قال محللون عسكريون إنتعزيز وجود القوات الأميركية والدولية في مضيق هرمز عقب سلسلة من عمليات الاحتجاز غير القانونية التي قامت بها إيران لناقلات النفط، قد جلب إحساسا بالطمأنينة للمنطقة.
يوم 3 أيار/مايو، قام أسطول من الزوارق السريعة التابعة لبحرية الحرس الثوري الإيراني بمحاصرة الناقلة اليونانية نيوفي التي ترفع علم بنما واحتجازها أثناء توجهها من دبي إلى الفجيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وجاء احتجاز السفينة في مضيق هرمز بعد ستة أيام من وقوع حادثة مماثلة في مياه الخليج، عندما هبطت قوات كوماندوز تابعة للبحرية الإيرانية من طائرات هليكوبتر على سطح ناقلة النفط أدفانتج سويت التي كانت متجهة إلى الولايات المتحدة وترفع علم جزر مارشال.
ويوم 12 أيار/مايو، أعلنت وسائل إعلام إيرانية احتجاز ناقلة ثالثة، وهي الناقلة بيورتي التي ترفع علم بنما.
وردا على هذه العمليات، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية يوم 12 أيار/مايو أنها ستعزز وضعها الدفاعي في المنطقة لمواجهة العدوان الإيراني.
وقال قائد القوات البحرية المشتركة نائب الأدميرال براد كوبر، الذي يترأس أيضا القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية والأسطول الخامس الأميركي، إن "عمليات الاحتجاز والمضايقات الإيرانية للسفن التجارية غير المبررة وغير المسؤولة وغير القانونية يجب أن تتوقف".
وأضاف أن الولايات المتحدة "ملتزمة بحماية حقوق الملاحة في تلك المياه الحيوية".
من جهته، قال الناطق باسم الأسطول الخامس الأميركي، تيم هوكينز، إن الأصول البحرية الموجودة بالفعل في مواقعها، بما في ذلك السفن والطائرات، ستستخدم في "زيادة الدوريات المتناوبة لتعزيز توجودهت وتحديدا في مضيق هرمز وحوله".
وسينفذ عمليات المراقبة الإضافية التحالف الدولي لأمن الملاحة البحرية الذي يتألف من 11 بلدا وتحالف الوعي البحري الأوروبي في مضيق هرمز الذي يتألف من ثمانية بلدان.
وأعلن الأسطول الخامس الأميركي أن قوات مشتركة من البحرين وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، نفذت يوم 14 أيار/مايو دورية متعددة الأطراف فوق مضيق هرمز.
واستجابة للمخاوف المتزايدة بشأن الشحن الدولي، أعدت الولايات المتحدة أسطولا من 100 مركبة سطحية غير مأهولة تفيد المعلومات أنها ستكون جاهزة للعمل في غضون أشهر قليلة.
شراكات أمنية
الضابط المتقاعد في الجيش الكويتي المقدم ناصر راشد قال للمشارق إن ردود الفعل في منطقة الخليج على التعزيزات العسكرية الأميركية كانت "إيجابية جدا على جميع الأصعدة".
وأشار إلى أن أسعار النفط لم تتأثر بعمليات الاحتجاز الأخيرة التي قامت بها إيران بعدما أعلنت الولايات المتحدة أنها ستعزز وجودها العسكري.
ولفت أيضا إلى أن دول المنطقة، بما فيها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، ترتبط بالفعل بشراكات استراتيجية مع الولايات المتحدة.
وذكر أن "إيران مارست التضليل حول سبب قيامها بهذه الأعمال العدائية"، في إشارة إلى عمليات الاحتجاز الأخيرة للناقلات.
وتابع أن إيران قد أكدت مجددا أنها طرف لا يمكن الوثوق به، "رغم التطورات السياسية الأخيرة ومحاولتها التقرب من دول الخليج".
بدوره، قال فتحي السيد المتخصص في الشأن الإيراني بمركز الشرق الأوسط للدراسات الإقليمية والاستراتيجية، إن توقيت الحوادث سبق القمة العربية في المملكة العربية السعودية.
وأضاف أن "هذا الأمر يؤكد النوايا الإيرانية الحقيقية القائمة على استمرار التعدي على حركة السفن وعدم احترامها للمواثيق الدولية".
الأمن البحري
وأوضح السيد أن التدخل الأميركي السريع أشاع في الإقليم جوا من الأمان في وجه العدوان الإيراني، سواء ذاك المتمثل بالتعدي على السفن المارة في المنطقة أو المتمثل بعمليات تهريب المخدرات والأسلحة.
وأكد أن دول الخليج تعتبر الأمن البحري "خطا أحمر لا يمكن المساس به"، مضيفا أن الإعلان الأميركي عن تدعيم القطع العسكرية يعتبر مؤشرا على إصرار الولايات المتحدة على وقف التعديات الإيرانية.
وذكر أن "العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية تعتبر صمام الأمان [للمنطقة] نظرا للإمكانيات الهائلة التي تمتلكها القطع البحرية الأميركية في الخليج".
من جانبه، قال الخبير العسكري السعودي منصور الشهري إنه عبر تعزيز وجودها في المنطقة، فإن الولايات المتحدة "قصدت توجيه رسالة للجانب الإيراني تؤكد على مدى عمق الشراكة الأميركية الخليجية والتزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة واستقرارها".
وأضاف في حديث للمشارق أنه شكل أيضا رسالة تطمين إلى المنطقة مفادها أن "الولايات المتحدة ملتزمة بالكامل بمسألة حفظ الأمن ضد أي خطر، خصوصا الخطر الإيراني المستمر والمتزايد".
إنشاء قوة مهام جديدة
ويوم الاثنين، 22 أيار/مايو، أنشأت القوات البحرية المشتركة التي تقودها الولايات المتحدة، وهي قوة بحرية متعددة الجنسيات، قوة مهام جديدة ستقوم بتدريب القوات البحرية للدول الشريكة وتحسن العمليات العملياتية لتعزيز الأمن البحري في الشرق الأوسط.
فأثناء احتفال أقيم في مقر الأسطول الخامس الأميركي في البحرين، دشن القادة قوة المهام المشتركة 154 (CTF 154)، وهي قوة المهام الخامسة التابعة للقوات البحرية المشتركة التي تتألف من 34 بلدا.
وستقوم قوة المهام المشتركة 154 بتنظيم فعاليات تدريب متكررة تتطرق لمسائل الوعي البحري والقانون وعمليات الاعتراض والإنقاذ والمساعدة، وأيضا تطوير القيادة.
وقال قائد القوات البحرية المشتركة براد كوبر إن "قواتنا البحرية تكون في أفضل حالاتها حين نتدرب ونقوم بالعمليات ونعمل معا".
وأضاف أن "إنشاء قوة المهام المشتركة 154 يثبت التزامنا العميق بتقوية الشراكات وتوسيعها عبر فرص تدريب جديدة ستعزز الأمن البحري الإقليمي".
وأكدت القوات البحرية المشتركة في بيان أن كابتن من البحرية الأميركية سيقود قوة المهام الجديدة، وسيقوم بإنشاء فريق أفراد متعدد الجنسيات وقيادته.
هذا وستتولى دولة أخرى قيادة القوة اعتبارا من أوائل فصل الخريف المقبل.
وسيتم أيضا زيادة عدد العناصر الأساسيين في قوة المهام المشتركة 154 من قبل الشركاء في القوات البحرية المشتركة خلال فرص التدريب الرئيسة، مثل الفعالية الافتتاحية لقوة المهام، وهي المناورة كومباس روز التي ستنطلق هذا الأسبوع في البحرين.
وبدأ أكثر من 50 مشتركا من البحرين والكويت وعمان وباكستان والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في الوصول اعتبارا من يوم الأحد للمشاركة في المناورة.