قال جنود ومسؤولون سابقون إن سياسات روسيا وأفعالها في منطقة الساحل بغرب وشمال وسط إفريقيا، حيث يوجد مرتزقة مجموعة فاغنر، قد جعلت الوضع الأمني في المنطقة أسوأ.
وقال سيدي عبد القادر، وهو أحد سكان شمال مالي وعسكري سابق في الجيش المالي، إن هدف روسيا من استقدام 2000 عنصر من مقاتلي فاغنر إلى مالي هو حماية مصالحها وليس محاربة الإرهاب.
وأضاف "في وقت سابق، أرسلت حكومة مالي دوريتين من عناصر فاغنر إلى الشمال، فتصدى تنظيم القاعدة لإحداهما، وقتل أربعة من عناصرها وأسر واحدا".
وتابع أن الدورية الأخرى توجهت إلى وسط مالي حيث اشتبكت مع كتيبة تحرير ماسينا، فكبدتهم الأخيرة خسائر كبيرة، ما اضطرهم للعودة إلى العاصمة باماكو.
الوضع الأمني في مالي قد "تدهور بشكل كبير" كنتيجة مباشرة لخيارات المجلس العسكري الحاكم، بما في ذلك قرار مزعوم للدخول في شراكة مع مجموعة فاغنر، وهي شركة أمن خاص روسية، حسبما ذكرت مسؤولة أميركية رفيعة يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر.
وكان المجلس العسكري الحاكم الذي استولى على السلطة في 2020، قد ابتعد عن حليفه التقليدي فرنسا وتقرب من روسيا في حربه ضد حركة التمرد التي يقوم بها متطرفون منذ عشر سنوات، لكنه ينكر صلته بمجموعة فاغنر.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن المسؤولين الفرنسيين قد لاحظواالتوجه المتزايد لروسيا لتوسيع نفوذها في غرب إفريقيا، بما في ذلك عبر مجموعة فاغنر.
وأشار معهد إرسيم الفرنسي للأبحاث الاستراتيجية، وهو جزء من أكاديميته العسكرية، مؤخرا إلى "انتشار معلومات مضللة عبر شبكة الإنترنت، والهدف الرئيس منها هو تشويه الوجود الفرنسي مع تبرير الوجود الروسي".
وأدى دور روسيا في مالي إلى تقييد المساعدة التي قد يحصل عليها ذلك البلد الإفريقي من مصادر أخرى.
وكانت نائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند قد قالت الشهر الماضي إن "ٌقدرة الولايات المتحدة على مساعدة مالي في الجانب الأمني قد أصبحت مقيدة إلى حد كبير ... وذلك بسبب قرار الحكومة المالية استقدام مجموعة فاغنر".
بدوره، قال الخبير الأمني الجزائري قاسي رأس الماء إن" الهدف من وجود عناصر فاغنر في شمال مالي هو محاربة النفوذ الفرنسي في المنطقة، وتعزيز نفوذ نظام عسكري موال لروسيا في مالي".
وأضاف في حديث للمشارق أن ذلك يشكل وسيلة تسهلمهمة مجموعة فاغنر في نهب ثروات مالي، مشيرا إلى أن تواجد عناصر فاغنر هو في الغالب في المناطق الغنية بالذهب والحديد والموارد الطبيعية.
اتهام فاغنر بقتل المدنيين
وأضاف الماء أنه بحسب ما ورد، فإن الدولة المالية تدفع لعناصر فاغنر 10 مليون يورو شهريا مقابل خدمتهم العسكرية.
وذكر أن "حضور فاغنر في مالي ساهم في تدهور الأوضاع الأمنية في شمالي مالي".
وأوضح أن "عناصر فاغنر يتلقون الدعم من طرف كتيبة إرهابية تدعى الهيجي، وهي كتيبة ترتبط بصلات وثيقة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بعد أن انشق معظم عناصرها من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين".
هذا وأنكرت الحكومة المالية أن يكون لوجود مرتزقة فاغنر في مالي أي نتائج سلبية، زاعمة أنها أحرزت تقدما في الحرب ضد الإرهاب في منطقة الساحل.
إلا أن الأحداث على الأرض تثبت عكس ذلك.
فيوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر، نقلت صحيفة الغارديان عن مصادر محلية قولها إن عناصر مجموعة فاغنر، قتلوا بدعم من جنود الجيش المالي ما لا يقل عن 13 مدنيا يوم 30 تشرين الأول/أكتوبر في مدينة موبتي بوسط مالي.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن عددا من الأهالي قالوا إن المدنيين قتلوا في عملية جوية واسعة النطاق في منطقة تعرف بأنها معقل للجماعات المتطرفة.
وقالت مصادر محلية إن أعقب ذلك هجوم بري شنته القوات المالية ومرتزقة فاغنر على قرية بالقرب من تينيكو.
وأضافت أن امرأة وابنتها وحفيدتها كن من بين القتلى.
الاستيلاء على موارد إفريقيا
من جانبه، قال عمر سيدي محمد، وهو صحافي يعمل بالمؤسسة الرسمية للإذاعة والتلفزيون المالي، إن القوات المالية فرضت سيطرتها على عديد من البلدات والقرى في مناطق الوسط.
وأوضح أن تلك البلدات والقرى تقع في مناطق موبتي وسيغو وهومبوري ودوانزا وباجنغار، التي كانت حتى وقت قريب خاضعة لسيطرة جماعات متطرفة.
وأضاف أن الوضع الأمني في منطقة الحدود الثلاثية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو قد شهد تدهورا بوتيرة غير مسبوقة منذ انسحاب القوات الفرنسية.
وسمح ذلك لتنظيم داعش أن يفرض سيطرته على مناطق استراتيجية مثل واندرامبوكان وتيسيت وتامالات، بحسب ما ذكر.
ورجح أن تكون غاو ومينكا هما النقطتان الأقصى شرقا لتواجد الروس.
من جانبه، قال الصحافي الروماني ميرتشا ميرك للمشارق، إنه بالاعتماد على مرتزقة فاغنر، تدشن روسيا مرحلة جديدة من التدخل في الدول الإفريقية التي تشهد انقلابات عسكرية.
وأضاف أن الهدف الأساسي لروسيا هو الاستيلاء على موارد إفريقيا،وهو الهدف نفسه لدول أخرى مثل الصين، مشيرا إلى أن الصين تعتبر اليوم المستفيد الأكبر من هذا التنافس.