الرياض -- قال خبراء إن المدنيين المحليين يمكن أن يلعبوا دورا مهما في منع عمليات تهريب المخدرات والأسلحة التي ينفذها الحرس الثوري الإيراني وأذرعه في مياه منطقة الخليج وعلى طوال سواحلها.
وقد يحصلون أيضا على مكافآت مالية مقابل مساعدتهم.
وتعد جهودهم شديدة الأهمية في تعزيز عمل القوات الدولية والمحلية لإجهاض عمليات التهريب في المنطقة.
فشحنات المخدرات غير القانونية التي تستخدم "في تمويل الإرهاب والأنشطة الإجرامية" ، يتم ضبطها بصورة منتظمة في مياه المنطقة من قبل قوة المهام المشتركة 150، وهي قوة مهام بحرية تابعة للتحالف متعدد الجنسيات يقع مقرها في البحرين.
إلى هذا، ضبط مسؤولو الجمارك في مختلف موانئ منطقة الخليج، بما في ذلك ميناء جدة السعودي وميناء الشويخ الكويتي، شحنات من المخدرات غير القانونية المخبأة بطرق مختلفة.
وأوردت وسائل الإعلام الكويتية يوم الخميس، 21 تشرين الأول/أكتوبر، أن ضباط الجمارك في ميناء الشويخ ضبطوا 4 كلغ من مادة الميثافيتامين المخبأة داخل حاوية أثاث قادمة من إيران.
وذكرت وسائل الإعلام الكويتية أن شحنات مشابهة قادمة من إيران دخلت الكويت وهي مخبأة في صناديق فواكه وشوكولا،في حين أن مسؤولي الجمارك السعوديين في ميناء جدة عثروا على مخدرات مخبأة في صناديق برتقال ورمان.
ويوم 13 تشرين الأول/أكتوبر، أجهضت السلطات السعودية بالتعاون مع دولة الإمارات محاولة لتهريب 1.5 مليون قرص أفيتامين إلى المملكة.
ووجدت الأقراص مخبأة داخل شاحنة كان من المقرر تهريبها مع كميات كبيرة من حبوب الذرة عبر ميناء البطحاء، بحسب ما أفادت وسائل الإعلام المحلية.
تهريب الأسلحة والمخدرات
وفي حين أنه يتم ضبط الكثير من شحنات الأسلحة والمخدرات المهربة، يحاول البعض تجاوز المواني.
وفي هذا السياق، أوضحت الصحافية اليمنية المقيمة في القاهرة، منى محمد، أن "مكافحة التهريب في منطقة بحر العرب وشواطئ منطقة الخليج العربي أمر شاق جدا بسبب المسافات الشاسعة من الشواطئ التي تطل على هذه المياه".
وأضافت في حديثها للمشارق أن "المهربين يستغلون هذا الأمر لممارسة عمليات التهريب بكل أنواعه، لكن أكثر من يقوم بعمليات التهريب هو الحرس الثوري الإيراني".
وذكرت أن الجماعات المرتبطة بالحرس الثوري تنقل أقراص الكابتاغون وغيرها من المواد غير القانونية عبر حدود المنطقة لتمويل الحرس أو المجموعات التابعة له.
وأكدت أن بعض هذه المجموعات متورطة بشدة في تهريب الأسلحة، مع تنفيذ عمليات لتهريب الأسلحة "لأذرعها أو المجموعات التخريبية المنتشرة في المنطقة لزعزعة الأمن والاستقرار".
وتتم معظم عمليات التهريب عبر زوارق وسفن الصيد التقليدية.
وأشارت محمد إلى أن هذه الطريقة تعتبر المثلى نظرا لانتشار عمليات الصيد البحري وكثرة عدد السفن، ما يجعل من المستحيل للسلطات مراقبتها جميعها.
لكنها أكدت أن المهربين يواجهون خطرا كبيرا إذ أن القوات البحرية في المنطقة تقوم بالشراكة مع القوات البحرية المنتشرة في المنطقة، وبينها البحرية الأميركية، بتعزيز دورياتها وعمليات تفتيشها البحرية.
ففي شباط/فبراير، ضبطت مدمرة السفن الموجهة الأميركية يو إس إس ونستون تشرشل مخزونا ضخما للأسلحة أثناء تهريبها على متن سفينتين صغيرتين قبالة ساحل الصومال.
وقال مراقبون إن نمط الشحنة يطابق حالات سابقة من عمليات التهريب إلى اليمن عبر الصومال والتي يشتبه أنها إيرانية.
وأردفت محمد أن تعزيز الدوريات وعمليات التفتيش أدى إلى تراجع نسبة نجاح عمليات التهريب بشكل كبير، لافتة إلى رادع آخر هو تشجيع المدنيين على الإبلاغ عن عمليات التهريب غير القانونية التي يشهدونها.
توسيع نطاق المراقبة
هذا ويدفع برنامج المكافآت التابع لوزارة الدفاع الأميركية مقابل المعلومات التي تؤدي إلى توقيف الأشخاص المطلوبين وإلى العثور على مواقع مخازن الأسلحة أو تساعد في العمليات العسكرية ضد الإرهاب الدولي.
بدوره، قال الضابط السابق في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في دبي، العقيد راشد محمد المري، إن الشق المخصص لمكافحة التهريب البحري في منطقة الخليج في برنامج المكافآت "يأتي بنتائج كبيرة".
وأضاف أن "إطار المراقبة يتسع بشكل كبير مع اعتبار كل مواطن آو صياد أو عامل على الشاطئ عين مراقبة لأي محاولة تهريب".
وأوضح في حديث للمشارق أن المبادرة كانت فعالة على نحو خاص "إذ أن المهربين غالبا ما يكونون من السكان المحليين أو من المتعاونين معهم وأخبار عملياتهم تكون متاحة في دوائر ضيقة فتنكشف ويتم الإبلاغ عنها".
وأشار إلى أن غالبية العمليات التي يتم ضبطها تكون لتهريب الأسلحة إلى اليمن لحساب جماعة الحوثي التي تدعمها إيران ، أو لدول أخرى في الخليج أو عمليات تهريب مخدرات غير قانونية.
وذكر أن حزب الله اللبناني متورط في كثير من عمليات تهريب المخدرات.
وتابع المري أن عملية مراقبة المياه الإقليمية والشواطئ والسواحل "عملية صعبة جدا تحتاج للتتبع عبر الأقمار الاصطناعية والرادارات والطائرات والزوارق الحربية بالإضافة إلى العامل البشري".
وأكد أن هذا الأمر لم يكن ليتحقق "دون وجود القوات الأميركية في منطقة الخليج والقطع البحرية والجوية التي تقوم بالمراقبة على مدار الساعة بالتعاون مع القوات المحلية".
'إحدى أفضل الوسائل الرادعة'
من جانبه، أكد الدكتور عبد النبي بكار، وهو أستاذ بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، أن نظام المكافآت للإبلاغ عن الجرائم أمر أخلاقي وقانوني.
وقال إن برنامج "المكافآت مقابل المعلومات" يعتبر من أفضل الوسائل الرادعة للإرهاب وعمليات التهريب وباقي الجرائم، إذ يلعب المال الدور المحفز للمواطنين "لتقديم المعلومات الموثوقة".
وأضاف أن هذه البلاغات تعامل بالسرية التامة "وهو أمر إضافي لتشجيع المواطنين للإبلاغ عن التهريب".
وتابع بكار أن "الشعور الوطني يلعب دورا أيضا، إذ يساهم إفشال عمليات التهريب للأسلحة والمخدرات في الحفاظ على الأمن القومي الوطني وصد محاولات زعزعة الأمن والاستقرار".