عدن -- كشف تقرير قدمه الشهر الماضي أعضاء فريق خبراء أممي معني باليمن إلى مجلس الأمن الدولي عن احتمال تهريب أسلحة إيرانية للحوثيين ي مناطق سيطرة بواسطة طائرات مسيرة.
وقال محللون معنيون بالشأن اليمني إنه في حال حلقت المركبات الجوية الناقلة غير المأهولة والمعروفة باسم المسيرات في مسار جوي جديد، يمكنها تجنب مراقبة القوات البحرية المشتركة التي تقوم بدوريات في بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر.
ودأبت هذه القوات على ضبط شحنات من الأسلحة الإيرانية وهي في طريقها إلى الحوثيين على طول مسارات تهريب معروفة في المياه الدولية.
وفي تقريره بتاريخ 21 شباط/فبراير، قال فريق الخبراء إن عمليات التهريب قد تتم عبر مسار جوي جديد من سلطنة عُمان إلى مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن.
ورجح التقرير أن تسقط المسيرات هذه الأسلحة فوق تلك المناطق بواسطة مظلات.
تحليل حطام المسيرات
ووفقا للفريق، فقد تحطمت طائرة مسيرة بجناح دلتا في المنطقة الشرقية من سلطنة عُمان.
وقدّر بداية أنها تندرج ضمن موجة الهجمات التي استهدفت الإمارات العربية المتحدة، لكن عُمان أبلغت الفريق أن الطائرة كانت تسير "في اتجاه شمالي جنوبي" وأنها "لم تكن مجهزة لأغراض الهجوم أو الاستطلاع".
وأشار الفريق بدوره إلى أن الطائرة المسيرة تتمتع بخصائص تقنية "مماثلة للطائرة المسيرة وعيد المزودة ببجناح دلتا، والتي ظهرت لأول مرة عبر وسائل الإعلام التابعة للحوثيين يوم 11 آذار/مارس 2021.
وتابع فريق الخبراء أن الطائرة وعيد "نسخة أكبر ومتقدمة تقنيا" من الطائرة المسيرة التي وثق استخدامها في الهجمات التي شنت على المملكة العربية السعودية في عام 2019".
وأوضحوا أنه "في حين تورطت الطائرات المسيرة من طراز وعيد في هجمات على الناقلة مرسر ستريت يوم 29 تموز/يوليو 2021 والناقلة باسيفك زكرون يوم 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 في خليج عمان، فالفريق ليس على علم باستخدام الحوثيين لها في شن هجمات".
لكن الفريق قام بفحص الحطام غير المكتمل لطائرة مسيرة من طراز وعيد اكتشفتها قوات حكومة اليمن على جبهة مأرب في أيلول/ سبتمبر 2020، "ما يشير إلى أن هذه المنظومة من الأسلحة كانت تستخدم في اليمن".
وقال الفريق إنه من الممكن أن تكون الطائرة المسيرة التي عُثر عليها في صحراء عمان "قد تحطمت أثناء 'رحلة عبور' إلى الإقليم الذي يسيطر عليه الحوثيون، فيما يعتبر طريقا جديدا للإمداد".
تجنب المراقبة البحرية
وتعليقا على ما أورده التقرير، قال المحلل السياسي فيصل أحمد للمشارق إن احتمال استخدام مسار جوي لتهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين عبر المسيرات "وارد جدا".
وأضاف أن إحدى مزايا مثل هكذا مسار هي تجنب سفن المراقبة التي تقوم بدوريات في المياه الدولية على طول مسارات بحرية، والتي ضبطت فيها الكثير من شحنات الأسلحة الإيرانية المتوجهة للحوثيين.
وأوضح أن تقرير فريق الخبراء أكد تشابه المسيرة التي عثر عليها في صحراء عمان مع المسيرة الإيرانية من طراز وعيد والتي وجدتها القوات الحكومية في جبهة مأرب، وأيضا مع المسيرات المستخدمة في الهجوم على السعودية.
وأشار أحمد أيضا إلى قدرة إيران على صناعة المسيرات وتزويدها لروسيا لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا، وهذا "يرجح ما ذهب إليه فريق الخبراء".
وأكد أن "تعدد مسارات تهريب السلاح الإيراني من بحرية وبرية وجوية، يجعل نجاح توصيلها للحوثيين كبيرا، ويصعّب في الوقت عينه عملية ضبطها".
بدوره، قال المحلل السياسي محمود الطاهر في حديث للمشارق إن "الحوثيين استغلوا الهدنة الأممية في اليمن ليستحدثوا العديد من وسائل تهريب الأسلحة الإيرانية إليهم"، بينها المسيرات من سلطنة عمان إلى اليمن.
وأضاف كل أسبوع تعلن الدوريات البحرية الموجودة في المنطقة عن إحباط عملية تهريب إيرانية إلى اليمن.
وتابع "وفي الوقت نفسه، نجد الحوثيين يصعدون في الجبهات اليمنية، ما يؤكد أن الميليشيا الموالية لإيران لا تسعى إلى السلام، إنما لخوض جولات جديدة من القتال".
مجالات متعددة للتهريب
من جهته، قال المحلل السياسي أحمد الصباحي للمشارق "ليس مستغربا استخدام الإنزال المظلي لإيصال قطع الصواريخ والطائرات المسيرة، خصوصا أن الأدوات متاحة والدعم الإيراني متوفر".
وأضاف أن "تهريب قطع الطائرات المسيرة ومضادات الدروع والدبابات والأسلحة المتوسطة وأجزاء من الصواريخ البالستية مستمر عبر طرق تهريب مختلفة".
وأوضح أن ذلك يتم عبر "أدوات وعملاء ومال كبير، بدعم وتمويل وتدريب إيراني".
وأشار الصباحي إلى أن الطائرات المسيرة وسيلة من وسائل تهريب للأسلحة جوا، لكن هناك مجالات وخطوط بحرية وبرية أساسية.
وتابع أنه "عندما يتم ضبط شحنة أسلحة، فاعلم أن هناك عشر سفن أخرى قد تمكنت من العبور، وهذا يتم عن طريق قوارب صيد صغيرة وطرق أخرى".
وذكر أن الشريط الساحلي لليمن طويل جدا ويمتد لأكثر من 2500 كيلومتر، ولا يمكن تاليا مراقبته بالكامل.