يواصل النظام الإيراني تهديد السفن النفطية في مضيق هرمز الذي يعد أحد أكثر الممرات المائية ازدحاما في العالم، وذلك من خلال استفزازات "خطيرة" و"أعمال قرصنة".
وقالت القيادة المركزية الأميركية في بيان إن قارب دوريات تابعا للحرس الثوري الإيراني قام في مطلع كانون الأول/ديسمبر باعتراض سفينتين تابعتين للبحرية الأميركية "بطريقة غير آمنة وغير مهنية" في مضيق هرمز.
واقترب القارب من السفينة القاعدة البحرية الاستكشافية يو أس أس لويس بي. بولر ومن مدمرة الصواريخ الموجهة يو أس أس ذي ساليفنس أثناء عبورهما بصورة روتينية في المياه الدولية بتاريخ 5 كانون الأول/ديسمبر.
وجاء في البيان أن "القارب الإيراني حاول حجب الرؤية عن برج السفينة عبر تسليط الضوء عليه واقترب على بعد 150 ياردة [137 مترا] من السفينتين الأميركيتين، وهي مسافة تعد خطيرة لا سيما في الليل".
وفي حين عملت السفينتان الأميركيتان على خفض التصعيد بواسطة تحذيرات صوتية وأشعة ليزر غير فتاكة، حذرت القيادة المركزية الأميركية من أن أفعال البحرية الإيرانية "انتهكت المعايير الدولية للسلوك البحري المهني والآمن، ما يزيد من خطر سوء التقدير والتصادم".
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم القيادة الكولونيل جو بوتشينو إن "هذا التحرك الخطير في المياه الدولية يؤشر إلى النشاط الإيراني المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط".
وذكر مسؤولون أميركيون أنه قبل أيام قليلة من ذلك، أي في 1 كانون الأول/ديسمبر، قامت سفينة يو أس أس لويس بي. بولر باعتراض 50 طنا من الأسلحة التي كانت في طريقها إلى اليمن من على متن سفينة صيد تبحر في ممر تهريب بحري أساسي تستخدمه طهران.
وضمت الشحنة طلقات ذخيرة وفتائل ووقود المستخدم للصواريخ. وقال الأسطول الأميركي الخامس ومقره البحرين في بيان، إن عملية الاعتراض تشكل "ثاني أكبر عملية ضبط لأسلحة غير شرعية في غضون شهر" على هذا المسار.
وذكر قائد الأسطول الخامس نائب الأدميرال براد كوبر أن "عملية الاعتراض المهمة هذه تعكس بوضوح استمرار إيران بعمليات النقل غير القانونية للمساعدات الفتاكة وبسلوكها المزعزع للاستقرار".
وأضاف أن "القوات البحرية الأميركية تبقى مصممة على ردع وتعطيل الأنشطة البحرية الخطيرة وغير المسؤولة في المنطقة".
وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر، قالت البحرية الأميركية إنها أغرقت قاربا كان ينقل "موادا متفجرة" من إيران لتزويد الحوثيين بها، وكان على متنه ما يكفي لإطلاق 12 صاروخا بايستيا.
ممر نفطي حيوي
وفي ظل أزمة الطاقة العالمية التي تسبب بها غزو روسيا لأوكرانيا، أصبح مضيق هرمز الحيوي الذي يمر عبره خمس الإنتاج العالمي من النفط، حتى أكثر أهمية.
ويفصل المضيق بين إيران وعمان، ويربط الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب.
ويتم شحن معظم النفط الخام المصدّر من السعودية وإيران والإمارات والكويت والعراق عبر الممر المائي.
وهددت إيران بإقفال الممر المائي الاستراتيجي مرات عدة خلال السنوات الماضية.
وفي هذا السياق، كان المحلل الاستراتيجي العماني عبد الرحمن الكثيري قد قال للمشارق عام 2019 عقب ورود تهديد مماثل، إنه في حال نفذت إيران بالفعل تهديداتها وأغلقت المضيق في أضيق نقطة له (بعرض 3.2 كيلومتر تقريبا)، "فستكون السيناريوهات المطروحة كارثية للغاية إذ قد تشهد المنطقة حربا لا هوادة فيها".
وأضاف "ستحدث فورة في أسعار النفط بفعل نقص الإمدادات العالمية بنحو 20 في المائة على الأقل"، لافتا إلى أن "هذه مخاطر تدركها [إيران] جيدا".
هذا واتهمت واشنطن بصورة متكررة الحرس الثوري بعرقلة الملاحة البحرية في المضيق.
وفي حزيران/يونيو، أجبرت سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية على إطلاق وهج تحذيري لإبعاد قارب سريع تابع للحرس الثوري كان بحسب المعلومات يتوجه نحوها في مضيق هرمز.
وخلال المواجهة التي استمرت ساعة من الوقت، اقتربت السفينتان بمسافة 45 مترا بين بعضهما البعض، وهي مسافة أخطر من المسافة التي سجلت في حادثة الشهر الجاري.
وفي أيار/مايو، صعد الحرس الثوري على متن ناقلتي نفط تحملات الجنسية اليونانية في الخليج وقام باحتجازهما.
ودانت اليونان احتجاز إيران للسفينتين، قائلة إن هذا الفعل "يرقى إلى أعمال قرصنة".
كذلك في نيسان/أبريل، حصلت مواجهة دامت ساعات عدة وطبعها التوتر بين 3 سفن إيرانية وعدة قوارب تابعة لخفر السواحل والبحرية الأميركية، في ظل خروج القوارب الأميركية من الخليج العربي عبر مضيق هرمز.
وفي كانون الثاني/يناير 2021، احتجزت البحرية الإيرانية الناقلة التابعة لكوريا الجنوبية هنكوك شيمي أثناء مرورها في مضيق هرمز. وتم احتجاز الناقلة بسبب سعي إيران للإفراج عن أموال إيرانية مجمدة في بنوك بكوريا الجنوبية، ولم يطلق سراحها إلا بعد 4 أشهر.
توتر إقليمي
وتبقى إيران مصدر توتر إقليمي دائم، في ظل دعمها المقاتلين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وانتهاكها العقوبات الدولية، وهي اليوم تتعاون مع روسيا وفي حرب هذه الأخيرة بأوكرانيا..
وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر، شن الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن هجوما بواسطة مسيرة مسلحة واحدة على الأقل قيل إنها استهدفت سفينة بالقرب من الضبة، وهي محطة نفطية بالقرب من الشهر شرقي المكلا مركز محافظة حضرموت.
كذلك في 9 تشرين الثاني/نوفمبر، هاجمت الميليشيا ناقلة نفط كانت راسية في ميناء قنا بمحافظة شبوة الجنوبية إلى الشرق من حضرموت.
وفي 21 تشرين الأول/أكتوبر، هاجمت الجماعة ميناء الضبة بطائرتين مسيرتين في أول هجوم من نوعه يحصل منذ انتهاء مدة الهدنة بين الميليشيا والحكومة الشرقية في 2 تشرين الأول/أكتوبر.
وقد طالب السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فايغن في 21 تشرين الثاني/نوفمبر الحوثيين "بالعودة إلى طاولة التفاوض ووقف الحرب المدمرة ولعب دور بناء في تحقيق تسوية سياسية شاملة".
وذكر أن هجمات الحوثيين على موانئ اليمن ستلحق الضرر بالشعب اليمني وحده إذ أنها ستفاقم النقص في الوقود. وطالب الجماعة المدعومة من إيران بوقف تهديداتها الموجهة إلى التجارة البحرية العالمية.
وحتى فيما يتعامل حلف شمال الأطلسي مع غزو روسيا غير المبرر لأوكرانيا، فإن الدول الأعضاء بما فيها الولايات المتحدة، تحافظ على تواجد لها في المناطق الاستراتيجية مثل بحر العرب.
ويشكل بحر العرب الذي يقع بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، الممر المائي الذي يتوجب على كل السفن الإيرانية عبوره للوصول إلى الموانئ العالمية، كما يمثل رابطا رئيسا في "عقد اللؤلؤ" التابع لبيجين، علما أن هذه استراتيجية لربط البر الرئيسي في الصين بالقرن الإفريقي عبر شبكة من المرافق العسكرية والتجارية.
وفي هذه الأثناء، تستخدم روسيا المسيرات الإيرانية الصنع لاستهداف عاصمة أوكرانيا كييف ومواقع أساسية أخرى.
وتأتي الهجمات في أعقاب عقوبات جديدة على موردي المسيرات الإيرانية وتحذيرات بأن إيران وروسيا تدخلان في "شراكة دفاعية كاملة".