بيروت - صادر الجيش اللبناني يوم الخميس، 10 آب/أغسطس، ذخائر تابعة لحزب الله من شاحنة انقلبت على طريق رئيسي يؤدي إلى سوريا في حادثة أثارت مطالبات متجددة للحزب المدعوم من إيران لنزع سلاحه.
واندلعت أعمال عنف مساء الأربعاء إثر انقلاب الشاحنة أثناء اجتيازها كوع بلدة الكحالة الجبلية شرقي بيروت على الطريق الذي يربط العاصمة اللبنانية بمنطقة البقاع الواقعة على الحدود مع سوريا، بحسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
وحاصر الأهالي الشاحنة مطالبين بمعرفة محتوياتها، قبل أن يفتح عناصر حزب الله المرافقون لها النار عليهم متسببين بمقتل أحدهم.
وقال رئيس بلدية الكحالة عبود أبي خليل للمشارق إن الحادثة "لم تكن متوقعة".
وأضاف "عندما حاول السكان المحليون الاقتراب من الشاحنة، حصل إطلاق نار عشوائي أدى إلى مقتل [أحد سكان الكحالة] فادي بجاني".
وأكد أبي خليل أن الشاحنة كانت محملة بالأسلحة.
وتابع "نعلم جميعا أن [حزب الله] يملك أسلحة تستخدم في جميع أنحاء البلاد"، لافتا إلى أن كل اللبنانيين وليس فقط أهالي الكحالة، "غاضبون من سلاح حزب الله الذي لا تخضع لأي رقابة".
وقال حزب الله إن أحد عناصره أصيب برصاصة وتوفي في وقت لاحق متأثرا بجراحه.
وأكد الجيش يوم الخميس مقتل شخصين وقال إنه صادر الأسلحة التي كانت على متن الشاحنة.
وأضاف انه "تم نقل محتويات الشاحنة الى مركز عسكري وفتح تحقيق".
وأشار الجيش إلى أنه أزال الشاحنة فجرا وأعاد فتح طريق بيروت-دمشق الذي كان قد أغلقه سكان الكحالة احتجاجا.
ويوم الخميس، شهد معقل حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية مراسم تشييع أحمد علي قصاص المنتمي إلى حزب الله والذي قتل في اشتباكات الكحالة، وقد تخللها إطلاق نار كثيف.
وقال مكتب وزير الدفاع اللبناني موريس سليم إن "رصاصة طائشة" مجهولة المصدر أصابت سيارة الوزير أثناء مرورها في حي قريب من المنطقة دون أن يلحق به أي أذى.
ونشر أنصار حزب الله صورا على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيها قصاص وهو يرتدي زيا عسكريا في سوريا، حيث يقاتل حزب الله إلى جانب نظام بشار الأسد مخالفا بذلك سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان.
’طريق مفتوح لنقل الأسلحة‘
يذكر أن حزب الله هو الفصيل اللبناني الوحيد الذي احتفظ بسلاحه بعد نهاية الحرب الأهلية التي امتدت بين عامي 1975 و1990.
وتعتبر حكومات عدة أن الحزب المدعوم من إيران هو تنظيم إرهابي.
وأثارت حادثة الكحالة مطالب متجددة لنزع سلاح الحزب، وحمل سكان الكحالة الغاضبون جراء مقتل بجاني لافتات تندد بـ "الاحتلال الإيراني".
وفي حادثة مماثلة وقعت في آب/أغسطس 2021، أوقف سكان غاضبون من قرية تقطنها أغلبية درزية في جنوب لبنان شاحنة لحزب الله تحمل قاذفة صواريخ، متهمين الحزب المدعوم من إيران بتعريض حياة المدنيين للخطر.
وكشف محللون عسكريون أن الذخائر التي صودرت من شاحنة الكحالة هي لأسلحة متطورة، بحسب ما أوردته قناة الإم تي في. وأشار سياسيون وناشطون للمحطة التلفزيونية إلى أن لبنان أصبح طريقا مفتوحا لنقل السلاح.
ومن جهته، قال المحلل الأمني والضابط المتقاعد في الجيش اللبناني خليل الحلو إن "أسلحة حزب الله الخارجة عن السيطرة منتشرة في جميع أنحاء لبنان، ولا توجد منطقة واحدة لا يستطيع [حزب الله] الوصول إليها".
وأوضح للمشارق أن "أسلحة حزب الله منتشرة وفق خطة ممنهجة لتحقيق سيطرة مبطنة، وبلغ ذلك حدا كبيرا بلغ معه الغضب من سلاح الحزب المتفلت ذروته بين صفوف جميع اللبنانيين".
وأوضح أن الحزب ينقل منذ سنوات الأسلحة بالشاحنات من إيران إلى لبنان عبر سوريا، مستخدما طريق بيروت-دمشق السريع وطرق أخرى غير خاضعة للرقابة.
وفي عام 2007، صادر الجيش اللبناني شاحنة كانت محملة بصواريخ غراد وقذائف هاون وذخيرة لبنادق آلية ورشاشات بالقرب من مدينة بعلبك.
وذكر الحلو أن الأسلحة كانت تعود لحزب الله.
’جسم غريب في لبنان‘
وبدوره، أشار النائب اللبناني نزيه متى التابع لكتلة الجمهورية القوية وهي الكتلة البرلمانية لحزب القوات اللبنانية، إلى أن حزب الله "ينقل منذ فترة طويلة أسلحة محملة على شاحنات على الطرق اللبنانية".
وتابع أنه لا بد أن عشرات الشاحنات المحملة بالأسلحة قد مرت عبر الكحالة على مر السنين "وستواصل عبورها وعبور طرق أخرى أيضا".
وقال إن "حزب الله جسم غريب في لبنان"، محذرا من أن لبنان "غير قادر على تحمل جماعة مسلحة لها روابط وولاءات وامتدادات وقرارات وطموحات وأجندات لا علاقة لها به".
وقال متى إن الغضب من سلاح حزب الله وهيمنته لا يقتصر على جماعة معينة أو مجتمع معين بل "يمتد إلى كل لبنان".
ومن جانبه، قال مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حسان قطب إن "الكحالة ليست الطريق الوحيد الذي تمر عبره أسلحة حزب الله".
وأضاف أن حادثة الكحالة "أثارت جدلا واسعا حول القضايا الأساسية والمصيرية"، بينها التوترات حول سلاح حزب الله وأجندته السياسية في لبنان ودوره الإقليمي.
وسأل "لماذا كانت كل هذه الأسلحة في طريقها إلى بيروت؟".
وأشار قطب إلى أن النظام السوري المدعوم من روسيا وإيران يلعب دورا في تأجيج التوتر في دول الجوار لا سيما في لبنان، مؤكدا أن أسلحة إيران تمر عبر سوريا في طريقها إلى لبنان وحزب الله.