روسيا تغضب إيران بشأن جزر الخليج المتنازع عليها، في محاكاة لموقف الصين

استدعت إيران يوم الأربعاء، 12 تموز/يوليو، السفير الروسي لديها للاحتجاج على بيان صدر مؤخرا عن دول الخليج وروسيا بشأن ثلاث جزر تخضع لسيطرة إيران لكن الإمارات العربية المتحدة تطالب بالسيادة عليها.

فأثناء المباحثات يوم الاثنين، دعا وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وروسيا للتوصل "لحل سلمي" لمسألة جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى ونزاع إيران والإمارات عليها.

وحث الوزراء على التوصل لتسوية من خلال "المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية وفقا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".

ويوم الأربعاء، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إنها استدعت السفير الروسي آلكسي ديدوف وعبرت عن "اعتراضات الجمهورية الإسلامية بشأن محتوى البيان".

كما "طالبت بتصحيح موقف الاتحاد الروسي بشأن هذه القضية".

ولطالما كانت الجزر الاستراتيجية الثلاثة، التي تقع في الخليج بالقرب من مدخل مضيق هرمز الذي يمر عبره خمس الإنتاج العالمي من النفط، مصدرا للخلاف بين الإمارات وإيران.

وتشكل الجزر خط صدع بين إيران وجيرانها في الخليج، وتعتبر إيران أي تدخل خارجي في النزاع كخيانة سياسية، لا سيما حين يبدو أنه يقوض الموقف الإيراني.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كناني يوم الثلاثاء إن الجزر "تابعة لإيران للأبد، لذا فإن إصدار مثل هذه البيانات يتعارض مع علاقات الصداقة بين إيران وجيرانها".

وكانت الجمهورية الإسلامية قد كثفت في الأشهر الأخيرة من تحركاتها الدبلوماسية لتقليل عزلتها والتخفيف من تأثير العقوبات.

ففي آذار/مارس، وافقت إيران على استعادة العلاقات مع منافستها الإقليمية، وهي المملكة العربية السعودية، بموجب اتفاق أبرم بوساطة صينية. ومنذ ذلك الحين، كانت إيران تتطلع لمد الجسور مع بلاد أخرى في المنطقة، بما في ذلك مصر والمغرب.

والأسبوع الماضي، أصبحت الجمهورية الإسلامية عضوا في منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم الصين وروسيا والهند.

التعاون الإيراني-الروسي

هذا وقد كثفت كل من إيران وروسيا، وكلاهما من البلدان المنبوذة المعزولة، من تعاونهما في العام الماضي في العديد من المجالات.

فقد كانت إيران تمد روسيا بمركبات جوية غير مأهولة تستخدمها موسكو في حربها على أوكرانيا، كما أنها تقوم ببناء مصنع مسيرات في روسيا، وفي الوقت عينه تستخدم مكونات صينية جديدة في تصنيع المسيرات.

وقد شجبت الولايات المتحدة استخدام روسيا للمسيرات الإيرانية في أوكرانيا، إذ استعملتها لاستهداف السكان المدنيين، ووصفته بـ "الأمر المروع".

ومقابل إمداد روسيا بالمسيرات، فقد سعت إيران للحصول على أعداد كبيرة من المروحيات الهجومية والطائرات الحربية وأنظمة الدفاع الجوي الروسية.

كما وقع البلدان اتفاقيات في القطاع الصناعي، ستقوم إيران على أساسها بتصدير السيارات إلى روسيا.

وأوردت وكالة الأنباء الروسية تاس أن شركة سايبا الإيرانية المصنعة للسيارات وقعت عقدا بقيمة 450 مليون دولار في شباط/فبراير لتصدير 45 ألف سيارة إلى روسيا خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وقد اعتمدت إيران على روسيا بصورة كبيرة وسط عزلتها الدولية.

وأثناء رحلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إيران، ذهب المرشد الإيراني علي خامنئي إلى حد الإشادة بالحرب الروسية على أوكرانيا، ووصف حلف الناتو بأنه "كائن خطير".

التدخل في الشؤون الإيرانية

إلى هذا، اعتمدت إيران بصورة كبيرة على الصين في السنوات القليلة الماضية، حيث وقعت معها اتفاق شامل يمتد 25 عاما للتعاون في مختلف القطاعات.

لكن خلال رحلة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية في كانون الأول/ديسمبر الماضي، أصدرت الصين بيانا مشتركا مع دول الخليج ذُكرت فيه مسألة الجزر المتنازع عليها.

ودعم البيان التوصل إلى "حل سلمي" لتسوية النزاع بشأن الجزر الثلاثة بين إيران والإمارات العربية المتحدة.

واحتجت طهران أيضا على موقف بيجين، لكنها لم تصل إلى حد استدعاء السفير الصيني لدى إيران، في خطوة أغضبت عددا كبيرا من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانيين.

وأشارت وسائل إعلام إيرانية إلى "استياء" المسؤولين الإيرانيين من نظرائهم الصينيين "على خلفية التدخل في الشؤون السياسية لإيران وسيادتها".

وفي هذا الإطار، قال رئيس المجلس الاستراتيجي الإيراني للشؤون الخارجية كمال خرزاي، وهو أحد المعينين من قبل خامنئي، إن "هذا الخطأ مماثل لسيناريو نقوم فيه بالتعليق على تايوان، التي هي جزء من الأراضي الصينية، ونثير استياء" الصينيين.

وكانت إيران قد نفذت سياسة تهدف لتقوية العلاقات مع الشرق، وهو الأمر الذي يتعارض أيديولوجيا مع المبدأ الموجه للجمهورية الإسلامية، الذي يؤكد خصوصيتها، حسبما قال مراقبون.

فموجب سياسة "التوجه نحو الشرق"، قامت إيران بتوسيع علاقاتها على نحو متزايد مع دول الشرق، لا سيما الصين وروسيا، تحت ذريعة تحفيز اقتصادها شبه المفلس ومقاومة العقوبات الدولية.

وكان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قد وضع المبادئ التوجيهية لتطبيق سياسة "التوجه نحو الشرق"، وكلف الرئيس إبراهيم رئيسي بتنفيذها.

وعلى الرغم من موقف النظام الإيراني الخانع نحو روسيا والصين، فإن البلدين الشرقيين قد أثبتا مرارا وتكرارا، بما في ذلك في مسألة الجزر المتنازع عليها، أن إيران لا تمثل أولوية أو أفضلية لهما.