تحليل

ما طبيعة التعاون العسكري الغامض بين إيران وروسيا؟

فريق عمل المشارق ووكالة الصحافة الفرنسية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقي بنظيره الإيراني إبراهيم رئيسي على هامش قمة قادة منظمة شنغهاي للتعاون التي عقدت في سمرقند يوم 15 أيلول/سبتمبر الماضي. [ألكسندر ديميانشوك/سبوتنيك/وكالة الصحافة الفرنسية]

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقي بنظيره الإيراني إبراهيم رئيسي على هامش قمة قادة منظمة شنغهاي للتعاون التي عقدت في سمرقند يوم 15 أيلول/سبتمبر الماضي. [ألكسندر ديميانشوك/سبوتنيك/وكالة الصحافة الفرنسية]

تزوّد إيران روسيا بالمسيرات لحربها ضد أوكرانيا، وقد ذكر محللون أن مثل هذا التعاون العسكري له أهمية كبيرة جدا لطهران في مرحلة تعد حساسة بالنسبة لقيادتها.

ووصفت الولايات المتحدة استخدام روسيا للمسيرات الإيرانية بالأمر "المروع"، بعد تعرض سكان كييف ومدن أخرى لسلسلة من الهجمات.

وقالت أوكرانيا إن نحو 400 مسيرة إيرانية قد استخدمت بالفعل ضد سكانها المدنيين، من بين نحو 2000 مسيرة طلبت موسكو شراءها. ونفت طهران هذه المزاعم.

ولكن في صورة نشرت على الموقع الإلكتروني للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 28 تشرين الأول/أكتوبر، شوهد الزعيم المحاصر وهو يقف إلى جانب بقايا مسيرة إيرانية الصنع من طراز شاهد-136.

محتجون يتظاهرون أمام السفارة الإيرانية في كييف بأوكرانيا يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر، بعد تعرض المدينة لقصف بواسطة أسراب من المسيرات الانتحارية التي باعتها إيران لروسيا، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 3 أشخاص. [سيرغي تشوزافكوف/وكالة الصحافة الفرنسية]

محتجون يتظاهرون أمام السفارة الإيرانية في كييف بأوكرانيا يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر، بعد تعرض المدينة لقصف بواسطة أسراب من المسيرات الانتحارية التي باعتها إيران لروسيا، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 3 أشخاص. [سيرغي تشوزافكوف/وكالة الصحافة الفرنسية]

يُذكر أن إيران وروسيا اللتين تعدان قوتين إمبرياليتين سابقتين تنافستا على مدى عقود للسيطرة على منطقة بحر قزوين، ارتبطتا بعلاقة دقيقة وحساسة للغاية طبعت بالتنافس والتعاون في آن معا.

وبات كسب روسيا كحليف مقرب أكثر إغراء بعد اليوم بالنسبة للقيادة الإيرانية، إذ تستطيع بذلك الاعتماد على موسكو لغض الطرف عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان ومخالفاتها الاقتصادية في الداخل وفي المنطقة.

ولكن سيشكل استخدام روسيا للمسيرات الإيرانية ضد أوكرانيا، نقطة تحول في هذا التعاون بين الدولتين.

وبالإضافة إلى تزويد روسيا بالمسيرات، أرسلت إيران مدربين إلى أوكرانيا المحتلة لمساعدة الروس في التغلب على المشاكل المرتبطة بأسطول المسيرات الذي اشتروه من طهران، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في 18 تشرين الأول/أكتوبر.

وقالت الصحيفة إن المدربين الإيرانيين وهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني، ينتشرون في قاعدة عسكرية روسية في شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو بشكل غير قانوني وحيث يتواجد العديد من المسيرات بعد تسلمها من الجانب الإيراني.

صفقات عسكرية

وفي هذا السياق، قال مدير برنامج أمن المواد النووية التابع لمبادرة التهديد النووي ومقرها واشنطن إريك بروير، "قد تعتبر إيران فعلا استخدام مسيراتها ضد أوكرانيا المدعومة من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وسيلة لضرب الغرب في فنائه".

وأضاف "قد تنظر إيران إلى الدمار الذي أحدثته مسيراتها في أوكرانيا على أنه تذكير وتحذير للولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج بشأن ما يمكن أن تفعله في حال تعرضت لها".

ومن جانبه، أكد الباحث في جامعة السوربون بيار غراسر أن مثل هذه المسيرات تشكل "بالنسبة إلى روسيا وسيلة لتوفير المال، إذ أنها توفر استخدام صواريخ كروز الغالية والتي تتراوح قيمتها بين 1.5 مليون ومليوني دولار" للضربة الواحدة.

ولكنه أضاف أن "عيبها الرئيس هو أنها لا تستطيع سوى ضرب الأهداف الثابتة".

ومن جهته، قال المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، إنه لن يؤكد التقارير التي تفيد بإمكانية تزويد طهران روسيا أيضا بصواريخ باليستية قصيرة المدى. ولكنه أعرب في الوقت عينه عن "قلقه بشأن احتمال" أن تزود إيران موسكو بصواريخ أرض-أرض.

وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر، نقلت صحيفة واشنطن بوست أن إيران أرسلت مسؤولين إلى روسيا في منتصف أيلول/سبتمبر لوضع اللمسات الأخيرة على شروط إرسال شحنات أسلحة إضافية، قيل إنها تشمل نوعين من الصواريخ الإيرانية أرض-أرض.

وأشارت الصحيفة إلى أن "تقييما استخباراتيا تمت مشاركته مؤخرا مع مسؤولين أوكرانيين وأميركيين يؤكد على أن قطاع الأسلحة الإيراني يحضر لشحنة أولى من صواريخ فاتح-110 وذو الفقار".

وفي الإطار نفسه، قال كولين كلارك مدير الأبحاث في مجموعة صوفان الخاصة للاستشارات الأمنية والاستخباراتية، إنه حتى تاريخ غزوها لأوكرانيا، أرادت موسكو أن "تبدو متعاونة" مع الجهود الدولية لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وإقناع طهران بالعودة إليه.

وأردف أن موسكو أكملت صفقة لبيع إيران نظام دفاع جويا من طراز أس-300 بموعد تسليم في عام 2016. وأوضح "ولكن منذ ذلك الحين، لم تبع موسكو أي دبابات أو مقاتلات أو سفن أو أنظمة قتالية أساسية جديدة لطهران".

الجيش الإيراني ’في حالة يرثى لها‘

ويمكن للتعاون أن يكون في الاتجاهين. فأشارت تقارير في أيلول/سبتمبر إلى أن إيران كانت مهتمة بشراء مقاتلات روسية من طراز سوخوي-35، علما أن هذه خطوة تعد منطقية نظرا إلى الحالة المتداعية لسلاحها الجوي.

وذكر المدير الأكاديمي لمؤسسة البحر المتوسط للدراسات الاستراتيجية بيار رازو، لوكالة الصحافة الفرنسية أن "الجيش الإيراني في حالة يرثى لها".

وقال إن بعض معداته عمرها نصف قرن وخدمت في الحرب الإيرانية-العراقية. وأضاف أنه كان على الجيش تحديث ترسانته، إلا أنه كان مقيدا بالعقوبات ما يعني أنه أجبر على "الاكتفاء بالمقايضة".

وبدوره، أوضح الباحث السياسي عبد النبي بكار في حديث للمشارق، أن الوضع المتفاقم للاقتصاد وقطاع النقل في إيران "لم تتسبب به العقوبات فقط، بل أيضا تحويل المال العام من قبل الحرس الثوري الإيراني لوكلائه في المنطقة".

وأشار محللون إلى أنه حتى لو اشترت إيران أنظمة دفاع جوي متطورة من روسيا، فلن تتمكن القوات الإيرانية من استخدامها بشكل صحيح.

وبحسب شرح نشر على مدونة رند في أيار/مايو 2020، فإن "العديد من الدول لا يعي تماما أن الدفاع الجوي الفعال يتطلب نظاما شبكيا متكاملا وليس مكونا واحدا لنظام صواريخ فقط".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500