يعرف الجنرال الذي عين مؤخرا لقيادة الهجوم الروسي على أوكرانيا بقسوته، ما أكسبه لقب "الجنرال هرمجدون".
وقبل أن يتولى منصبه الجديد في 8 تشرين الأول/أكتوبر، حصد الجنرال سيرغي سوروفيكين لقبا آخر هو "جزار سوريا" نتيجة الأفعال التي ارتكبها في البلاد، وقد فرضت عليه عقوبات على خلفية الانتهاكات التي ارتكبها خلال الهجوم على إدلب عام 2019.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن سوروفيكين البالغ من العمر 55 عاما، ولد في نوفوسيبيرسك بسيبيريا ولديه خبرة قتالية اكتسبها في الحروب التي دارت في تسعينيات القرن الماضي في طاجيكستان والشيشان.
وفي الآونة الأخيرة، خدم على نحو متقطع بين عامي 2017 و2020 في سوريا حيث تدخلت موسكو عام 2015 لدعم نظام بشار الأسد الوحشي، وعين بعد ذلك لقيادة قوات "الجنوب" في أوكرانيا.
ولم يكشف رسميا عن اسم سلفه، ولكن ذكرت بعض وسائل الإعلام الروسية أنه الجنرال ألكسندر دفورنيكوف وهو قائد أيضا في سوريا.
وأعلن عن تعيين سوروفيكين بعد أن تعرضت القوات الروسية في أوكرانيا لسلسلة من الانتكاسات العسكرية والهزائم المدوية، ما أدى إلى تأجيج الانتقادات التي طالت القيادة العسكرية وأكاذيبها بشأن تقدم الحرب.
واعتبر محللون إن تعيين الكرملين لسوروفيكين والإعلان عنه بخلاف العادة، يشير على ما يبدو إلى أن روسيا تميل إلى اتباع نهج إباحة استخدام كل الوسائل في الحرب التي بدأتها، وشرعت بتجنيد شعبها.
يُذكر أن كثيرين في سوريا على معرفة بهذا النهج.
’جزار سوريا‘
وفي هذا الإطار، ذكرت محطة بي.بي.سي أن سوروفيكين أشرف في سوريا بصفته قائد وحدة الفضاء الروسية، على عملية تدمير جزء كبير من مدينة حلب.
وقال مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر، إن القوات الروسية شاركت تحت قيادته في التغطية على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية.
وكشف ليستر لمحطة بي.بي.سي، أن تلك القوات شهدت على تحميل غاز الأعصاب أي السارين على متن الطائرات السورية قبل دقائق من وقوع هجوم كيميائي مميت ببلدة خان شيخون ذهب ضحيته أكثر من 80 شخصا.
وسعت روسيا لاحقا إلى إحباط الجهود المبذولة لمحاسبة النظام السوري على استخدامه الأسلحة الكيميائية، وذلك عبر عرقلة التحقيقات المستقلة وتقويض عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
ووفقا لليستر، يتخذ سوروفيكين "موقفا لا مكان للرحمة فيه إزاء العدو"، ولا يميز بين المقاتلين والمدنيين.
وقال كيريل ميخائيلوف الباحث في مجموعة كونفليكت إنتليجنس تيم لصحيفة واشنطن بوست، "يطلق عليه لقب ’جزار سوريا‘، لكن كل جنرال تولى هذا المنصب كان جزارا في سوريا".
وأضاف "إنها وظيفة تقوم بها لأن قتل الناس وجعل حياتهم بائسة هو ما تبرع به القوات الجوية الروسية".
وبحسب كتاب "الاستراتيجية والعقيدة العسكرية الروسية" الذي نشرته مؤسسة جايمس تاون في شباط/فبراير 2019، إن "سوروفيكين مشهور بقسوته المطلقة".
وأمضى نحو 6 أشهر في السجن بعد أن قتل جنود تحت إمرته 3 متظاهرين مناهضين للشيوعية في شوارع موسكو عام 1991، وحُكم عليه بالسجن في عام 1995 مع وقف التنفيذ بتهمة الإتجار غير المشروع بالأسلحة.
وفي عام 2004، اتهم بضرب ضباط تحت قيادته.
ومع ذلك، فإن "استعداد سوروفيكين لتنفيذ أي أوامر بحزم أبطل أي أسئلة محتملة حول سيرته الذاتية المتقلبة".
هجوم وحشي على إدلب
وفي تقرير صدر في تشرين الأول/أكتوبر 2020 بعنوان "استهداف الحياة في إدلب"، استعرضت هيومن رايتس ووتش تفاصيل الغارات السورية والروسية التي استهدفت البنية التحتية المدنية في المدينة.
وجاء في التقرير أن النظام السوري وحليفته روسيا قاما في نيسان/أبريل 2019 بشن هجوم عسكري واسع لاستعادة محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها.
وأضاف أنه "على مدى الأشهر الـ 11 التالية، أظهر التحالف السوري-الروسي تجاهلا صارخا لحياة المدنيين البالغ عددهم نحو 3 ملايين في المنطقة، علما أن الكثير منهم نزحوا جراء المعارك الدائرة في مناطق أخرى".
وتابع أن "التحالف شن عشرات الهجمات الجوية والبرية على مواقع مدنية وبنية تحتية في انتهاك لقوانين الحرب، كما قصف منازل ومدارس ومنشآت صحية وأسواق، وكلها أماكن يعيش فيها الناس ويعملون ويدرسون".
وأردف التقرير "استخدموا الذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة والبراميل المتفجرة المعدة يدويا في مناطق مأهولة بالسكان للتسبب بأكبر عدد ممكن من الموتى".
وأضاف "قتلت الهجمات ما لا يقل عن 1600 مدني ودمرت وألحقت أضرارا بالبنية التحتية المدنية وأجبرت ما يقدر بنحو 1.4 مليون شخص على النزوح".
وورد اسم سوروفيكين في التقرير على قائمة القادة الذين قد يتحملون مسؤولية القيادة في الانتهاكات التي ارتكبت خلال هجوم إدلب بين عامي 2019 و2020.
مقرب من مجموعة فاغنر
وخلال الفترة التي قضاها في سوريا، طور سوروفيكين علاقة عمل جيدة مع مجموعة مرتزقة فاغنر، حسبما كشف الملازم السابق في القوات الجوية الروسية جليب إيريسوف الذي عمل مع سوروفيكين حتى عام 2020 لصحيفة الغارديان .
وفي هذا الإطار، لاقى تعيين سوروفيكين مؤخرا لقيادة الهجوم الروسي على أوكرانيا ترحيب مؤسس وممول مجموعة فاغنر يفغيني بريغوزين الذي اعترف لأول مرة وبصراحة في أواخر أيلول/سبتمبر الماضي بدوره في تشكيل الشركة العسكرية الخاصة.
وكتب بريغوزين عن سوروفيكين على الصفحة الإلكترونية الخاصة بشركة كونكورد التي يديرها، "بالطبع أنا أعرفه"، حسبما ذكرت وسيلة الإعلام الروسية لايف 24.
ووصف سوروفيكين بأنه "شخص أسطوري ولد ليخدم وطنه الأم بأمانة"، وهو "القائد الأكثر كفاءة في الجيش الروسي"، موجها بكلامه هذا صفعة إلى أسلاف الجنرال.
وأكد أن سوروفيكين "سيتصرف مع الوضع الراهن وفقا للفرص المتاحة له، إذ أن الوضع الذي تسلمه من أسلافه هو بعبارة ملطفة وضع لا يُحسد عليه".
إلى هذا، رحب الزعيم الشيشاني رمضان قديروف أيضا بتعيين سوروفيكين وما رافقه من تصاعد في أعمال العنف في أوكرانيا.
وذكرت صحيفة الغارديان أن قديروف كتب على قناته على تطبيق تلغرام في 10 تشرين الأول/أكتوبر، "إني اليوم راض تماما عن العملية"، في إشارة إلى قصف كييف حيث قتل ما لا يقل عن 6 مدنيين.
ولدى مجموعة فاغنر والشركات العسكرية الخاصة التي تسيطر عليها سجل حافل بالعنف في سوريا، حيث سعت أيضا للسيطرة على ثروة البلاد المعدنية بعد بسط سيطرتها على مناطق استراتيجية محددة كتدمر.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد قال في آب/أغسطس 2017 إن النظام السوري تقدم باتجاه بلدة عقربات في الوسط وحاصرها.
واعتبر سوروفيكين الذي كان آنذاك قائد الجيش الروسي في سوريا، أن السيطرة على عقربات ستسمح للنظام السوري بالسيطرة الكاملة على حقول النفط والغاز شمالي تدمر، وقد أصبحت هذه الحقول منذ ذلك الحين تحت السيطرة الروسية إلى حد كبير.