سياسة

الحذر ضروري في إفريقيا في ظل اندفاع الصين وروسيا للاستثمار فيها

فريق عمل المشارق ووكالة الصحافة الفرنسية

صورة التقطت للرئيس الكيني أوهورو كينياتا (في الوسط، بالصف الأمامي) في العاصمة الكينية نيروبي بتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر 2019، مع مسؤولين أثناء تكليف مستودع الحاويات الداخلية في مجمع نيفاشا بعمليات الشحن الخاصة بمشروع سكك الحديد القياسية. وقد مولت بيجين المشروع. [باتريك مينهاردت/وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة التقطت للرئيس الكيني أوهورو كينياتا (في الوسط، بالصف الأمامي) في العاصمة الكينية نيروبي بتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر 2019، مع مسؤولين أثناء تكليف مستودع الحاويات الداخلية في مجمع نيفاشا بعمليات الشحن الخاصة بمشروع سكك الحديد القياسية. وقد مولت بيجين المشروع. [باتريك مينهاردت/وكالة الصحافة الفرنسية]

قال محللون إن الصين وروسيا تعززان وجودهما في إفريقيا لاستغلال مواردها الطبيعية الغنية، في ظل تحذير وكالات الأمم المتحدة من احتمال مواجهة أفقر دول العالم ديونا متراكمة قد تؤدي إلى شللها.

وقال بول نانتوليا من مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية وهي مؤسسة أكاديمية ضمن وزارة الدفاع الأميركية، إن "واحدا من كل 3 مشاريع بنية تحتية كبرى في إفريقيا يتم بناؤه بواسطة شركات مملوكة من الدولة الصينية".

وتابع أن "واحدا من كل 5 مشاريع يمول من قبل بنك من أحد بنوك السياسات الصينية".

وبدورها، تقوم روسيا التي تعتبر مصدرا رئيسيا للأسلحة إلى إفريقيا بغزو القارة عبر مشاريع عدة منها مشاريع التعدين الممنوحة لمجموعة فاغنر، وهي قوة خاصة من المرتزقة يقودها رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوزين.

راكب على متن قطار سكة الحديد القياسية في نيروبي بكينيا يوم 13 تموز/يوليو 2020. ويربط خط سكة الحديد بين مدينة مومباسا الساحلية الكينية والوادي المتصدع، وقد أمنت بيجين جزءا كبيرا من تمويله. [سايمون ماينا/وكالة الصحافة الفرنسية]

راكب على متن قطار سكة الحديد القياسية في نيروبي بكينيا يوم 13 تموز/يوليو 2020. ويربط خط سكة الحديد بين مدينة مومباسا الساحلية الكينية والوادي المتصدع، وقد أمنت بيجين جزءا كبيرا من تمويله. [سايمون ماينا/وكالة الصحافة الفرنسية]

متظاهرون من الرابطة الأوكرانية بجنوب إفريقيا وناشطون من المجتمع المدني يشاركون في تظاهرة على شاطئ أوملانجا في دربان يوم 18 شباط/فبراير، احتجاجا على المناورات العسكرية المشتركة التي أجرتها جنوب إفريقيا مع روسيا والصين على طول ساحلها الشرقي في خليج ريتشاردز. [راجيش جانتيلال/وكالة الصحافة الفرنسية]

متظاهرون من الرابطة الأوكرانية بجنوب إفريقيا وناشطون من المجتمع المدني يشاركون في تظاهرة على شاطئ أوملانجا في دربان يوم 18 شباط/فبراير، احتجاجا على المناورات العسكرية المشتركة التي أجرتها جنوب إفريقيا مع روسيا والصين على طول ساحلها الشرقي في خليج ريتشاردز. [راجيش جانتيلال/وكالة الصحافة الفرنسية]

هذا ودان قادة الدول الأقل نموا طريقة التعامل مع بلادهم خلال قمة أقيمت لهذه الدول برعاية الأمم المتحدة في قطر خلال الشهر الجاري، .

ففي إفريقيا، تستثمر الصين وروسيا بكثافة في البنية التحتية.

ولكن ترقى هذه الاستثمارات في أغلب الأوقات إلى ما يسمى بـ "فخ الديون"، حسب تحذيرات آنا بورشفسكايا من معهد واشنطن للأبحاث. وأوضحت أن "الصين تقدم قروضا لمشاريع بنية تحتية باهظة الثمن، إلا أن هذه المشاريع تفشل عادة".

وقالت "عندما يتعذر على الدول سداد قروضها، تتحرك الصين للسيطرة على أصولها الاستراتيجية".

’احذروا الصفقات البراقة‘

وتشمل المشاريع التي تديرها الصين في إفريقيا مشروع خط سكة الحديد القياسية التي تربط مدينة مومباسا الساحلية الكينية بالوادي المتصدع، وقد بلغت كلفته 5 مليارات دولار أمنت بيجين 90 في المائة منها.

ويعد هذا أكبر مشروع بنية تحتية في كينيا منذ الاستقلال وقد تم افتتاحه عام 2017. وتعد الصين ثاني أكبر مقرض في كينيا بعد البنك الدولي.

وفي كانون الأول/ديسمبر، وقعت تنزانيا عقدا بقيمة 2.2 مليار دولار مع شركة صينية لبناء الجزء الأخير من خط سكة حديد يهدف إلى ربط الميناء الرئيسي للبلاد بجيرانها الغربيين.

ولفت نانتوليا إلى أن بعض المشاريع التي تمولها الصين كانت مربحة ومستدامة، إلا أن الفائدة الحقيقية تعود لبيجين من خلال عقود صيانة قد تصل فترة صلاحيتها إلى 99 عاما.

وتابع أن المشاريع التي تمولها الصين "مصممة لاستيعاب العمالة الصينية"، ما يعني أنها لا تفعل الكثير لخفض معدلات البطالة في إفريقيا رغم من إصرار بعض الحكومات على تخصيص حصة لمواطنيها.

وخلال زيارة للسنغال في كانون الثاني/يناير، عرضت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين فوائد استراتيجية اقتصادية أميركية جديدة تجاه إفريقيا تؤمن "منافع متبادلة".

وفي إشارة إلى الصين، قالت يلين "على الدول توخي الحذر من الصفقات البراقة التي قد تحمل في طياتها أمورا غامضة وتفشل في نهاية المطاف في إفادة الأشخاص الذين زعم أنها صممت لمساعدتهم".

وأضافت "يمكن لهذا الأمر أن يترك هذه الدول مع إرث من الديون والموارد المحولة إلى جهات أخرى ودمار بيئي".

هذا وتوجه وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن يوم الخميس، 16 آذار/مارس، إلى النيجر التي تعد قاعدة عسكرية رئيسية للقوات الغربية لمحاربة المتطرفين في منطقة الساحل المضطربة، وحيث من المتوقع أن يعلن عن دعم أميركي إضافي لهذا البلد.

وقامت الولايات المتحدة ببناء وإدارة "القاعدة الجوية 201" في وسط البلد الصحراوي، وتستخدم لإطلاق طائرات مسيرة للهجوم على المتطرفين ومراقبتهم.

وقال بلينكن في تصريحات يوم الأربعاء أثناء زيارته لإثيوبيا حيث التقى قيادة الاتحاد الإفريقي، إن رحلته إلى البلدين تدخل في إطار تعهد الرئيس جو بايدن "بدعم كلي لإفريقيا".

وأضاف "يعني ذلك أن الولايات المتحدة ملتزمة بشراكات عميقة ومتجاوبة وحقيقية في القارة".

وأدت المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي بدعم من دبلوماسيين أميركيين، إلى وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، ما أنهى إلى حد كبير حرب تيغراي الوحشية في إثيوبيا والتي استمرت عامين.

استثمارات تفتقر إلى الشفافية

ومن جهته، قال تيتيه هورميكو من شبكة التجارة الإفريقية ومقرها غانا متحدثا في قمة الدوحة، إن الدول الإفريقية تدين بمبالغ ضخمة للدول الغربية أيضا.

وذكر أن "نحو 50 في المائة من ديوننا مستحقة لأسواق السندات التجارية الغربية والوكالات متعددة الأطراف"، مشيرا في الوقت عينه إلى أن الاستثمارات الصينية تفتقر إلى الشفافية مقارنة بالاستثمارات الغربية التي تخضع لتدقيق أكبر في الداخل.

وتعمل روسيا أيضا على توسيع نطاق مشاركتها في إفريقيا من خلال مشاريع التعدين التي فازت بها مجموعة فاغنر، وهي مجموعة تقاتل أيضا في الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

ووصفت ليتوانيا يوم الثلاثاء مجموعة المرتزقة بأنها "تنظيم إرهابي" على خلفية نشاطها في أوكرانيا.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد صنفت مجموعة فاغنر على أنها "تنظيم إجرامي عابر للحدود الوطنية"، واتهمتها في كانون الثاني/يناير "بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان ونهب الموارد الطبيعية" في البلدان الإفريقية.

وأعلن الاتحاد الأوروبي في شباط/فبراير فرض عقوبات جديدة على المجموعة بسبب "انتهاكات لحقوق الإنسان" في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي والسودان وأوكرانيا.

وارتكب مرتزقة مجموعة فاغنر انتهاكات في سوريا أيضا، حيث شاركوا في عمليات نهب وقتل واغتصاب، وهم متهمون بارتكاب جرائم حرب في مناطق ساخنة حول العالم.

تأثير على البيئة

وفي هذا السياق، استنكر محللون التأثير البيئي للمشاريع الصينية والروسية على الدول الإفريقية.

وقالت بورشفسكايا إن "الصين هي أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم والتي تساهم في تغير المناخ"، و"ما تزال [مبادرة الحزام والطريق المعروفة أيضا باسم حزام واحد طريق واحد] "تمول محطات الطاقة التي تعمل على الفحم في الخارج".

وكشفت أن "مشاريع التعدين الروسية... أدت، وفقا لتقارير إلى مستويات عالية من المركبات المعدنية السامة وتلوث موارد المياه الجوفية والتربة والنباتات".

ومن جهته، قال ديفستوس جيمس مدير مركز بناء السلام والديموقراطية في ليبيريا على هامش قمة الدوحة إن هذه الآثار "خطيرة" في ليبيريا.

وأوضح أن الليبيريين أصبحوا "ضحايا مواردهم الذاتية".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500