عدن -- توجهت ندى البالغة من العمر 6 سنوات مع والدتها إلى نقطة توزيع بشارع في صنعاء لملء عبوة سعة 20 لترا بالمياه، كما تجري العادة يوميا أثناء وجود أشقاء ندى الثلاثة في المدرسة.
وقالت والدة الفتاة إن العائلة لا تستطيع تكبد كلفة شراء المياه من خزانات المياه التي تبيع المياه وتنقلها إلى منازل المواطنين.
وأوضحت "أسرتي معتمدة على خزانات السبيل في صنعاء التي توفر المياه مجانا".
وأكدت أن "ظروف الحرب التي خلقت معاناة إنسانية صعبة وظروفا اقتصادية متدهورة جعلت دخل رب الأسرة لا يكفي لشراء احتياجات الغذاء الأساسية".
ويواجه العديد من العائلات ظروفا مشابهة نتيجة الحرب الدائرة والتي بدأت عندما نفذ الحوثيون المدعومون من إيران انقلابا بصنعاء في أيلول/سبتمبر 2014.
وساهم تهريب الأسلحة إلى البلاد من إيران في تأجيج الحرب، وقد ألقي اللوم إلى حد كبير على الحوثيين في انتهاء الهدنة في تشرين الأول/أكتوبر رغم "الجهود الحثيثة" التي بذلتها الأمم المتحدة لتمديدها.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إن أكثر من 16 مليون شخص في اليمن بمن فيهم 8.47 مليون طفل، هم بحاجة ماسة إلى المساعدة للوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي والإصحاح البيئي.
المياه والصرف الصحي والإصحاح البيئي
ووقع وزير المياه والبيئة في اليمن توفيق الشرجبي في 13 شباط/فبراير مع الممثل المقيم لمنظمة اليونيسيف في اليمن بيتر هوكينز، على خطة مساعدات للمياه والصرف الصحي والإصحاح البيئي لعامي 2023 – 2024.
واشتملت حزمة المساعدات على 3 مجالات رئيسية لتدخلات اليونيسيف في مختلف محافظات اليمن، وتبلغ قيمتها 128.3 مليون دولار سنويا.
وتهدف الخطة إلى تعزيز الأنظمة والقدرات لإدارة وتقديم خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية وضمان استفادة المزيد من الأطفال والأسر من خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية وتحسين ممارسات النظافة على مستوى الأسرة والمجتمع.
وأكد هوكينز على ضرورة دعم الوزارة والتنسيق معها من أجل تحسين الوصول إلى الاستخدام العادل لمياه الشرب والصرف الصحي وممارسات النظافة.
وقالت اليونسيف إن اليمن هو أحد أكثر بلدان العالم فقرا في المياه، لافتة إلى أن الحرب طويلة الأمد قد أثرت بشكل كبير على إمكانية حصول الشعب اليمني على ما يكفي من المياه وخدمات الصرف الصحي المناسبة.
وأضافت أن الوصول إلى مياه الشرب الآمنة والنظيفة يبقى أمرا أساسيا من أجل صحة الأطفال وبقائهم على قيد الحياة هم ومن يقومون برعايتهم.
مبادرات مجتمعية
وفي هذا السياق، قال عبد الغني صالح، وهو عاقل إحدى الحارات في صنعاء، للمشارق إن "مبادرات مجتمعية ومن السكان المقتدرين وفاعلي الخير يتناوبون على تعبئة خزانات مياه توزيع المياه الصالحة للشرب في الحي الذي أعيش فيه".
وأضاف أن "ارتفاع نسبة الفقر والبطالة والظروف المعيشية وارتفاع كلفة المعيشة جعلت عملية الشراء من سيارات بيع المياه صعبا جدا".
وأشار إلى أن كل أسرة تحصل على 5 عبوات سعة الواحدة 20 لترا من خلال هذه المبادرات.
وأكد صالح أن "عدم توفر المياه ليوم واحد يثير حالة من الهلع لدى السكان في اليوم التالي حال توفر المياه".
وأوضح أن حل الأزمة الحالية يتطلب جهودا لتنظيم توزيع المياه وضمان وصول الأسر إليها حسب حاجتهم.
وبدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت للمشارق إن أزمة المشتقات النفطية في السنوات الماضية أدت إلى رفع كلفة نقل المياه بصورة كبيرة، وقد ترافق ذلك مع انخفاض القدرة الشرائية وتوقف الخدمات.
وتابع أن "تعطل خدمات المياه عبر المؤسسات المحلية الحكومية نتيجة عدم توفر الديزل، ما جعل معظم السكان يعتمدون على سيارات بيع المياه وهذا رفع الطلب عليها ورفع أسعارها بشكل جنوني".
وأشار إلى أن "المبادرات المجتمعية تبرعت بخزانات مياه للأحياء التي هي بحاجة إلى مياه، وهذا أوجد حلا للعائلات التي لا تستطيع تحمل كلفة شراء تلك الخزانات".
وذكر أن اليونسيف تعاونت مع الجهود المجتمعية لتوفير مياه الشرب ودعم مؤسسات المياه المحلية بالوقود لضخ المياه.
وأضاف أنها ساعدت أيضا في إنشاء خزانات المياه وشراء المياه، خاصة في المناطق التي لا تتوفر فيها.
ومن جانبه، شدد المحلل الاقتصادي فارس النجار على أهمية استمرار مساهمة اليونيسف بتوفير المياه النظيفة للشعب اليمني.
وقال في حديثه للمشارق إنه يأمل أن تتوسع هذه الجهود لتشمل كل المناطق المتضررة من توقف خدمات المياه، وخصوصا مخيمات النازحين.