القاهرة -- قال عاملون في مخيمات الهول وروج إنه فيما تأخذ بعض البلدان المبادرة لتحمل المسؤولية عن مواطنيها وإعادتهم إلى الوطن من المخيمات التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرقي سوريا، فإن الأمن في تلك المنشآت يتحسن.
وكانت السلطات الكردية قد طالبت مرارا وتكرارا البلدان بإعادة مواطنيها من المخيمات المكتظة، وأكبرها مخيم الهول، وقد نفذت معظم تلك البلدان ذلك بصورة متقطعة مع أنها كانت تخشى التهديدات الأمنية وردود الفعل السياسية العنيفة.
هذا ويقيم آلاف النساء والأطفال من نحو 60 بلدا، وهم أقارب مقاتلي تنظيم داعش، في مخيم الهول، حيث يبلغ عددهم الإجمالي نحو 56 ألف شخص.
والغالبية العظمى منهم، أي نحو 29 ألف، هم من العراقيين. ويوجد أيضا نحو 18 ألف سوري ونحو 8 آلاف من جنسيات أخرى يتحدرون من بلدان في أوروبا وآسيا وبلدان أخرى في المنطقة.
وفي ضوء أعمال العنف داخل المخيم، نفذت قوات سوريا الديموقراطية (قسد) وقوات الأمن الداخلي الكردية (أسايش) مؤخرا عملية أمنية ضخمة، وهي الثانية من نوعها في غضون عام.
لكن المسؤولين استمروا في التشديد على ضرورة إعادة الأجانب إلى أوطانهم، وذلك في ظل جهود مكثفة لحث البلدان على سحب مواطنيها من المخيم وتحمل نصيبها من عبء المسؤولية عن رعايتهم وإعادتهم إلى أوطانهم.
ويتضمن ذلك عند الاقتضاء، توفير محاكمات عادلة لضمان تقديمهم للعدالة عن أي أفعال تخالف القانون.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن ألمانيا أعلنت الأربعاء الماضي، 5 تشرين الأول/أكتوبر، إعادة 12 شخصا من مخيم روج.
وفي اليوم نفسه، أعلن وزير العدل الفرنسي إريك دوبون-موريتي إعادة 77 طفلا قاصرا في سبع عمليات، مع إعادة ستة آخرين إلى فرنسا من العراق.
كما أن طاجيكستان وبلحيكاوالعراق من ضمن البلدان التي أعادت هذا العام بعضا أو كل مواطنيها من المخيمات السورية.
'الأطفال ليسوا مسؤولين'
وأعلنت وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بيربوك يوم الأربعاء، أن سبعة أطفال وأربعة نساء أعيدوا إلى ألمانيا. وكان صبي مراهق قد أخذ إلى سوريا وعمره 11 سنة هو جزء من هذه المجموعة.
وقالت، مشيرة إلى المواطنين الألمان العالقين في المخيمات السورية، "أشعر بالراحة من أن هذا الإجراء قد سمح لنا بإغلاق كل الحالات المعروفة تقريبا".
وأضافت "أشعر بالراحة على نحو خاص لأن الأطفال ليسوا مسؤولين عن اختيارات والديهم المصيرية"، معتبرة أنه من المستحيل تركهم "بدون مستقبل في مخيمات شمال شرق سوريا".
وقالت وزارة الخارجية الألمانية أن النساء والصبي المراهق سيتوجب عليهم "تحمل المسؤولية عن أفعالهم"، وأنه قد تم احتجازهم عند وصولهم إلى بلدهم.
وأوضحت أنه توجد حالة واحدة فقط لم يتم فيها تنفيذ ما اتفق عليه من إعادة للوطن، وأن الأمهات لم يرغبن في العودة في الحالات الأخرى.
وتابعت الوزارة أن ست عمليات قد أدت إلى إعادة 76 طفلا قاصرا و26 امرأة إلى ألمانيا من شمال شرقي سوريا حتى تاريخه.
وكانت الحكومة الفرنسية قد نفذت أول عملية كبيرة لإعادة مواطنيها في وقت سابق من هذا العام. وعقب هذه العمليات المعلنة، ما يزال نحو 100 امرأة ونحو 250 طفلا من المواطنين الفرنسيين في المخيمات السورية.
وأوردت وسائل الإعلام الأسترالية يوم 3 تشرين الأول/أكتوبر، أن الحكومة كانت قد قررت أن تعيد إلى الوطن من المخيمات نحو 20 امرأة استرالية و40 طفلا.
إلا أن متحدثا باسم وزيرة الشؤون الداخلية الأسترالية، كلير أونيل، لم يؤكد عملية الإعادة إلى الوطن من مخيمات الهول وروج، واكتفى بالقول إن الحكومة ستحمي مواطنيها.
جهود الحفاظ على الأمن
وأكد عاملون في مخيمات الهول وروج للمشارق أن قوات قسد نجحت في الحفاظ على الأمن وفي منع انتشار الفكر المتطرف.
وقالت نرمين عثمان العاملة في قسم الإغاثة بالهلال الأحمر الكردي، إن قوات قسد تبذل جهودا "جبارة" لتأمين المخيمات بدعم تام من قوات التحالف الدولي.
ولفتت إلى أن الحفاظ على الأمن داخل المخيماتومنع تشكيل خلايا جديدة لداعش ومنع عودة انتشار الفكر الداعشي يتم من خلال العمليات الأمنية الدقيقة التي تجري بشكل دوري.
وأشارت إلى أن مخيم روج يعتبر من المخيمات الأكثر أمنا، وهو يضم النساء والأطفال الأجانب المتحدرين من عدد من الدول.
وأضافت أنه تجري في الوقت الحالي عملية إعادة فرز للعائلات في مخيم الهول بحيث يتم نقل الأمهات والأطفال إلى مخيم روج بشكل تدريجي، وأنه قد تم بالفعل إنشاء قسم ثالث لاستقبال من يتم نقلهم.
وأوضحت أن هذه العملية تهدف إلى تخفيف الضغط البشري في مخيم الهول، بالإضافة إلى تسهيل عملية المراقبة للأجانب في مخيم روج استعدادا لاستلامهم من قبل سلطات بلادهم.
بدوره، قال أحد ضباط قوات قسد فرهاد خوجة، إن العديد من البلدان قد بدأت في أخذ مواطنيها، وإن عمليات التسليم تتم بدعم لوجستي وأمني من التحالف الدولي.
من جهته، قال المحامي السوري بشير البسام إن العديد من البلدان لديها مواطنين في المخيمات، مشيرا إلى أن تلك البلدان مسؤولة عن رعايتهم على الصعيدين الإنساني والقضائي.
وأضاف أنه "رغم تغاضي بعض الدول عن مسؤولياتها والتباطؤ بعملية إعادة مواطنيها، فالمخيمات تعتبر تحت السيطرة رغم بعض الحوادث التي تحصل بين الحين والآخر".
وأوضح أن مخيم روج يعتبر آمنا، مؤكدا أن قوات قسد لم تحافظ فقط على أمن المخيم وقاطنيه، بل أيضا منعت عودة انتشار الفكر الداعشي من جديد خصوصا لدى الأطفال.