القامشلي -- قالت عناصر أمنية محلية إن السلطات الكردية انتشلت الاثنين، 14 تشرين الثاني/نوفمبر، جثتي فتاتين مصريتين ملقتين في مياه الصرف الصحي بمخيم الهول في سوريا، فيما تغدو حملة إعادة الأجانب إلى بلدانهم أكثر إلحاحا..
وصرح مصدر أمني كردي يوم الثلاثاء شريطة عدم الكشف عن هويته، أنه "تم العثور على جثتي فتاتين مصريتين في مياه الصرف الصحي" في المخيم الصحراوي المترامي الأطراف بمحافظة الحسكة.
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الفتاتين قتلتا بآلة حادة، مضيفا أن القوات الكردية التي تشرف على أمن المخيم كانت قد نقلت الجثتين إلى مستشفى للتحقيق.
هذا ويعيش في المخيم الذي يقع في شمال شرق سوريا أكثر من 50 ألف شخص، بينهم أقارب عناصر مشتبه بانتمائهم لتنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش)، وبعضهم متطرف في الأصل.
ويعد مخيم الهول، الذي تديره السلطات الكردية شبه المستقلة، أضخم مخيم للنازحين الذين فروا بعدما طردت القوات الكردية، بدعم من التحالف الدولي، تنظيم داعش من آخر معاقله في سوريا في عام 2019.
ويشتهر المخيم بتفشي أعمال العنف فيه، كعمليات إحراق وعمليات قتل متعمدة نفذتها ما تسمى بوحدات الحسبة، وهي جماعات حراسة تتألف من داعشيات متشددات يتطبقن تفسير التنظيم المتشدد للشريعة.
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية إنها "صدمت بشدة" من مقتل الفتاتين.
وأشارت المديرة القطرية للجنة في سوريا تانيا إيفانز إلى أن "هذا الحادث الأخير الذي انطوى على وفاة أطفال في مخيم الهول يسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل لحلول طويلة الأجل لهم".
'الكثير من القصص المأسوية'
ووفق منظمة أطباء بلا حدود التي قارنت مؤخرا مصير آلاف الأطفال الذين يعيشون في مخيم الهول بمن يعيش في "سجن ضخم في الهواء الطلق"، يكل الأطفال ما يصل إلى 64% من إجمالي سكان المخيم، ونصفهم دون سن الـ 12 عاما.
وقالت مارتين فلوكسترا مديرة عمليات المنظمة في سوريا "لقد رأينا وسمعنا الكثير من القصص المأسوية".
وأشارت المنظمة في تقرير إلى افتقار المخيم للرعاية الصحية، كما تطرقت إلى حوادث العنف، محذرة في الوقت نفسه من الوضع الخطير الذي يواجهه الأطفال.
وأضافت أن البعض توفي "نتيجة للتأخير الطويل في الوصول إلى الرعاية الطبية الملحة"، وثمة قصص "لفتيان صغار زعم أنه يتم أخذهم بالقوة من أمهاتهم حين يبلغون سن الحادية عشرة، ليتواروا بعد ذلك عن الأنظار".
وأوضحت أن الكثير من الأطفال المحتجزين بالمخيم ولدوا هناك "وحرموا من طفولتهم وحُكم عليهم بأن يعيشوا حياة معرضة للعنف والاستغلال، دون أي تعليم ودون أي أمل في الأفق وبدعم طبي محدود".
ويستشهد التقرير بحالة طفل في الخامسة من العمر صدمته شاحنة ومات بعد الانتظار عدة ساعات لدخول المستشفى.
وأشارت المنظمة إلى أن 79 طفلا لقوا حتفهم في عام 2021.
وقتل البعض في أعمال عنف، بينها حالات إطلاق نيران داخل المخيم حيث تكثر الهجمات على الحراس أو العاملين في الحقل الإغاثي. لكن غالبية حالات الوفاة مرتبطة بالجريمة.
وفي شهر أيار/مايو، أدرجت الولايات المتحدة على اللائحة السوداء خمس أعضاء في شبكة من الميسرين الماليين تابعة لداعش ساعدت التنظيم في تجنيد الأطفال من مخيمات النزوح في سوريا، بما في ذلك الهول.
الحاجة للإعادة إلى الوطن
ويوجد بين المحتجزين في مخيم الهول أكثر من 10 آلاف أجنبي يتحدرون من عدة بلدان في المنطقة وخارجها.
وتعتبر منظمة أطباء بلا حدود أن مسؤولية هؤلاء الأجانب، الذين يعيشون في جزء منفصل من المخيم يسمى "الملحق"، تقع على كاهل بلدانهم الأم التي قالت إنها فشلت في الوفاء بالتزاماتها لإرجاعهم إلى الوطن.
وقالت فلوكسترا إنه "يتم إحراز تقدم لإغلاق المخيم لكنه غير كاف".
وكانت السلطات الكردية قد طالبت مرارا وتكرارا تلك البلدان بإرجاع مواطنيها من المخيمات المكتظة.
ولكن حتى مؤخرا، لم تستقبلهم بلدانهم إلا بصورة متقطعة، إذ تخشى من التهديدات الأمنية وردة الفعل السياسية في الداخل.
إلا أن وتيرة عمليات الإعادة للوطن تسارعت استجابة لمطالبات المتزايدة لإعادة الأجانب إلى وطنهم، علما أن العراق أعاد 640 من مواطنيه من مخيم الهول في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول.
وأعادت استراليا وكندا كذلك الشهر الماضي بعضا من مواطنيهما من مخيمي الهول وروج، وهو مخيم آخر خاضع للسيطرة الكردية في سوريا.
وخلال العام الجاري، أعادت أيضا ألمانيا وفرنسا وطاجيكستان وبلجيكا بعضا من مواطنيها أو جميعهم.