان بحريان لمراكب شراعية لتهريب الأسلحة من قبل سفينة يو.إس.إس ونستون تشرشل في شباط/فبراير ويو.إس.إس مونتيري في أيار/مايو، وذلك قبالة ساحل الصومال وفي بحر العرب على التوالي.

وبحسب القيادة المركزية الأميركية، تمت إزالة أسلحة مضبوطة قادمة من إيران من سفينتين منفصلتين في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 وشباط/فبراير 2020، وتم الاحتفاظ بها تحت رعاية الولايات المتحدة أثناء عملية تقييم المواد.

وكانت هذه العملية أكبر عملية مصادرة أميركية لشحنات أسلحة من إيران.

وفي 7 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت وزارة العدل الأميركية أنها صادرت هذه الأسلحة بنجاح، وقد تضمنت 171 صاروخ أرض-جو و8 صواريخ مضادة للدبابات، بالإضافة إلى "مكونات صاروخ كروز للهجوم البري ومكونات صواريخ كروز المضادة للسفن وبصريات الأسلحة الحرارية ومكونات أخرى".

وقالت كيلي ب. مايو من دائرة التحقيقات الجنائية في وزارة الدفاع الأميركية إن "النقل غير القانوني للأسلحة الإيرانية الصنع يشكل تهديدا خطيرا وآنيا لأمننا القومي".

وأضافت أن "الحكم الذي أُعلن عنه اليوم يعتبر خطوة مهمة في جهودنا لتحديد هوية أولئك الذين يعرضون الموارد الحيوية لسلامتنا للخطر، وشل نشاطهم وتقديمهم إلى العدالة".

إيران تؤجج الحرب في اليمن

وبالإضافة إلى الأسلحة، تنقل الجماعات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني حبوب الكابتاغون وغيرها من المواد المحظورة عبر حدود المنطقة لتمويل الحرس الثوري أو الجماعات التابعة له.

وتتم معظم عمليات التهريب عبر استخدام قوارب الصيد التقليدية.

وأوضحت الصحافية اليمنية منى محمد المقيمة في القاهرة أن هذه تعد الطريقة المفضلة بسبب انتشار الصيد وقواربه في المنطقة، ما يجعل من مراقبتها جميعا أمرا مستحيلا بالنسبة للسلطات.

وقالت إن "مكافحة التهريب في بحر العرب وقبالة شواطئ الخليج العربي صعب للغاية بسبب الشواطئ الشاسعة المطلة على هذه المياه".

وأضافت للمشارق أن "المهربين يستغلون هذا الأمر لممارسة عمليات التهريب بكل أنواعه، لكن أكثر من يقوم بعمليات التهريب هذه هو الحرس الثوري الإيراني".

من جانبه، قال مدير مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبد السلام محمد، إن "شحنات الأسلحة والمخدرات التي كانت متجهة إلى اليمن تؤكد بشكل قاطع عزم إيران على تأجيج العنف والحرب في هذا البلد".

وتابع أن مستوى هذا التدخل كبير جدا "بحيث يصعب معه تصور تنفيذ أي مبادرة سلام".

ويلعب الأهالي دورا أساسيا في منع تهريب المخدرات والأسلحة في مياه منطقة الخليج وعلى طول سواحلها.

وفي هذا السياق، قال راشد محمد المري الذي كان يعمل في إدارة مكافحة المخدرات في شرطة دبي، إن "إطار المراقبة يتسع بشكل كبير مع اعتبار كل مواطن آو صياد أو عامل على الشاطئ عين مراقبة لأي محاولة تهريب".

وذكر أن "المهربين غالبا ما يكونون من السكان المحليين أو من المتعاونين معهم وأخبار عملياتهم تكون متاحة في دوائر ضيقة فتنكشف ويتم الإبلاغ عنها".

ضباط الحرس الثوري على الخطوط الأمامية

إلى هذا، يساهم رصد وجود قادة عسكريين من حزب الله اللبناني والحرس الثوري في اليمن بشكل منتظم، في إظهار مدى تدخل إيران في حرب اليمن، بحسب ما ذكره مسؤولون وخبراء في البلاد.

وفي هذا الإطار، أشار وكيل وزير العدل اليمني فيصل المجيدي، إلى أن الحكومة اليمنية أكدت في مناسبات عدة وجود قادة إيرانيين ومن حزب الله على الأراضي اليمنية.

وقال إنهم "ركزوا بشكل أساسي على تعزيز القوة العسكرية الهائلة للحوثيين وتطويرها، الأمر الذي لم يكن بمقدور الجماعة المدعومة من إيران تحقيقه بمفردها.

وأردف أن الهدف بالنسبة لإيران والحوثيين هو "الانتصار في مأرب"، ما من شأنه منح الجماعة سيطرة شبه كاملة على شمال اليمن، إضافة إلى إمكانية الوصول إلى البنية التحتية الرئيسية للنفط والغاز والتفوق في المحادثات الهادفة إلى إنهاء الصراع.

ولعب سفير إيران لدى الحوثيين في صنعاء حسن إيرلو، دورا رئيسيا في تلك المعركة.

وقال المجيدي إن إيرلو "الذي هو في الواقع ضابط في الحرس الثوري الإيراني وكان أحد نواب قاسم سليماني، تم اختياره بعناية لقيادة معركة إيران في اليمن".

وفي 25 آب/أغسطس، أصدرت المحكمة العسكرية في مأرب حكما غيابيا بالإعدام بحق إيرلو، على خلفية اتهامه "بالتجسس والتخريب والمشاركة في أعمال عدائية ضد اليمنيين والجيش الوطني اليمني".

واستهدف التحالف العربي مؤخرا مواقع في صنعاء مرتبطة بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة يخزنها الحوثيون ويستخدمونها.

وفي 7 كانون الأول/ديسمبر، قالت السعودية إنها شنت غارات جوية ليلية على أهداف في اليمن ردا على إطلاق الحوثيين لصاروخ باليستي على المملكة، ودمرت موقع إطلاقه في صنعاء.

مفاقمة الأزمة الإنسانية

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، قُتل أو شُوه 10 آلاف طفل يمني منذ آذار/مارس 2015، عندما تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية لدعم الحكومة اليمنية بعد انقلاب الحوثيين.

وقال المتحدث باسم اليونيسف جيمس إلدر، إن العديد من الحوادث التي يموت خلالها الأطفال أو يصابون فيها بجروح لا تزال غير موثقة، مشيرا إلى أن 4 من كل 5 أطفال - أي بعدد إجمالي يبلغ 11 مليون طفل - يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في اليمن.

ولفت إلى أنه في هذه الأثناء، يعاني نحو 400 ألف طفل من سوء التغذية الحاد، وتسرب من المدارس أكثر من مليونين آخرين.

وعقد اجتماع ركز على حماية الأطفال وضحايا النزاعات المسلحة على هامش الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي.

وكان من بين الحقائق التي عُرضت، تجنيد الحوثيين لأكثر من 35 ألف طفل منذ عام 2014، 17 في المائة منهم كانوا دون سن الحادية عشرة وقت تجنيدهم، إضافة إلى 6729 طفلا يقاتلون على جبهات الحوثيين.

وقال الخبير الاقتصادي المقيم في اليمن فارس النجار، إن تقريرا لليونيسف صدر مؤخرا "يشكل انعكاسا للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد بسبب الحرب التي خلقت أسوأ أزمة إنسانية عرفتها الإنسانية في العصر الحديث".

وأردف أن "أكثر من 21 مليون يمني بحاجة حاليا إلى مساعدات إنسانية".

وأضاف أن عدد الضحايا القاصرين يتزايد بشكل متزايد لأن الأزمة الاقتصادية تزداد سوءا والعملة الوطنية في حالة انهيار حاد والتضخم في تصاعد.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500