بشكك -- تبحث مجموعة فاغنر جاهدة عن وقود جديد للحرب للقتال في أوكرانيا، وبدأت في حملاتها في سجون جمهورية أفريقيا الوسطى للبحث عن مجندين، وفقا لمصادر محلية.
وأوردت صحيفة ذي ديلي بيست في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر نقلا عن مسؤولين عسكريين محليين، أن الشركة العسكرية الروسية الخاصة تطلق سراح سجناء في جمهورية أفريقيا الوسطى لترسلهم بعد ذلك إلى منطقة دونباس في أوكرانيا.
وقالوا إنه يتم إطلاق سراح رجال سجنوا على خلفية جرائم مثل الاغتصاب والقتل بأعداد كبيرة للالتحاق بقوات فاغنر.
ووفق مسؤولين، فإن "جناح" شركة فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى لديه مئات المقاتلين، ويطلق عليهم تسمية "الروس السود" المهينة.
وأدين الكثير من هؤلاء المجندين على نحو خاص بتنفيذ أعمال عنيفة ضد المدنيين والقوات المسلحة من أجل تحقيق أهدافهم السياسية.
وصرح ضابط يخدم بالمقر العسكري في عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى بانجي لصحيفة ذي ديلي بيست أنه "منذ تشرين الأول/أكتوبر، كان عناصر فاغنر شبه العسكريين يتوجهون إلى الزنازين العسكرية والشرطية ويطلقون سراح المتمردين، بمن فيهم المحتجزون على خلفية الاعتداء على قرية بوكولوبو في جنوب أفريقيا الوسطى في شهر أيار/مايو واغتصاب النساء والفتيات".
وأضاف أن "لا يستطيع أي أحد أن يوقفهم لأن الحكومة منحتهم سلطة واسعة للتصرف بالطريقة التي يرغبون بها".
وقال ضابط آخر أن متمردين أدينوا بقتل جنود أفريقيا الوسطى، الذين يفترض أنهم حلفاء لفاغنر، خلال هجوم في شهر نيسان/أبريل على معسكر عسكري في مدينة باكوما بجنوب شرقي البلاد قد أطلق أيضا سراحهم.
وصرح الضابط الذي يخدم بجيش جمهورية أفريقيا الوسطى لصحيفة ذي ديلي بيست، أن "شركة فاغنر قالت إنها تحتاج إلى عناصر بصورة ملحة في مالي وأوكرانيا. أعتقد أنه أطلق سراح أكثر من 20 شخصا كنا نحتجزهم [على خلفية جرائم جسيمة جدا]".
ووعد القائمون على التجنيد في فاغنر المقاتلين الجدد من جمهورية أفريقيا الوسطى بتأمين الحرية وأيضا بدفع راتب يعتبر كبيرا جدا بالمعايير المحلية، وهو نحو 1000 دولار أميركي شهريا.
إلا أن الرواتب يتم دفعها بصورة غير منتظمة، أو لا يتم دفعها على الإطلاق، وفقا لسجناء سابقين من جمهورية أفريقيا الوسطى انضموا للشركة الروسية وغادروا منذ ذلك الحين.
وقالوا إن العشرات من زملائهم، لا سيما أولئك الذين جندوا من السجن، بدأوا يختفون في الأشهر الأخيرة، ويفترض أنهم ذهبوا للقتال لحساب روسيا في أوكرانيا.
'كل أنواع الرعاع'
وعرفت مجموعة فاغنر سيئة السمعة، التي يتولى رئاستها يفيجيني بريغوزين، بدعم أهداف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحت ستار الإنكار المعقول.
فهذه المجموعة متهمة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات وبالتدخل في الصراعات عبر أفريقيا، بما فيها في مالي وليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وموزمبيق، وأيضا في سوريا وفنزويلا وأوكرانيا.
وكان بريغوزين قد كشف في أيلول/سبتمبر للمرة الأولى أنه أسس مجموعة فاغنر في عام 2014 للقتال في أوكرانيا، كما أقر بوجودها في أفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية.
وجاء هذا الإقرار بعدما أنكر هو والكرملين لفترة طويلة وجود الشركة. وما يزال العمل كمرتزقة أمرا غير قانوني بالنسبة للروس.
ومنذ بداية الغزو في شباط/فبراير، تكبدت المجموعة شبه العسكرية التي يسيطر عليها الكرملين خسائر فادحة، لذا تجد نفسها مضطرة إلى تجنيد أي كان وفي أي مكان تستطيعه.
وأوردت الخدمة الروسية في بي بي سي، أن مسؤولي فاغنر بدأوا يجندون مرتزقة على نطاق واسع اعتبارا من الخريف الماضي للقتال في أوكرانيا.
وقال مصدر كان في ذلك الوقت عنصرا ضمن مرتزقة فاغنر لبي بي سي إنه لا توجد معايير تجنيد، لذا فإن القائمين على التجنيد قاموا بتجنيد "الحثالة" و"جميع أنواع الرعاع".
هذا واستقطبت شبكة التجنيد الخاصة بفاغنر المجندين من جميع أنحاء العالم.
فيوم 14 تشرين الثاني/نوفمبر، قال وزير خارجية زامبيا ستالني كاكوبو إن طالبا زامبيا كان قد سجن في روسيا مات "في ساحة المعركة" في أوكرانيا يوم 22 أيلول/سبتمبر.
وكتب الناطق باسم وزارة الخارجية الأوكرانية، أوليغ نيكولنكو، على وسائل التواصل الاجتماعي "ندعو الاتحاد الأفريقي وكل الدول الأفريقية للمطالبة بأن توقف روسيا التجنيد الإجباري لمواطنيها".
وقال إنه "ينبغي ألا يموت الأفارقة من أجل طموحات بوتين الإمبريالية المريضة".
وأوردت وسائل إعلام مستقلة في السابق عن تجنيد مجموعة فاغنر لمرتزقة أفغان سوريين.
'قتلة متسلسلون ولصوص وآكل لحوم بشر واحد على الأقل'
وفي حزيران/يونيو، بدأت مجموعة فاغنر تنشط في تجنيد سجناء في السجون الروسية، مفضلة المجرمين العتاة الذين يميلون إلى العنف.
وكانت أولغا بومانوفا، مديرة منظمة روسيا خلف القضبان، وهي منظمة حقوقية، قد صرحت لصحيفة ذي ديلي بيست في أيلول/سبتمبر، أن تكتيك التجنيد الذي استخدمه الكرملين مؤخرا في الحرب ضد أوكرانيا هو جزء من "أسوأ كوابيسها".
وأضافت أن "خطة بوتين هي تجنيد 50 ألف مدان على الأقل، وقد أرسل بريغوزين، وهو نفسه مدان سابق، بالفعل أكثر من 3 آلاف سجين" إلى أوكرانيا، بمن فيهم "قتلة متسلسلون ولصوص وآكل لحوم بشر واحد على الأقل" كان يقضي عقوبة بالسجن في ساراتوف بروسيا.
وفي بعض الحالات، يقوم مسؤولي فاغنر بعمليات اختطاف مجندين من السجنون بدلا من تجنيدهم.
ففي نهاية تشرين الأول/أكتوبر، أفادت مارفا سميرنوفا، وهي صحافية بمحطة دوزهد التلفزيونية، أن عناصر فاغنر دخلوا أحد سجون ساراتوف وأخذوا السجين سيرجي سبريزوف، وهو مواطن أوكراني، و"أجبروه على الصعود على متن مروحية وأرسلوه إلى جبهة القتال".
ولاحقا، قتل سبريزوف بإطلاق النيران عليه أثناء محاولته الفرار، على الأقل وفقا لرواية فاغنر. وقد تلقت أرملته رسالة نصية تطلب 1000 دولار أميركي مقابل جثمان زوجها.
وفي أيلول/سبتمبر، أظهر شريط فيديو مسرب تحققت بي بي سي من صحته، بريغوزين وهو يلتقي مع مدانين ويطمئنهم أنهم يستطيعون أن يفعلوا "ما يريدون مع الأوكرانيين وأن شيئا لن يحدث لهم لقاء ذلك".
إلا أنه في واقع الأمر، عادة ما يكون مجندو فاغنر هم ضحايا القتل الجماعي في العمليات القتالية، وأيضا ضحايا لحملة التجنيد الخبيثة التي تقوم بها المجموعة.
وصرحت رومانوفا لموقع كارفانسراي أن السجناء المجندين ليسوا إلا وقودا للحرب، إذ يتم الدفع بهم إلى آتون المعارك بدون أي تدريب.
وأوضحت "إنهم يستفيدون من تجنيد السجناء لأن الكثير من هؤلاء المجندين يموتون في ساحة المعارك وهم بصورة عامة ليس لديهم أي صلات بأقاربهم ... لذا فإن فاغنر لا تدفع أجور أولئك الذين يقتلون".
'أشخاص أقوياء'
وفيما تتعثر القوات الروسية والمرتزقة على حد سواء في أوكرانيا، فإن سمعة الجيش الخاص التابع لبريغوزين والذي كان في السابق مهيبا تتراجع بصورة ملحوظة حول العالم.
وفي هذا الإطار، قال إسلام بايغاريف، وهو محام ومدير نقابة المحامين في بيشكك، إن فاغنر قامت بمحاولات سرية في قيرغزستان، لكن قلة قليلة جدا من مواطني قيرغزستان يريدون الالتحاق بصفوفها.
وتابع "في بلادنا، الناس لا يحبون عناصر فاغنر. فسمعتهم سيئة هنا، حتى بين السجناء".
وأردف أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن المجندين يرتكبون "جريمة عقوبتها تجريدهم من جنسيتهم"، في إشارة إلى القتال في حرب خارجية.
بدوره، قال مستشار الرئيس الأوكراني أوليكسي أرستوفيتش في مقابلة أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر، إن عدد المدانين المستعدين للالتحاق بفاغنر قد ينخفض قريبا بعد الاتهامات التي وجهها زعيم العصابة الروسي ساشا كورارا مؤخرا ضد بريغوزين.
ففي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، نشر كورارا الذي يعيش في تركيا شريط فيديو زعم فيه أنه كان في السجن مع بريغوزين منذ عقود.
وزعم كورارا أن بريغوزين كان يحتل مرتبة دنيا في ترتيب السجن وكان يجبر على أداء أعمال خانعة للسجناء الآخرين، مضيفا أن أي أحد ينضم لفاغنر يضع نفسه في مستوى بريغوزين أو حتى أقل مكانة في العالم السفلي.
إلا أنه لم يتسن التحقق من مزاعمه على نحو مستقل.
وقال أرستوفيتش إن "'الأشخاص الأقوياء' في روسيا الآن، مثل قائد الحرس الوطني فيكتور زولوتوف ورئيس الشيشان رمضان قديروف سيتعجبان: كيف نستطيع أن نعمل مع شخص مثله؟ لقد أصبح بريغوزين شخصية سامة، وشركته العسكرية الخاصة بدأت تواجه مشاكل".