عدن -- قال مسؤولون إن حرب روسيا مع أوكرانيا قد قربت كثيرين في اليمن خطوة من المجاعة، لأنها تسببت في انشغال المانحين عن اليمن وأدت إلى رفع أسعار القمح، مع انخفاض الواردات من الموردين الرئيسين.
ومع دخول الحرب في اليمن عامها الثامن، تواجه البلاد نقصا حادا في التمويل للمساعدات الإنسانية إذ وفقا للأمم المتحدة، لم يجمع مؤتمر المانحين الذي عقد في 16 آذار/مارس سوى 1.3 مليار دولار من إجمالي نحو 4.3 مليار دولار تحتاجها البلاد هذا العام.
ومعروف أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا منخرطة في صراع ضد الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على صنعاء ومعظم شمال البلاد.
وتسببت الحرب في مقتل مئات الآلاف سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وأدت إلى ما وصفته الأمم المتحدة بأنها أسوأ كارثة إنسانية في العالم نظرا لأن الملايين أصبحوا على حافة المجاعة.
وفي حديثه للمشارق قال وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان نبيل عبد الحفيظ، إن الحرب الروسية ضد أوكرانيا "أنست" العالم أكثر الأزمة الإنسانية في اليمن.
وفي تغريدة على تويتر يوم 5 نيسان/أبريل، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن ملايين اليمنيين ليس لديهم ما يكفي من غذاء خلال شهر رمضان المبارك، ودعا المانحين لتقديم المساعدة.
ووفق الأمم المتحدة، كان للحرب الأوكرانية تأثير سلبي على الأمن الغذائي في اليمن بسبب تراجع صادرات القمح.
الأمن الغذائي في خطر
وقال مدير مركز الإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، إن "تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى ارتفاع أسعار القمح عالميا بنسبة أكثر من 35 في المائة".
وأضاف أن الحرب الروسية "ألقت بظلالها على الأزمة الإنسانية في اليمن إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى الضعف لان اليمن يستورد 34 في المائة من حاجته من القمح من روسيا وأوكرانيا".
وتابع أنه إضافة إلى ذلك، تسببت الحرب في رفع أسعار المشتقات النفطية، وهو ما رفع بدوره كلفة النقل للبضائع المستوردة ومن ثم سعرها.
وكان لذلك تأثير هائل على اليمن الذي يستورد 95 في المائة من احتياجاته من الخارج.
ووفق البنك الدولي، فإن الصراع في أوكرانيا يضر بصورة كبيرة باقتصادات عدد من البلدان في المنطقة، بما في ذلك لبنان وسوريا وتونس واليمن.
وأضاف البنك أن هذه البلدان تعتمد بصورة رئيسة على أوكرانيا وروسيا في الحصول على وارداتها الغذائية، لا سيما القمح والحبوب، في حين تُنذر الأزمة الأوكرانية بتعريض الأمن الغذائي للبلدان الهشة مثل اليمن لخطر بالغ.
وأوضح البنك أن عدد من يعانون من أزمة النقص الحاد في الأمن الغذائي باليمن، قفز من 15 مليونا إلى أكثر من 16 مليونا في ثلاثة أشهر فقط في أواخر عام 2021، وستؤدي الحرب في أوكرانيا حتما إلى تفاقم الوضع الإنساني في اليمن.
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي فارس النجار إن اليمن يستورد نسبة كبيرة من احتياجاته من القمح والزيوت النباتية وبعض الأدوية من روسيا وأوكرانيا.
وأضاف أن فقدان هذه المنتجات في السوق اليمنية سيجبر الحكومة والتجار على البحث عن بدائل وستكون بكلفة أعلى، ما سيؤدي إلى ارتفاع السعر للمستهلك اليمني.
'حرب اليمن المنسية'
وأوضح عبد الحفيظ أن "ما نخشاه أن تنصرف الأنظار الدولية إلى الحرب في أوكرانيا ما يعطي تاليا فرصة للميليشيات الحوثية لتستغل هذا المناخ الدولي وتقوم بانتهاكات أكثر".
وأكد أن حرب روسيا على أوكرانيا تعكس نفسها على الواقع اليمني والحرب في اليمن، "بل أن هناك من يقول إن تداعيات الحرب في أوكرانيا قد تجعل الحرب في اليمن تحت مسمى 'الحرب المنسية'".
وأضاف أن الحرب في أوكرانيا خلقت أيضا مناخا أكثر تعقيدا فيما يخص مصادر الطاقة.
ويأتي ذلك في وقت يستمر فيه الحوثيون في تهديد المنشآت النفطية الحيوية في السعودية.
هذا وقام التحالف العربي في آذار/مارس بتدمير زورقين مسيرين مفخخين قبالة ساحل الحديدة في جنوب البحر الأحمر، وعلى ما يبدو كان الحوثيون يخططون لاستخدامهما في هجمات على ناقلات النفط التي تعبر مضيق باب المندب.