قال مراقبون إن السياسة الإيرانية الجديدة التي وضعها المرشد الأعلى للبلاد بهدف تقوية العلاقات مع الشرق تتعارض إيديولوجيا بصورة مباشرة مع المبدأ التوجيهي الذي قامت عليه الجمهورية الإسلامية والذي يشدد على تفردها.
فقد وضع المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي المبادئ التوجيهية لتطبيق سياسة جديدة أساسها "النظر إلى الشرق"، وكلف الرئيس إبراهيم رئيسي بتنفيذها.
لكن "الشعار الثوري" الرئيس للجمهورية الإسلامية التي أسسها روح الله الخميني عام 1979، هو "لا شرقية ولا غربية".
وهذا الشعار منقوش على المبنى الرئيس لوزارة الخارجية الإيرانية في طهران.
وبحثا عن علاقات أعمق مع الشرق، توجه رئيسي إلى أوزبكستان يوم 14 أيلول/سبتمبر للقاء مسؤولين في طشقند والمشاركة في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند يومي 15 و16 أيلول/سبتمبر.
وكان طلب إيران للحصول على العضوية الكاملة في المنظمة قد قبل للدراسة يوم 17 أيلول/سبتمبر 2021، حين توجه رئيسي في أول رحلة له كرئيس إلى دوشانبي بطاجيكستان للمشاركة في قمة المنظمة ذلك العام.
وأصبحت طهران عضوا دائما في المنظمة أثناء قمة هذا العام في سمرقند، وهي القمة الثانية والعشرين للمنظمة، حسبما أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يوم 17 أيلول/سبتمبر.
وعلى هامش القمة الثانية والعشرين، تشاور رئيسي حول القضايا الإقليمية والأمنية مع مسؤولين من بلدان كثيرة، لا سيما روسيا والصين.
يذكر أن منظمة شنغهاي للتعاون تأسست في عام 2001 من قبل زعماء الصين وروسيا وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقيرغيزستان. ثم انضمت إليها كل من الهند وباكستان عام 2016.
الاستغلال من جانب واحد
وعمدت إيران على نحو متزايد إلى تعزيز علاقاتها مع البلدان الشرقية، لا سيما الصين وروسيا، بحجة تحفيز اقتصادها الذي قارب على الإفلاس ومواجهة العقوبات الدولية.
لكن بدلا من مساعدة اقتصاد إيران الذي تعصف به الأزمات مثلما تزعم الدعاية الحكومية دون ملل أو كلل، فإن عضوية منظمة شنغهاي للتعاون تفتح الباب على مصراعيه أمام كل من موسكو وبيجين للوصول أحاديا لموارد إيران.
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي سعيد مهدي زاده إن إجمالي واردات إيران من الصين والهند وباكستان وروسيا وكازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان بلغت نحو 3.118 تريليون دولار أميركي العام الماضي.
في المقابل، لم تبلغ صادرات إيران لتلك البلاد الثمانية أثناء الفترة نفسها سوى 12.26 مليار دولار أميركي، أي أقل من 0.5 في المائة من إجمالي وارداتها.
ووفق تقرير لوكالة بلومبورغ، بعدما أصبحت روسيا مقيدة بالعقوبات المفروضة عليها على خلفية غزوها لأوكرانيا، باتت الصين أكثر انجذابا للإمدادات الروسية بسبب رخص ثمنها، بعد أن كانت سابقا قد خاطرت باستيراد النفط والغاز من إيران بأسعار مخفضة على الرغم من العقوبات المفروضة على تلك الواردات.
وأضافت أن موسكو هددت أحد مصادر الدخل الحيوية لإيران عبر جذب عملاء طهران السابقين، ما أجبر إيران على تقديم المزيد من التخفيضات على نفطها الخام الرخيص أصلا.
وتبعا لذلك، اضطرت طهران لخفض سعر نفطها الخام لمضاهاة سعر نفط جبال الأورال الروسية، بحسب التقرير.
وكانت الحكومة الإيرانية قد وقعت اتفاقين استراتيجيين طويلي الأجل مع الصين وروسيا على التوالي، وذلك قبل الإعلان عن عضوية طهران في اتفاقية شنغهاي.
واعتبر الكثير من المحللين أن هذه الاتفاقيات "تبيع إيران".
عضوية منظمة شنغهاي للتعاون غير مرحب بها
وبين عام 2003 وأيلول/سبتمبر من العام الجاري حين انضمت للمنظمة، كانت إيران "دولة مراقب" في المنظمة بعد أن رفض طلبها الحصول على العضوية الدائمة عام 2015.
وقال مراقبون إن روسيا منعت انضمام إيران للمنظمة.
وأوضحوا أنه الآن بعدما أصبحت حكومة رئيسي تتوجه على نحو متزايد نحو روسيا، يبدو أن موسكو تخلت عن معارضتها السابقة لعضوية إيران الدائمة.
وقال محلل السياسة الدولية خوسرو جعفري للمشارق إنه على النقيض من دعاية الجمهورية الإسلامية، فإن عضوية إيران بالمنظمة لن تدعم اقتصادها.
وأضاف أن "روسيا كانت دوما قلقة من الخطر الذي تشكله الحركات المتأثرة بالإسلاموية، من القوقاز إلى تتارستان، ومن ثم فإن منظمة شنغهاي تكونت أساسا لمواجهة الإسلاميين".
وتابع أن "النظام الإيراني الذي يعتبر تصدير الإرهاب الإسلامي كمبدأ في سياسته الخارجية، يجب أن يتوقف عن تقوية الحركات الإسلامية، على الأقل في آسيا، لكي يرضي موسكو وبيجين ويصبح مقبولا بالكامل في المنظمة".
هذا وقوبل إعلان عضوية إيران في المنظمة بالرفض من القطاع الخاص الإيراني ومن خبراء الاقتصاد الإيرانيين الذين قالوا إنها لن تعالج الاقتصاد المعزول والمنفصل عن الشبكة المصرفية العالمية.