عدن -- عّبر شوعي محمد عن حزنه وغضبه بسبب عدم قدرته على توفير القوت الأساسي لزوجته وأطفاله السبعة، ذلك أنه لا يجني ما يكفي من المال من مهنته التي يعمل فيها مع أولاده بجمع العلب البلاستيكية الفارغة من الشوارع.
وأوضح للمشارق "منذ نزوحنا من الحديدة قبل 3 أعوام كنا نستلم حصة غذائية بشكل شهري. ولكن خلال العام الماضي لم نستلم إلا نصف حصة غذائية وبشكل غير منتظم".
ولسوء حظ محمد والكثير غيره الذين يواجهون ظروفا قاسية في اليمن، من المرجح أن تزداد الأمور سوء ويعود ذلك جزئيا إلى تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا والتي من المتوقع أن تؤدي إلى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية.
وحذّر برنامج الغذاء العالمي الأسبوع الماضي من أن الصراع الروسي-الأوكراني قد يؤدي إلى زيادة في أسعار الوقود والمواد الغذائية في اليمن، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وسيغرق ذلك المزيد من الناس في الجوع في ظل تضاؤل تمويل المساعدات.
وفي مطلع العام الجاري، أُجبر البرنامج على تخفيض الحصص الغذائية لـ 8 ملايين شخص في اليمن، وحذر من كارثة وشيكة نتيجة خفض المساعدات.
وقال في بيان صدر في 24 شباط/فبراير إنه "من المرجح أن يؤدي تصعيد الحرب في أوكرانيا إلى رفع أسعار الوقود والمواد الغذائية والحبوب بصورة إضافية في البلد الذي يعتمد بشكل أساسي على الواردات".
وتابع "تضاعف أسعار المواد الغذائية في معظم مناطق اليمن خلال العام الماضي، وبات أكثر من نصف المواطنين بحاجة إلى مساعدات غذائية".
وأضاف "سيدفع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالمزيد من الناس إلى حلقة مفرغة من الجوع والاعتماد على المساعدات الإنسانية".
ʼعد عكسي نحو الكارثةʻ
وفي هذا السياق، قال المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي في تغريدة نشرها على تويتر في 13 شباط/فبراير "إنه العد التنازلي لكارثة في اليمن! حين تنفد الأموال، لا يأكل الناس. ولهذا السبب، يتلقى 8 مليون يمني نصف الحصة الغذائية الآن".
وأضاف أنه "بدون تمويل عاجل، سيضطر البرنامج إلى القيام بقطع المساعدات للملايين بصورة لا يمكن تصورها ... وستكون هذه التخفيضات حكماً بالإعدام".
وقال البرنامج إنه سيكون بحاجة إلى 765 مليون دولار في الأشهر الستة المقبلة للحفاظ على مستويات المساعدات الحالية المقدمة إلى اليمن، حيث يعتمد 13 مليون مواطن على المساعدات.
هذا وتعاني البلاد أصلا من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج أكثر من 80 في المائة من السكان إلى مساعدات بحسب ما ذكرته الأمم المتحدة.
ومن المنتظر أن تعقد الأمم المتحدة حدثا رفيع المستوى لجمع التبرعات في 16 آذار/مارس في جنيف، من أجل جمع 3.9 مليارات دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية للعام الجاري. وسيكون الحدث باستضافة الأمم المتحدة وحكومتي السويد وسويسرا.
وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن مؤتمر المانحين "سيشكل فرصة حاسمة للمجتمع الدولي ليظهر التزامه المتواصل تجاه شعب اليمن".
يُذكر أن أبرز الجهات المانحة التي تدعم برنامج الغذاء العالمي في عملياته باليمن هي الولايات المتحدة والسعودية والإمارات وقطر وألمانيا والاتحاد الأوروبي والسويد وكندا وسويسرا.
اختلالات في توزيع المساعدات
وفي هذا الإطار، قال نبيل عبدالحفيظ وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان للمشارق إن حرب اليمن الدائرة منذ 7 سنوات تسببت "بمأساة إنسانية مرعبة من الفقر والمجاعة".
ولفت إلى عقبات عرقلت تسليم المساعدات الدولية وزادت الأمور سوء، بما في ذلك حالات تم فيها تحويل مساعدات إلى مقاتلين من جماعة الحوثي المدعومة من إيران فلم تصل إلى مستحقيها.
وأضاف أنه في بعض الحالات، توجب إتلاف المساعدات إذ لم تعد قابلة للاستهلاك بعد بقائها في أماكن التخزين لفترة تجاوزت تاريخ انتهاء صلاحيتها.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي فارس النجار "لم يستطع البرنامج الإغاثي الحصول العام الماضي إلا على 1.2 مليار دولار، علما أن اليمن بحاجة إلى ما بين 3 و4 مليارات دولار سنويا".
وأضاف أن "منظمة الأغذية والزراعة تحدثت عن أكثر من 16 مليون يمني دخلوا في المستوى الثالث من حالة انعدام الأمن الغذائي وهو مؤشر خطير للغاية".
وتابع النجار أن هذا المستوى "كارثي لأنه يسبق مرحلة المجاعة".
وأشار إلى أن تقرير للبنك الدولي تحدث عن ظهور "بؤر للمجاعة" في كثير من المحافظات اليمنية مثل الجوف وصعدة والحديدة.
ولفت أيضا إلى بعض الاختلالات التي حصلت في الفترات الماضية في توزيع المساعدات، قائلا إنها أدت إلى إحجام بعض المانحين عن التمويل.
وأضاف أن "هذه الاختلالات دفعت كثير من الدول الداعمة، كالكويت والإمارات والسعودية، إلى تنفيذ برامجها الإغاثية عبر جهات تابعة لها".
وأوضح أن السعودية تنفذ برامجها الإغاثية في اليمن عبر مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية على سبيل المثال.
وطالب النجار بتعزيز الشفافية في عمل المنظمات الإغاثية، مؤكدا أن ذلك يشجع الممولين على توفير الدعم وتلبية حاجات اليمنيين.