دبلوماسية

جيبوتيون يشككون بنوايا الصين بشأن ʼمنشأة لوجستيةʻ عسكرية لها في البلاد

جوليو كيث

عناصر من جيش التحرير الشعبي الصيني يشاركون في حقل افتتاح قاعدته في جيبوتي بتاريخ 1 آب/أغسطس 2017. [وكالة الصحافة الفرنسية]

عناصر من جيش التحرير الشعبي الصيني يشاركون في حقل افتتاح قاعدته في جيبوتي بتاريخ 1 آب/أغسطس 2017. [وكالة الصحافة الفرنسية]

نيروبي، كينيا -- عندما افتتحت الحكومة الصينية أول قاعدة عسكرية لها خارج البلاد في جيبوتي بشهر آب/أغسطس 2017، وصفتها بيجين بأنها "منشأة لوجستية" رغم شكوك السكان المحليين والمراقبين الدوليين حيال ذلك.

وتندرج القاعدة ضمن خطة التوسع الطموحة للرئيس الصيني شي جين بينغ في إطار مبادرة الحزام والطريق، التي تعرف أيضا باسم حزام واحد طريق واحد.

وتعد القاعدة أيضا حلقة في استراتيجية "سلسلة اللؤلؤ" الخاصة ببيجين، والتي تهدف لربط بر الصين الرئيسي بالقرن الإفريقي عبر شبكة من المنشآت العسكرية والتجارية.

ولكن بعد مرور أكثر من 5 سنوات، لا يزال سكان جيبوتي يشككون في الغاية المزعومة من القاعدة، إذ بات يتضح أكثر فأكثر أن الصين تستعرض عضلاتها العسكرية المتنامية في الخارج.

صور تلتقط لأفراد من مجموعة التجار الصينيين عند البوابة الأساسية لمنطقة التجارة الحرة الدولية في جيبوتي بعد حفل افتتاحها بتاريخ 5 تموز/يوليو 2018. [ياسويوشي شيبا/وكالة الصحافة الفرنسية]

صور تلتقط لأفراد من مجموعة التجار الصينيين عند البوابة الأساسية لمنطقة التجارة الحرة الدولية في جيبوتي بعد حفل افتتاحها بتاريخ 5 تموز/يوليو 2018. [ياسويوشي شيبا/وكالة الصحافة الفرنسية]

الرئيس الصيني شي جين بينغ يرحب برئيس جيبوتي اسماعيل عمر جيله قبيل اجتماعهما في بيجين بتاريخ 2 أيلول/سبتمبر 2018. [أندي وانغ/وكالة الصحافة الفرنسية]

الرئيس الصيني شي جين بينغ يرحب برئيس جيبوتي اسماعيل عمر جيله قبيل اجتماعهما في بيجين بتاريخ 2 أيلول/سبتمبر 2018. [أندي وانغ/وكالة الصحافة الفرنسية]

يُذكر أن جيبوتي التي تتواجد في موقع استراتيجي عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر تستضيف بالفعل جيوش الولايات المتحدة وفرنسا واليابان وإسبانيا.

وقال عمر ابراهيم، 48 سنة، وأصله من جيبوتي ويعمل في مرفأ مومباسا بكينيا، إن الولايات المتحدة وفرنسا لديهما تواجد عسكري راسخ هناك.

وأضاف أنهما تدعمان الاستقرار والأمن في المنطقة وتساعدان الحكومات الأفريقية على "محاربة الإرهابيين مثل حركة الشباب [بالصومال] والقراصنة في المحيط الهندي".

أجندات خفية

ولكن ابراهيم عبّر عن شكوكه إزاء دوافع الصين، قائلا إنه يريد أن تتوقف قيادة جيبوتي عن تأجير الأراضي لإقامة المزيد من القواعد العسكرية لدول تخفي نواياها الحقيقية.

وقال إن "إقامة تواجد للجيش الصيني في إفريقيا له نوايا خفية لا تراها العين المجردة".

وتابع أنه بما أن جيبوتي تقع على واحد من أكثر الممرات البحرية في العالم ازدحاما، يرتبط التواجد العسكري للصين هناك أكثر بحماية مصالحها التجارية والاقتصادية مما يرتبط "بالحفاظ على مصالح شعب جيبوتي".

وعبّر عن مخاوفه من استخدام القاعدة العسكرية الصينية كنقطة انطلاق لصادرات الصين التجارية، ما يحرم حكومة جيبوتي من عائدات الجمارك على الواردات المموهة على أنها معدات عسكرية.

وذكر "ندين بالفعل للمصارف الصينية بالكثير من المال".

هذا وتعد الصين أكبر جهة مقرضة لجيبوتي، وتبلغ الديون المستحقة أكثر من 1.4 مليار دولار، أي نحو 42 في المائة من إجمالي الدخل القومي السنوي، بحسب ما صدر عن البنك الدولي.

وأوضح ابراهيم أن عائدات تأجير القواعد العسكرية يشكل أحد أبرز مصادر الدخل بالنسبة لجيبوتي، مشيرا إلى أن "المواطن العادي لا يستفيد من معظم هذه الأموال كونها تذهب لسداد القروض الصينية".

وبدورها، قالت فايزة أحمد، 40 عاما، وهي أيضا من جيبوتي وتعمل في أحد متاجر نيروبي، إن بلدها يجب أن يحترس من الترحيب بالصين، محذرة السلطات بأن تأخذ نوايا بيجين الحقيقية في الاعتبار إلى جانب التداعيات طويلة الأمد على النظام العالمي القائم.

وأوضحت أن الصين تريد تعزيز نفوذها في إفريقيا ودول أخرى عبر قاعدتها العسكرية في جيبوتي وأنشطتها الاقتصادية الأخرى، كخط سكك الحديد بين عاصمتي إثيوبيا وجيبوتي، أديس أبابا ومدينة جيبوتي.

ولفتت أحمد إلى أن منطقة التجارة الحرة الدولية لجيبوتي، والتي تم افتتاح المرحلة الأولى منها في تموز/يوليو 2018، كانت ثمرة استثمار بقيمة 370 مليون دولار تم تأمينه بشروط غامضة.

وتساءلت "من أين حصلت الحكومة على تلك الأموال؟ عبر الاقتراض من المصارف الصينية بشروط يجهلها الشعب".

وقالت إن حكومة جيبوتي أظهرت أنها تتأثر بالقوى الأجنبية، فتتخذ قرارات عشوائية ومكلفة تتعلق بأصولها التي لا تقدر بثمن.

وأضافت "نتذكر كيف أن الحكومة قامت في شباط/فبراير 2018 بقرار أحادي بإنهاء حق الامتياز الممنوح لدي بي ورلد بتشغيل محطة حاويات دوراليه، قبل السماح في وقت لاحق لشركة تشاينا ميرشانتس بورت هولدينغز بتشغيلها وتوسيعها".

وأكدت أن ذلك شكّل "مثالا واضحا على حكومة تم التأثير عليها لطرد دي بي ورلد، وهي شركة عالمية رائدة في لوجستيات الشحن وعمليات محطات المرافئ والخدمات البحرية [ومقرها الإمارات]".

وأضاف "كانت هذه عملية مصادرة غير قانونية للمحطة التي كانت تحت إدارة دي بي ورلد، وتعكس هذه الحالة النفوذ الصيني الخفي بوضوح".

يُذكر أن شركة دي بي ورلد تشارك حاليا في إجراءات تحكيم أمام محكمة لندن للتحكيم الدولي.

السيادة ليست للبيع

وفي هذا السياق، قال كينغوري كيميميا البالغ من العمر 27 سنة، وهو طالب بكلية التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة ماسندي بوليرو للعلوم والتكنولوجيا في كاكاميغا بكينيا، إن جيبوتي تجني مليارات الدولارات عبر تأجير أراضيها للقواعد العسكرية الأجنبية.

وتابع أن عليها بالتالي إعادة ضخ هذه الأموال في الاقتصاد المحلي والحد من رغبتها بالحصول على قروض صينية غير ميسرة.

وجاء في تقرير صدر عن وكالة أبحاث الكونغرس الأميركية أن جيبوتي تجني أكثر من 125 مليون دولار سنويا من الإيجارات والعائدات ذات الصلة التي تؤمنها الجيوش الأجنبية.

وأوضح أنه على صانعي القرارات السياسية في جيبوتي إدارة شؤونهم بصورة جيدة لعدم بيع سيادتهم لأطراف جدد قدموا إلى البلاد "ولديهم دوافع خفية من شأنها أن تزعزع استقرار الدول التقليدية الصديقة المتواجدة في جيبوتي والتي تقف إلى جانب هذه الأخيرة منذ عقود".

وقال إن الصين قد تقدم حوافز تتمثل بمشاريع كبرى للبنى التحتية، "ولكن هنا يكمن الفخ... في التزامات بسداد ديون وطنية غير مفيدة قد ترتبط بأصول جيبوتي".

وأمل كيميميا ألا يقع صانعو القرار في جيبوتي ضحية "دبلوماسية فخ الديون التي يتم تمويهها كمبادرات تنموية وطنية نبيلة من قبل الصينيين".

ومن جهتها، أعربت مدبرة المنزل مرغاريت مانغي، 45 عاما وهي من نيروبي، عن مخاوفها إزاء احتمال أن تؤدي الشراكة المتزايدة للصين مع الدول الأفريقية إلى جانب انخراطها الاقتصادي، إلى نتيجة غير مرغوب بها، وهي تحول الصين إلى الجهة المستعمرة الجديدة.

وقالت "أتخوف من أن تسيطر الصين اليوم أو في المستقبل على كل اقتصادات إفريقيا وعلى عملية صنع القرار فيها عبر تقديم مساعدات أو تمويل مشاريع تنموية ضخمة، ما قد ينتج حكومات هي أشبه بالدمى في هذه القارة".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500