عدن -- كشف تقرير جديد أن مستويات المعيشة قد انخفضت في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران حيث تواجه نسبة كبيرة من السكان مصاعب في توفير الطعام.
فمع عدم تقاضي الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثيين رواتبهم على مدى أشهر، أجبر بعضهم على البحث عن سبل أخرى لتوفير لقمة العيش، أو اضطروا للبقاء دون طعام.
من بين هؤلاء الأستاذ في جامعة صنعاء عبد الله الحكيمي الذي اضطرته الحاجة إلى التحول لسائق سيارة أجرة.
ونشر الحكيمي على صفحته بموقع فيسبوك "عملي كسائق باص لن يقلل من مكانتي العلمية والأخلاقية وإنما هو وسام شرف على صدري في زمن يقل فيه احترام العلم والعلماء".
وفي منشور آخر على الفيسبوك، قالت الأستاذة بجامعة صنعاء، سامية الأغبري، إنها تحاول بيع بعض مقتنيات منزلها لتوفير لقمة العيش.
وخلص تقرير للأمم المتحدة أعد استنادا إلى بيانات مسح اقتصادي للاحتياجات الغذائية للشعب ونشر يوم 11 أيلول/سبتمبر الجاري، إلى أن سكان ثماني محافظات خاضعة لسيطرة الحوثيين تعيش في حالة انعدام كبير للأمن الغذائي.
وأضاف التقرير أن "54 في المائة من الأسر تعاني من صعوبات بسبب نقص الغذاء وتبنت استراتيجيات تكيّف قائمة على نمط استهلاك يشمل تقليص الوجبات اليومية".
وأوضح أن "استراتجيات التكيف المتبعة شملت تناول أطعمة أقل تفضيلا وتقليص حجم الوجبات".
وسجلت محافظة حجة معدل انتشار كبير لانعدام الأمن الغذائي والجوع، ونظام غذائي غير ملائم بناء على كل القياسات الخمسة التي تستخدم في تسجيل الجوع.
ومن بين المحافظات الأخرى التي تم مسحها، سجلت محافظات الحديدة والجوف والمحويت وعمران وذمار وإب وصنعاء معدل انتشار مرتفع لانعدام الأمن الغذائي في ثلاثة من القياسات الخمسة للأمن الغذائي.
وأظهر المسح الذي شمل 2452 أسرة من خلال المقابلات الهاتفية بمساعدة الكمبيوتر في جميع محافظات اليمن، لجوءهم إلى اتباع استراتيجيات التكيف مع الأزمة.
وأشار التقرير إلى أنه من بين الأسر التي تم مسحها، اختار 30 في المائة من الأسر اعتماد استراتجيات التكيف في حالات الطوارئ، بما في ذلك اقتراض المال وشراء الطعام عن طريق الائتمان وبيع الأصول المنزلية وتقليل النفقات الصحية.
أزمة متفاقمة
ويعتبر الحوثيين أنهم يفاقمون الوضع الراهن إلى حد كبير.
ففي حديثه للمشارق، قال وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي إن الجماعة التي تدعمها إيران تسعى لامتصاص كل خيرات البلد وفرض الضرائب على الأهالي تحت حجة جمع "الزكاة" وغيرها من الذرائع.
واتهم الحوثيين باستغلال الشعب اليمني "في حياته وفي مرضه وفي جوعه وفي مماته، إذ يعمدون إلى نقل هذه المشاهد المأساوية وتسويقها لدى المجتمع الدولي استدراجا للدعم".
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي فارس النجار للمشارق إن تدني مستوى قيمة العملة اليمنية وارتفاع التضخم الذي بلغ 47 في المائة سنويا، يؤكدان تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.
وأشار إلى أن إيقاف صرف الرواتب منذ العام 2016 لشريحة كبيرة من موظفي الدولة، ساهم في ارتفاع مؤشرات الفقر والمجاعة.
إلى هذا، فإن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانياأدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء، الأمر الذي جعل الكثير من الأسر عاجزة عن توفير احتياجاتها الغذائية.
ارتفاع معدل انعدام الأمن الغذائي
وأضاف النجار أن حالة انعدام الأمن الغذائي "تزداد يوما بعد يوم"، مشيرا إلى أنها أثّرت على 19.5 مليون يمني العام الماضي، مقابل 16 مليون في العام الذي سبقه.
ولفت إلى أن "ذلك يعني أن 3.5 مليون دخلوا دائرة انعدام الأمن الغذائي في عام واحد".
ودعا إلى ضرورة تغيير أنماط سلوك الاستهلاك، حيث أن الغالبية ما تزال تعتمد على القمح، وهي سلعة مستوردة وسعرها يستمر في الارتفاع خصوصا مع الحرب ضد أوكرانيا.
وأوضح أن الأنواع الأخرى من الحبوب التي يمكن الاعتماد عليها سعرها أرخص وهي أكثر توفرا.
من جهته، أوضح وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، نبيل عبد الحفيظ، أن غرض تقرير الأمم المتحدة هو "تسليط الضوء على الوضع في اليمن وحث المانحين على تقديم المزيد من الدعم".
وفي عام 2022، سعى مجتمع المنظمات الإنسانية لجمع 4.27 مليار دولار أميركي لتوفير المساعدة الممنهجة لـ 17.3 مليون شخص في اليمن.
إلا أنه لم يتم حتى الأن سوى جمع أقل من نصف هذا المبلغ.