قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته الثلاثاء، 23 آذار/مارس، إن على الحكومات الأجنبية أن تخرج على وجه السرعة مواطنيها من مخيمي الهول وروج الخاضعين للإدارة الكردية في محافظة الحسكة السورية.
وأضافت أن على هذه الحكومات أيضا أن تعمل على ضمان اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة في ما يخص المشتبه بانتمائهم لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والمحتجزين في المخيمات بشمال شرق سوريا.
فبعد مرور عامين على هزيمة تنظيم داعش في الباغوز الذي كان يعد آخر معاقله بسوريا، لا يزال نحو 43 ألف أجنبي مرتبطين بداعش محتجزين في شمالي شرقي سوريا.
وإن أصل نحو 31 ألف منهم من العراق، فيما نحو 12 ألف آخرين هم من 60 بلدا آخر تقريبا. وأكثر من نصف هؤلاء أي نحو 27500 فرد، هم من الأطفال.
وقال نائب الرئاسة المشتركة في الإدارة الذاتية بدران جيا كورد لهيومن رايتس ووتش إن احتجاز الأجانب "يشكل عبءا هائلا" على الإدارة الذاتية.
ولكن لم تلق الدعوات المتكررة الموجهة للحكومات لتعيد توطين مواطنيها آذانا صاغية، ولم يتم إرجاع إلا عدد محدود من الأطفال والكثير منهم أيتام وعدد قليل من النساء إلى أوطانهم خلال السنوات الثلاثة الماضية.
وأضاف جيا كورد أن "المجتمع الدولي، ولا سيما البلدان التي لها مواطنين في المخيمات والسجون، لا تتحمل مسؤولياتها. وإذا لم يتم حل هذه المسألة، فإنها ستؤثر على العالم بأسره وليس علينا فقط".
مناشدات متكررة لتقديم المساعدة
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي على البلدان التي لها مواطنين في شمال شرق سوريا أن تستجيب للمناشدات المتكررة التي تطلقها الإدارة الذاتية لمساعدتها في توفير الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجزين.
وأوضحت المنظمة أن تلك الإجراءات تتضمن الحق في الاعتراض على قانونية وضرورة احتجازهم أمام قاض، مشيرة إلى ضرورة أن يتم إطلاق سراح من لم توجه لهم تهمة بجريمة جنائية على الفور.
وتابعت أن على الدول الأجنبية أيضا أن تستجيب للدعوات المتكررة التي تطلقها الإدارة الذاتية لإعادة توطين المحتجزين غير المتهمين بارتكاب جرائم، مع إعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفا.
وذكرت أن الأطفال الذين يتم إرجاعهم إلى بلدانهم ينبغي أن يرافقوا أهاليهم تماشيا مع حق الطفل بوحدة الأسرة. أما الأجانب الذين يواجهون خطر الموت أو التعذيب أو شكل آخر من المعاملة السيئة في بلدهم الأم، فينبغي نقلهم إلى بلد آخر آمن.
وقالت المنظمة إنه عند نقل المحتجزين إلى بلدهم الأم أو إلى الخارج، يمكن أن توفر لهم خدمات إعادة التأهيل والدمج، كما سيتم التحقيق معهم وملاحقتهم قضائيا كما يقتضي الأمر.
وشددت على أنه يجب التعامل مع الأطفال الذين عاشوا في ظل حكم داعش ومع أي نساء تم الإتجار بهن من قبل التنظيم على أنهم ضحايا قبل أي شيء، ولا ينبغي أن يواجه الأطفال الملاحقة والاحتجاز إلا في ظروف استثنائية.
وفي هذه الأثناء، يجب على الحكومات الأجنبية والجهات المانحة أن تزيد على الفور حجم المساعدات لتحسين ظروف المخيمات والسجون في شمال شرق سوريا، مع الضغط على مجلس الأمن بالأمم المتحدة لإعادة الموافقة على تنفيذ عمليات توزيع المساعدات الحيوية.
جهود ʼرمزيةʻ لإعادة التوطين
ويبلغ عدد البلدان التي يعرف أنها أعادت توطين مواطنين من شمالي شرقي سوريا 25 بلدا فقط، ولم تقم بإعادة توطين أو لم تساعد إلا عددا رمزيا على العودة.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أنه وفقا لأرقام منظمة "أنقذوا الأطفال" ومنظمة هيومن رايتس ووتش، تراجعت عمليات إعادة التوطين من 29 عملية عام 2019 إلى 17 في عام 2020 و3 في الأسابيع العشرة الأولى من عام 2021.
وكانت كازاخستان رائدة في هذا المجال، حيث أعادت ما يزيد عن 700 من مواطنيها إلى بلدهم الأم على مر السنوات.
وتقدم الأمم المتحدة وجهات مانحة بينها العديد من البلدان الأم لمحتجزين أجانب، مساعدات إنسانية للمحتجزين وغيرهم في شمال شرق سوريا.
ولكن قال خبراء من الأمم المتحدة وآخرون إنه لا يزال هناك نقص حاد في المياه النظيفة والأغذية والأدوية والمأوى المناسب والأمن.
وقد مول الجيش الأميركي الذي يقود التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، تدابير تعزيز الأمن والتخفيف من الاكتظاظ في بعض السجون.
ويعتزم التحالف الدولي تمويل إنشاء مراكز احتجاز إضافية للنساء المشتبه بهن، إضافة إلى مركز إعادة تأهيل يتسع لـ 500 سرير للفتيان الأكبر سنا، بحسب هيومن رايتس ووتش.
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط يوم الثلاثاء أن التحالف قد أطلق مشروعا لمضاعفة القدرة الاستيعابية لأحد السجون في محافظة الحسكة.
وأوضحت الصحيفة أن المركز الحالي الذي تديره قوات سوريا الديموقراطية يضم 3 مبان كانت سابقا للدراسة، وفيها نحو 5 آلاف سجين من 50 جنسية مختلفة، غالبيتهم من العراق.
ʼضرورة ملحة لمكافحة الإرهابʻ
وفي هذا السياق، قال المسؤول في هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية فنر كعيط لصحفية الشرق الأوسط إن هدف التوسيع هو تعزيز الأمن ومنع الفرار الجماعي من المركز.
وأوضح أن الاكتظاظ يمثل تحديا خطيرا للضباط الذين يحرسون السجن، مضيفا أن المملكة المتحدة التي هي عضو رئيسي في التحالف الدولي، ستشرف على عملية التوسيع وتقدم الدعم اللوجستي.
وتابع "نحتاج للدعم الدولي لتأمين مراكز الاحتجاز هذه"، مشيرا إلى أن الدعم الدولي الحالي ليس كاف لتسوية وضع سجناء داعش وأسرهم.
وفي كانون الثاني/يناير، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عمليات الإعادة إلى الوطن من قبل البلدان الأم، ولا سيما تلك الخاصة بالأطفال، بأنها "ضرورة ملحة واستراتيجية لمكافحة الإرهاب".
وذكرت الأمم المتحدة في تقرير صدر في شباط/فبراير، أنها كانت قد وثقت حالات "تطرف وجمع أموال وتدريب وتحريض على العمليات الخارجية" في مخيم الهول.
كما حذرت من مصير نحو 7 آلاف طفل يعيشون في منشأة خاصة لأقارب عناصر داعش الأجانب.
وقالت الأمم المتحدة إنه "تتم تهيئتهم ليصبحوا عناصر بداعش في المستقبل".