دبلوماسية

دول الساحل تتطلع إلى رأب الصدع الإقليمي ومعالجة التحديات الأمنية

مصطفى عمر

صورة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تظاهرة لدعم رئيس بوركينا فاسو الكابتن إبراهيم تراوري في واغادوغو يوم 20 كانون الثاني/يناير. [أولمبيا دو ميمون/وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تظاهرة لدعم رئيس بوركينا فاسو الكابتن إبراهيم تراوري في واغادوغو يوم 20 كانون الثاني/يناير. [أولمبيا دو ميمون/وكالة الصحافة الفرنسية]

نواكشوط، موريتانيا - قال خبراء إن تولي موريتانيا قيادة مجموعة دول الساحل الخمس في نهاية أعمال القمة التي عقدت في 20 شباط/فبراير في تشاد، يعد خطوة مهمة في تأمين استمرار عمل المجموعة.

وتأتي أهمية هذه الخطوة في ضوء الخلافات الأخيرة التي وقعت بين أعضاء مجموعة دول الساحل الخمس أي بوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا والنيجر، بما في ذلك انسحاب مالي الصيف الماضي وعدم حضور رئيس بوركينا فاسو الانتقالي.

وركزت محادثات الرؤساء الحاضرين على كيفية إعادة مالي إلى الحظيرة ومنع ظهور انقسامات جديدة بين باقي الأعضاء.

وناقش القادة أيضا التحديات الأمنية التي يواجهها معظم أعضاء المجموعة باستثناء موريتانيا والبحث عن حلول جذرية لتلك التحديات، وهو أمر بات مثيرا للخيبة أكثر فأكثر خلال العامين الماضيين.

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني في صورة التقطت يوم 17 آذار/مارس الماضي قبيل لقائه رئيس الوزراء الإسباني في مدريد. [غبريال بويز/وكالة الصحافة الفرنسية]

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني في صورة التقطت يوم 17 آذار/مارس الماضي قبيل لقائه رئيس الوزراء الإسباني في مدريد. [غبريال بويز/وكالة الصحافة الفرنسية]

وتشمل التحديات عددا من الانقلابات التي جرت والانسحاب الفرنسي وتصاعد الأحداث العنيفة نتيجة الصراع العرقي، إضافة إلى موجة نزوح للأهالي.

ومن بينها أيضا تدخل المرتزقة الروس التابعين لمجموعة فاغنر ومحاولات روسيا تشكيل تحالفات سياسية في المنطقة.

وتعاني مجموعة دول الساحل الخمس أصلا من ضعف في البنية التحتية وارتفاع في معدل الفقر، بالإضافة إلى انعدام الأمن الغذائي وخطر المجاعة.

وقال الباحث في شؤون الإرهاب محمد بوشيخي للمشارق إنه يضاف إلى ذلك "تحد أمني جديد تمثله ممارسات عناصر فاغنر ومحاولة روسيا تصدير أزماتها إلى المنطقة".

وأوضح أن "روسيا تحاول استغلال انتشار الإرهاب في دول الساحل وعدم قدرة الاستراتيجيات الغربية على احتوائه، بالإضافة إلى حالة التوتر السائدة بين عدد من الأنظمة في المنطقة وفرنسا".

وأوضح أنها تحاول الاستفادة من "مشاعر رفض الوجود الفرنسي المتنامية في الأوساط الشعبية لتصوير نفسها للرأي العام والنخبة الحاكمة في هذه البلدان كبديل عن الغرب".

ولكنه أشار إلى أن "روسيا لن تكون قادرة على تحدي سياسة الغرب في المنطقة على المستويين الاقتصادي والدبلوماسي، وبالتالي فإن أقصى ما يمكنها فعله هو تقديم الدعم العسكري للدول التي تقبل الشراكة معها".

تفاقم مشاكل المنطقة

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في 23 شباط/فبراير، أن مرتزقة مجموعة فاغنر قدموا الدعم للجماعات المسلحة في تشاد لتنفيذ مخطط للإطاحة بالرئيس الانتقالي التشادي محمد إدريس ديبي إيتنو.

وكانت الولايات المتحدة قد أطلعت السلطات التشادية على تقارير استخباراتية تفيد بأن مؤسس ومالك مجموعة فاغنر يفغيني بريغوزين يدعم المقاتلين التشاديين ماليا وعمليا ليتمكنوا من تنفيذ خطة لزعزعة استقرار السلطة الانتقالية.

وقال الباحث محمد الأمين الداه المتخصص في أمن منطقة الساحل، إن هذه المؤامرة ستؤدي إلى تفاقم الانقسامات الإقليمية لأنها تشير إلى أن روسيا "لا تسعى لخدمة مصالح دول المنطقة".

وأردف "لقد اتضح أن هدفها الأول والأخير هو خدمة أجندتها الخاصة" التي تشمل فتح "أسواق جديدة لتصدير الأسلحة الروسية".

وعن النشاط الدبلوماسي الأخير الذي قاده وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في المنطقة، قال إنه يهدف إلى "إنهاء العزلة الدبلوماسية التي تعاني منها روسيا نتيجة عدوانها على أوكرانيا".

وحذر الداه قائلا إن اندفاع بعض دول الساحل إلى أحضان روسيا قد "يزيد من عزلتها"، في إشارة إلى مالي وبوركينا فاسو وغينيا.

ولفت إلى أن مؤشرا تحذيريا على ذلك يتمثل في "الإجراءات التي اتخذتها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في ما يتعلق بقوات حفظ السلام في مالي وقوات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا".

وأضاف أن "الدعم الاقتصادي والعسكري الذي تقدمه روسيا لهذه الدول لا يوفر حلا للمشاكل الهيكلية التي تعاني منها".

وذكر بوشيخي "تجدر الإشارة إلى أن الأنظمة التي استسلمت للإغراءات الروسية هي في الأساس ذات طبيعة عسكرية ووصلت إلى السلطة من خلال الانقلابات العسكرية".

وختم مؤكدا أن "اختيارها روسيا ينبع من رغبتها في الارتباط بشريك لا يطالبها بإصلاحات سياسية ولا يهتم بأوضاع حقوق الإنسان، على عكس الدول الغربية".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500