عدالة

مع يأسها وعزلتها، إيران تجد نفسها في حالة حرب فعلية مع أوكرانيا

فريق عمل المشارق

الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي يقف إلى جوار بقايا طائرة مسيرة إيرانية يوم 28 تشرين الأول/أكتوبر. [President.gov.ua]

الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي يقف إلى جوار بقايا طائرة مسيرة إيرانية يوم 28 تشرين الأول/أكتوبر. [President.gov.ua]

في السنوات الأخيرة، بات تعبير "دولة منبوذة" مرادفا لوضع إيران، ورسخت الجمهورية الإسلامية مؤخرا صورتها تلك عندما قررت بيع طائرات مسيرة إلى روسيا في خضم حربها ضد أوكرانيا.

وبسبب عزلتهوالعقوبات المفروضة عليهوإفلاسه، يستمر النظام الإيراني في ارتكاب انتهاكات سياسية واقتصادية وانتهاكات حقوق إنسان جسيمةعلى الجبهة الداخليةوفيالمنطقة، والآن على الساحة العالمية أيضا.

ففي صورة نشرت على موقع الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي يوم 28 تشرين الأول/أكتوبر، نشاهد الزعيم المحاصر وهو يقف إلى جوار بقايا مسيرة إيرانية من طراز شاهد-136.

وكانت كييف وحلفاؤها الغربيون قد اتهموا روسيا مرارا وتكرارا باستخدام مركبات جوية غير مأهولة إيرانية الصنع، التي تعرف بصورة عامة باسم الطائرات المسيرة، في الهجمات التي شنت على أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقي المرشد الإيراني علي خامنئي خلال زيارة إلى طهران في تموز/يوليو. [إنديبندينت فارسية]

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقي المرشد الإيراني علي خامنئي خلال زيارة إلى طهران في تموز/يوليو. [إنديبندينت فارسية]

تشير التقارير إلى أن المسيرات الإيرانية من طراز ميراج قد ترسل إلى روسيا لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا. [إعتماد أونلاين]

تشير التقارير إلى أن المسيرات الإيرانية من طراز ميراج قد ترسل إلى روسيا لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا. [إعتماد أونلاين]

وأفادت وسائل إعلام أن روسيا قد استخدمت تلك المسيرات في هجماتها على البينة التحتية الكهربائية وأهداف مدنية أخرى في أوكرانيا.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر، إن استخدام روسيا للمسيرات الإيرانية "مروع"، مضيفا أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيسعون لمنع وصول تلك الشحنات.

وأضاف بلينكن أن روسيا قد استخدمت تلك المسيرات "لقتل المدنيين الأوكرانيين وتدمير البنية التحتية التي يعتمدون عليها في الحصول على الكهرباء والماء والتدفئة".

وإضافة إلى إمداد روسيا بالمسيرات، أرسلت إيران مدربين إلى أوكرانيا المحتلة لمساعدة الروس في التغلب على المشاكل التي يواجهونها مع أسطول المسيرات الذي اشتروه من طهران، حسبما أوردت صحيفة نيويورك تايمز يوم 18 تشرين الأول/أكتوبر.

وأضافت الصحيفة أن المدربين الإيرانيين، وهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني، يعملون انطلاقا من قاعدة عسكرية روسية في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا بصورة غير قانونية وحيث يقع مقر الكثير من المسيرات منذ تسلمها من إيران.

ووفق زيلينسيكي، طلبت موسكو شراء نحو 2000 مسيرة من إيران، تم استخدام 400 منها بالفعل ضد السكان المدنيين في أوكرانيا.

وحتى الآن تم تحديد نموذجين من الطائرات المسيرة الإيرانية في سماء أوكرانيا: شاهد -136 ومهاجر-6، وكلاهما ينتمي إلى نوع يشار إليه على نطاق واسع باسم الطائرات بدون طيار ذات الارتفاع المتوسط المتميزة بقدرة احتمال طويلة.

نقلت إنسايت ميديا يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول عن الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، جان كريستوف نويل، قوله إن سبب النجاح الأولي للطائرات المسيرة يكمن "في كونها سلاحا جديدا يدخل ساحة المعركة".

من جهته، لفت الباحث في جامعة السوربون بيار غراسر إلى أن مثل هذه المسيرات تعتبر "بالنسبة لروسيا خطوة توفر المال لأنها تسمح لها بعدم استخدام صواريخ كروز ذات الكلفة المرتفعة والتي تتراوح بين 1.5 مليون ومليوني دولار" لكل عملية إطلاق.

لكنه أضاف أن "عيبها الرئيس يمكن في عدم قدرتها على إصابة إلا الأهداف الثابتة".

استمرار إيران في الإنكار

وعلى الرغم من وجود أدلة كثيرة على مشاركة إيران في حرب روسيا ضد أوكرانيا، ولو بصورة غير مباشرة، نواصل إيران إنكار هذا الأمر، زاعمة أنها لم تبع أي مسيرات أو صواريخ إلى موسكو.

لكن صحيفة واشنطن بوست أوردت يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر، أن إيران كانت قد أوفدت مسؤولين إلى روسيا في منتصف شهر أيلول/سبتمبر من أجل وضع اللمسات الأخيرة على الشروط الخاصة بشحنات أسلحة إضافية، تتضمن بحسب معلومات نوعين من الصواريخ أرض-أرض الإيرانية.

وأشارت الصحيفة إلى أن "تقييما استخباراتيا تمت مشاركته مؤخرا مع مسؤولين أوكرانيين وأميركيين يؤكد على أن قطاع الأسلحة الإيراني يحضر لشحنة أولى من صواريخ فاتح-110 وذو الفقار".

وفي حين تنكر الحكومة الإيرانية بشدة استخدام مسيراتها ضد الأوكرانيين، أورد العديد من وسائل الإعلام المحلية، وبعضها محافظ، هذا الأمر.

وفي أيلول/سبتمبر، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة خدمات نقل جوي إيرانية ساعدت في شحن المسيرات إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا، محذرة الشركات غير الإيرانية من المشاركة في هذه التجارة.

وفرضت كذلك عقوبات على 3 شركات وشخص واحد على خلفية تورطهم في عمليات الأبحاث وتطوير وإنتاج وشراء المسيرات وقطعها لحساب الحرس الثوري الإيراني وقوة الفضاء والقوات البحرية التابعتين له.

توسيع العلاقات في العزلة

هذا وقامت إيران مؤخرا بتوطيد علاقاتها مع روسيا تحت ذريعة تحفيز اقتصادها شبه المنهار ومقاومة العقوبات الدولية.

إلا أن فكرة أن طهران وموسكو سيتعاونان بصورة مكثفة في أوكرانيا قد فاجأت العديد من المراقبين، بمن فيهم محللون روس بارزون متخصصون في الشأن الإيراني، وفقا لتقرير نشرته مجلة فورين بوليسي يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر.

وقالت المجلة إنه على الرغم من تقاربهما الأخير، فإن إيران وروسيا لديهما تاريخ طويل من العداء وعدم الثقةيعود لحقبة القياصرة، بما في ذلك سلسلة من الحروب بين البلدين والتدخل الروسي المتكرر في الشؤون السياسية لإيران.

كما أنه أثناء الحرب العراقية-الإيرانية في ثمانينات القرن العشرين، باعت روسيا أسلحتها ودباباتها المتهالكة للجمهورية الإسلامية بأسعار فلكية، وهي مستمرة في فعل ذلك، ما يثير المزيد من السخط داخل إيران.

وتنتشر مشاعر سخط عميقة ضد روسيا في إيران، حيث يعتبر الكثير من الإيرانيين أن الاتفاقات الأخيرة بين روسيا والنظام الإيراني تتعارض مع مصالح بلدهم.

وكانت الحكومة الإيرانية قد وقعت اتفاقا استراتيجيا طويل الأجل مع روسيا، وذلك قبيل إعلان انضمام طهران لعضوية منظمة شنغهاي للتعاون في أيلول/سبتمبر.

لكن بدلا من مساعدة اقتصاد إيران الذي تعصف به الأزمات مثلما تزعم الدعاية الحكومية دون ملل أو كلل، فإن عضوية منظمة شنغهاي للتعاون تفتح الباب على مصراعيه أمام موسكو للوصول أحاديا لموارد إيران.

وقالت هيئة الطيران المدني الإيرانية يوم 26 تموز/يوليو إنه سيتم التوقيع على اتفاق آخر "لتصدير قطع غيار ومعدات إيرانية الصنع إلى روسيا وتقديم الخدمات التقنية وأعمال الإصلاح للطائرات الروسية في مراكز إصلاح الطائرات في إيران".

وقد وصف المحللون الاتفاقات بأنها "تبيع إيران".

إلى هذا، هددت موسكو أحد مصادر الدخل الحيوية لإيران من بيع النفط، وذلك عبر اجتذاب عملاء طهران السابقين، ومن بينهم الصين، ما أجبر إيران على تقديم المزيد من التخفيضات على سعر نفطها الخام الرخيص أصلا، وفقا لتقرير لبلومبيرغ.

واضطرت طهران لخفض سعر نفطها الخام المصدر لمضاهاة سعر نفط جبال الأورال الروسية، بحسب التقرير.

التضامن مع موسكو

وأثناء زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران في تموز/يوليو، عبر المرشد الإيراني علي خامنئني عن تضامنه مع موسكو.

ومتخليا عن النبرة المحافظة التي كان قد استخدامها سابقا فيما يتعلق باعتداء روسيا على أوكرانيا، أشاد خامنئي بـ "إبداع" بوتين، مضيفا أن "حلف الناتو كان سيبدأ حربا" لو أن بوتين لم يأخذ زمام المبادرة.

ووصف خامنئي حلف الناتو بأنه "كائن خطير".

وأثناء الاجتماع، دعا المرشد الإيراني أيضا لتوطيد "التعاون طويل الأجل" مع روسيا.

وعقب هذه التعليقات، وصفت صحيفة جوان اليومية المقربة من الحرس الثوري غزو روسيا لأوكرانيا بأنه "دفاع مشروع ومدبّر" و"جهاد دفاعي".

وأثار دفاع خامنئي عن العدوان الروسي على أوكرانيا ردود أفعال منتقدة داخل إيران نفسها، إذ عبر نشطاء سياسيون وصحافيون عن مخاوف حيال تلك التعليقات، لا سيما فيما يتعلق بحلف الناتو.

هذا وأدت قرارات النظام الإيراني وأفعال الحرس الثوري الإيراني إلى فرض عقوبات قاسية على إيران والتسبب في تضخم مصحوب بركود اقتصادي.

ويوم 23 أيلول/سبتمبر، قررت كييف تقليص علاقاتها الدبلوماسية مع طهران بشكل كبير على خلفية شحنات الأسلحة إلى روسيا.

كما فرض مجلس الاتحاد الأوروبي في 20 تشرين الأول/أكتوبر عقوبات على ثلاثة أفراد وكيان فيما يتعلق باستخدام المسيرات الإيرانية في حرب روسيا ضد أوكرانيا.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500