اللاجئين

الفيضانات والأوبئة تضاعف معاناة النازحين في اليمن

نبيل عبد الله التميمي

زوجة بندر سالم تحمل مولودها الجديد داخل خيمتهما بصنعاء في آب/أغسطس الماضي. [هيثم محمد/المشارق]

زوجة بندر سالم تحمل مولودها الجديد داخل خيمتهما بصنعاء في آب/أغسطس الماضي. [هيثم محمد/المشارق]

صنعاء - نزح بندر سالم من ميناء الحديدة اليمني قبل 3 سنوات، ويعيش اليوم مع عائلته المكونة من 4 أفراد في خيمة أقيمت على أحد الأرصفة بجوار حديقة بوسط صنعاء ولا تقيهم أهوال العوامل الجوية.

الحرب التي طال أمدها والتي اندلعت عندما شن الحوثيون انقلابًا في صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014 تسببت بخسارة هذه الأسرة لمنزلها ولقمة عيشها، مما جعلها تعتمد على المساعدات الإنسانية التي غالبًا ما تسرقها الجماعة المدعومة من إيران أو تحولها لإطعام مقاتليها.

واستقبل سالم وزوجته مولودا جديدا منذ أقل من أسبوعين، لكنهما يعجزان عن توفير ما يحتاجه من حليب أو ما يكفي من طعام لباقي أفراد الأسرة.

وقال "أعمل في جمع العلب والزجاجات البلاستيكية وأكسب منها يوميا 600 ريال يمني (2.40 دولار)".

صورة لبندر سالم وهو يقف إلى جانب خيمته العائلية بصنعاء في آب/أغسطس الماضي. [هيثم محمد/المشارق]

صورة لبندر سالم وهو يقف إلى جانب خيمته العائلية بصنعاء في آب/أغسطس الماضي. [هيثم محمد/المشارق]

صورة التقطت في آب/أغسطس لبندر سالم، وقد ذكر أنه يكسب قوت يومه الهزيل عبر جمع العلب والزجاجات البلاستيكية الفارغة. [هيثم محمد/المشارق]

صورة التقطت في آب/أغسطس لبندر سالم، وقد ذكر أنه يكسب قوت يومه الهزيل عبر جمع العلب والزجاجات البلاستيكية الفارغة. [هيثم محمد/المشارق]

وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي يواجهونها، يبدو أن سالم وعائلته أفضل حالا من شقيقه مهدي الذي ينام على فرشة بجوار خيمة سالم ويعاني لإعالة أطفاله الذين ما زالوا يعيشون في الحديدة.

وقال مهدي إنه كان يعمل في ميناء الحديدة لكنه خسر وظيفته واضطر للتوجه إلى صنعاء "للبحث عن عمل من أجل توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته المكونة من 7 أولاد".

4.3 مليون نازح

وبحسب مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي وهو منظمة غير حكومية مقرها اليمن، تلوح المجاعة في أفق اليمن وسط الحرب المتواصلة.

وجاء في تقرير نشرته مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في آب/أغسطس الماضي، أنه "يوجد [في اليمن] رابع أكبر عدد من النازحين داخليا في العالم".

وذكر التقرير أن عدد النازحين اليمنيين يقدر بـ 4.3 مليون نازح، مضيفا أن البلاد تضم أيضا 95815 لاجئا وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا.

وبحسب التقرير، نزح نحو 286 ألف يمني في عام 2021، فيما أجبر ما يقارب الـ 40 ألف شخص على الفرار من ديارهم منذ كانون الثاني/يناير 2022.

وذكر أنه بعد مرور 7 سنوات على اندلاع الحرب المدمرة، يعتمد نحو 23.4 مليون يمني (أي 73 في المائة من إجمالي السكان) على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.

وفي هذا السياق، قال رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين نجيب السعدي، إن أكثر من 3 ملايين نازح يعيشون في مناطق سيطرة الحكومة، بينما يعيش الباقون في المناطق الخاضعة للحوثيين المدعومين من إيران.

وأشار إلى أن النازحين يشكلون 13 في المائة من إجمالي سكان اليمن.

الأزمة الإنسانية في اليمن

وأضاف السعدي أن "انتقال النازحين من المجتمعات الحضرية مثل أمانة العاصمة صنعاء وإب إلى مجتمعات أو محافظات هشة اقتصاديا وغير مؤهلة من حيث البنية التحتية للخدمات مثل مأرب وحضرموت وبعض المديريات في الساحل بالحديدة وتعز، ضاعف من الأزمة الإنسانية في اليمن".

هذا وأشارت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين إلى أن الأمطار الغزيرة التي شهدها اليمن مؤخرا ألحقت أضرارا بجميع مخيمات النازحين في مختلف أنحاء البلاد.

وقالت الوحدة إن المخيمات في مأرب كان الأكثر تضررا، إذ جرفت الأمطار عددا منها بشكل كامل.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية في 18 آب/أغسطس أن الفيضانات في مأرب دمرت آلاف الملاجئ، مضيفة أن فرقها الطبية قدمت المساعدة للمتضررين من الفيضانات.

وأقامت منظمة الصحة العالمية أيضا 34 نقطة للكشف المبكر عن الأوبئة.

وفي هذا الإطار، قال مدير مكتب الصحة بمحافظة مأرب أحمد العبادي إن مأرب التي تضم 3.15 مليون نازح و450 ألف مواطن يمني، تعاني من انتشار الأوبئة نتيجة الاكتظاظ.

وأضاف "تضاعفت المعاناة الإنسانية مع زيادة هطول الأمطار التي تحولت إلى فيضانات"، مشيرا إلى أن النازحين يعيشون في مخيمات هشة تفتقر إلى وسائل الصرف الصحي المناسبة.

وكشف العبادي أن الفحوصات السريعة سجلت 188 حالة إصابة بالكوليرا و180 إصابة بحمى الضنك، بالإضافة إلى إصابات بالملاريا.

تزايد حركة النزوح

من جهته، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن النازحين "هم الفئة الأكثر ضعفا في اليمن"، مطالبا الجهات الحكومية المعنية والمنظمات الدولية ببذل "جهود متضافرة لمساعدتهم وإنقاذهم".

وأوضح للمشارق أن الأمطار الموسمية تدمر مخيمات النزوح كل عام خاصة في مأرب، حيث يقع العديد من المخيمات ضمن المناطق الخاصة بمجاري السيول.

ولفت إلى أن نقص التمويل من المنظمات الدولية وارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، ضاعفا من معاناة النازحين الذين يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الغذائية.

ورجح أن يزداد عدد النازحين بسبب استمرار الحرب والمجاعة والفقر والتدهور المتواصل للظروف المعيشية في اليمن.

ومن جهة أخرى، قال إن انخفاض المساعدات دفع عددا متزايدا من اليمنيين إلى ترك منازلهم ليصبحوا مؤهلين للحصول على المساعدات التي توزع على السكان النازحين.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500