في الوقت الذي وضع فيه الكثيرون أملهم بأن يؤدياتفاق السلام الذي أبرم مؤخرا بين إيران والسعودية إلى إنهاء الحرب في اليمن، رأى محللون أن الزمن وحده كفيل بإظهار مدى التزام إيران بهذه العملية التزاما فعالا.
ويعتبر كثيرون في اليمن أنإيران ستواصل مد الحوثيين بالأسلحة والتدريب، مشيرين إلى أن الاتفاق الإيراني السعودي الذي توسطت فيه الصين لم يتطرق لهذه المسألة.
وقال فاضل الهندي، من مركز البحوث الإنسانية والاجتماعية التابع لجامعة الملك عبد العزيز، إن الاتفاق "لم يتطرق الى تفاصيل حقيقية بقدر ما تطرق إلى الإبقاء والحفاظ علىالهدنة المعلنة في اليمن بين الاطراف المتقاتلة".
وأوضح للمشارق أن التبادل الناجح للأسرى الذي تم مؤخرا بين الحكومة اليمنية والحوثيين لا يعني أن الاتفاق نفسه سيكون ناجحا.
وأشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تبادل الأسرى بين الجانبين منذ بدء الحرب، لكن الوضع العام لم يتغير والصراع ما يزال مستمرا.
وحذر الهندي من أن إيران لا تحترم المواثيق الدولية وتنفذ هجمات ليس فقط في اليمن، بل أيضا في جميع مناطق النزاع حيث تتواجد أذرع الحرس الثوري الإيراني.
ووصف الحرس الثوري الإيراني بأنه "غير أهل للثقة" على الإطلاق، مشيرا إلى تاريخه الطويل في انتهاك الاتفاقات الدولية.
من جانبها، قالت الصحافية اليمنية المقيمة في القاهرة منى محمد، إن عملية تبادل الأسرى "لا تشكل بالضرورة دليلا على نجاح اتفاقية السلام أو الاتجاه الفعلي نحو التهدئة الدائمة".
وأضافت للمشارق أن آلاف الأسرى ما يزالون في السجون الحوثية، ويوجد آلاف المفقودين الذين لم تتم الإشارة إليهم.
’اوقفوا تسليح الحوثيين‘
وأكدت محمد بأن السلام في اليمن لن يحصل إذا بقي السلاح بيد الحوثيين الذين ارتكبوا مجازر حقيقية واستهدفت هجماتهم بشكل مباشر المناطق السكنية.
وشددت على أن أية عملية سلام دائم في اليمن لا يمكن ان تنجح إلا بعد وضع حد لمسألة تسليح الحوثيين وتسليمهم، على الأقل، الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية والمسيرات المتفجرة التي حصلوا عليها من الحرس الثوري الإيراني.
بالإضافة إلى ذلك، شددت محمد على ضرورة أن يثبت الحوثيون استعدادهم لمحاكمة عناصرهم المسؤولين عنارتكاب فظائع ضد المدنيين.
من ناحيته، قال الخبير العسكري السعودي منصور الشهري للمشارق إن الحرس الثوري الإيراني واصل رفد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ خلال الهدنة، ويعتبر ذلك دليلا على حقيقة نواياه كما نوايا جماعة الحوثي.
ويبدو الأمر، وفق ما تابع، وكأن الحرس الثوري الإيراني يمارس الخداع خلال عملية التفاوض من خلال الحفاظ على ترسانة الصواريخ في مناطق سيطرته في الشرق الأوسط لاستخدامها أو التهديد باستخدامها عند الحاجة.
وقال إن الاتفاق لم يتناول ما إذا كان سيتم تسليم الأسلحة أو إذا كان نقلها إلى دول مختلفة في المنطقة سيتوقف.
ضرورة حل مشكلة النفط
ولفت مراقبون إلى أن الحوثيين أظهروا سابقا استخدام أسلحتهم لمهاجمة البنية التحتية النفطية اليمنية والسعودية والإماراتية من أجل تحقيق أهدافهم الخاصة، وقد يفعلون ذلك مرة أخرى.
وفي 21 تشرين الأول/أكتوبر و9 تشرين الثاني/نوفمبر، شن الحوثيون هجمات على موانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة بهدف تعطيل صادرات النفط.
وفي تقرير صدر في 27 شباط/فبراير، أشار معهد الشرق الأوسط إلى أنه حتى مع استمرار الحوثيين في محادثاتهم مع المملكة العربية السعودية، فإن الجماعة المدعومة من إيران "تزيد الضغط" على الحكومة اليمنية بطرق مختلفة.
وقال المعهد إنه بعد وقت قصير من رفضهم تجديد الهدنة في 2 تشرين الأول/أكتوبر، بدأ الحوثيون في التصعيد ضد الحكومة في محاولة لاستنفاد مواردها المالية وإثارة الاضطرابات الاجتماعية في المناطق التي تسيطر عليها.
وقالت صحيفة الشرق الأوسط إن هدف الحوثيين كان إجبار الحكومة على إعادة النظر في مطالبها الحالية "حتى لو كانت تفتقر إلى الوسائل للقيام بذلك".
وأضافت أن الجماعة حذرت في وقت سابق الحكومة وشركات النفط من أنها ستشن هجمات على البنية التحتية الحكومية الحيوية ما لم تحصل على حصة من عائدات النفط، من بين شروط أخرى.
وقال الخبير العسكري السعودي الشهري إن موضوع اقتسام عائدات النفط بين الجميع في اليمن أمر يجب معالجته بدقة.
وتساءل كيف يمكن السماح بتدفق الأموال إلى الحوثيين بينما تواصل إيران تسليحهم، مشيرا إلى أنه إذا استمر الحوثيون في تلقي الأسلحة، فسوف يسعون حتما لتوسيع نفوذهم على الأرض.
وأشار إلى أن أية عائدات نفط إضافية تتدفق على الحوثيين ستخفف الضغط المالي على إيران، الأمر الذي قد يمكّن الجمهورية الإسلامية من إعادة توجيه الإيرادات إلى عملياتها العسكرية.