عدالة

نقل جنرال روسي موصوم يسلط الضوء على المحسوبية في صفوف ضباط بوتين

وليد أبو الخير

صورة نشرت على تويتر في 29 كانون الثاني/يناير، يظهر فيها الجنرال الروسي ألكسندر تشايكو وهو يوقع وثيقة في بيلاروسيا. وأعيد تشايكو مؤخرا إلى سوريا بعد سلسلة من الإخفاقات في ساحة المعركة في الحرب على أوكرانيا. [وزارة الدفاع البيلاروسية/تويتر]

صورة نشرت على تويتر في 29 كانون الثاني/يناير، يظهر فيها الجنرال الروسي ألكسندر تشايكو وهو يوقع وثيقة في بيلاروسيا. وأعيد تشايكو مؤخرا إلى سوريا بعد سلسلة من الإخفاقات في ساحة المعركة في الحرب على أوكرانيا. [وزارة الدفاع البيلاروسية/تويتر]

قال محللون إن استمرار علاقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقائد الحالي للقوات الروسية في سوريا الجنرال الموصوم ألكسندر تشايكو، يشكل أكثر مثل صارخ على سياسة المحسوبية في صفوف ضباط بوتين.

وأقيل تشايكو في تشرين الأول/أكتوبر من منصبه كقائد المنطقة العسكرية الشرقية في روسيا وسط سلسلة من الإخفاقات الميدانية في أوكرانيا ، قبل أن يعود إلى منصبه القديم في سوريا حيث عرف عالميا بوحشية ممارساته.

وكانت روسيا قد اجتاحت أوكرانيا في 24 شباط/فبراير الماضي، ولم تلبث أن واجهت مشاكل مستعصية.

وخلال الأسابيع الأخيرة، فشل تشايكو في تلبية المتطلبات بصورة متواصلة، ففشلت وساطته لعقد اتفاقات جديدة بين روسيا وقوات سوريا الديموقراطية بشأن العملية العسكرية التركية في شمالي سوريا.

صورة التقطت يوم 2 نيسان/أبريل تظهر جثة رجل قيد معصماه خلف ظهره وهي ملقاة في شارع بمدينة بوتشا الأوكرانية الواقعة شمال غرب العاصمة كييف. [رونالدو شميدت/وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة التقطت يوم 2 نيسان/أبريل تظهر جثة رجل قيد معصماه خلف ظهره وهي ملقاة في شارع بمدينة بوتشا الأوكرانية الواقعة شمال غرب العاصمة كييف. [رونالدو شميدت/وكالة الصحافة الفرنسية]

عنصر في الدفاع المدني السوري المعروف أيضا باسم الخوذ البيضاء، يحمل فتاة جريحة عقب غارة جوية روسية مزعومة على قرية تل مرديخ شمالي غربي محافظة إدلب السورية يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 2019. [عمر الحاج قدور/وكالة الصحافة الفرنسية]

عنصر في الدفاع المدني السوري المعروف أيضا باسم الخوذ البيضاء، يحمل فتاة جريحة عقب غارة جوية روسية مزعومة على قرية تل مرديخ شمالي غربي محافظة إدلب السورية يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 2019. [عمر الحاج قدور/وكالة الصحافة الفرنسية]

ودأب الجنرال الروسي على التورط في بعض أسوأ الفظائع المرتكبة في البلد الذي مزقته الحرب، بدءا من تنفيذه جرائم حرب ووصولا إلى فضائح الفساد.

وفي حزيران/يونيو، فرضت المملكة المتحدة عقوبات عليه على خلفية ممارساته في سوريا، وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه قد يتحمل مسؤولية القيادة في الانتهاكات التي حصلت خلال هجوم إدلب بين عامي 2019 و2020، ومن بينها هجمات واسعة على المستشفيات والمدارس واستخدام الأسلحة عشوائيا في المناطق المأهولة بالسكان.

ووفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، قتل خلال الهجوم على إدلب في شمالي غربي سوريا ما لا يقل عن 1600 مدني ونزح نحو 1.4 مليون غيرهم.

وحشية فاشلة

واعتمد تشايكو في أوكرانيا أسلوبه الوحشي نفسه لكن هذا النهج لم يحقق له استراتيجيا سوى القليل من النجاح.

ووجد تحقيق مشترك أجرته وكالة أسوشيتد برس وفرونت لاين في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أن القوات الروسية التي تتحرك نحو العاصمة الأوكرانية كييف، تلقت أوامر بوقف "المقاومة القومية" وتدميرها، ما أدى إلى حصول عمليات تطهير كبيرة تجاهلت قوانين الحرب.

ولفت التقرير المشترك إلى احتمال أن تكون هذه الأوامر قد صدرت عن تشايكو.

وأضاف التقرير أن شهود عيان وناجين في مناطق أوزيرا وبابينتسي وزدفيزيفكا في مقاطعة كييف وكلها مناطق تحت قيادة تشايكو، قالوا إن الجنود الروس كانوا قاموا بتعذيب وقتل المدنيين إذا ما ساورهم أدنى شك بأنهم يساعدون الجيش الأوكراني.

وفي هذا السياق، أكد المدعون الأوكرانيون أنهم يفتقرون إلى دليل على أن تشايكو هو من أصدر الأوامر لارتكاب جرائم محددة، لكن من الواضح أن الفظائع حدثت خلال فترة توليه منصبه، حسبما ذكر التقرير.

ويشتبه أن فرقة الاعتداء الجوي 76 الواقعة تحت قيادة تشايكو، مسؤولة عن مذبحة ارتكبت بحق المدنيين في مدينة بوتشا في آذار/مارس.

ولم تساعد هذه الفظائع الروس في تعزيز جهودهم العسكرية.

وقال المحلل العسكري اللواء طلعت موسى، إن الخطط العسكرية التي وضعها تشايكو في الحرب الأوكرانية أدت إلى خسائر بشرية ومادية فادحة للجيش الروسي.

وأضاف أن أعماله أضعفت أيضا الوجود الروسي على جبهات عدة، ما سمح للقوات الأوكرانية بالتقدم خلافا للتوقعات.

وأوضح موسى أن تشايكو حاول تنفيذ الخطة نفسها التي اتبعها بمحافظة إدلب في أوكرانيا، "لكن الوضع في سوريا يختلف بسبب ضيق المساحة المستهدفة وضعف القدرات العسكرية للميليشيات التي كانت تتواجد في المنطقة مقارنة مع الجيش الأوكراني".

وتابع موسى |باستنساخ التجربة الإدلبية سقط في فخ الغرور مما أسفر عن نتائج سلبية أدت إلى الإطاحة به وإعادته إلى سوريا مرة أخرى".

’مجرد بيدق‘

وأكد مراقبون أن إخفاقات تشايكو وجرائم الحرب التي ارتكبها تسلط الضوء على رغبة بوتين في دفع الموالين له فقط إلى ساحة المعركة، بدلا من الضباط الحقيقيين الذين يحترمون قواعد الحرب.

وفي هذا السياق، قال الباحث السياسي عبد النبي بكار للمشارق إن "بوتين أوقع نفسه في دائرة ضيقة بسبب القرارات التي يقوم باتخاذها دون العودة إلى كبار الجنرالات المحنكين سياسيا وعسكريا".

وتابع أن النكسات في الغزو الروسي لأوكرانيا كشفت أن بوتين لا يثق إلا بمجموعة صغيرة من الضباط الموالين له.

وذكر أنه على الرغم من فشلهم في أوكرانيا، فهم ما يزالون المفضلين لديه.

وأوضح أن من بين هؤلاء الجنرال تشايكو "الذي يقوم بوتين بنقله من سوريا إلى أوكرانيا وبالعكس وكأنه أحد حجارة لعبة الشطرنج، غير آبه بالانتقادات الموجهة له من ضباط يفوقون تشايكو خبرة ميدانية وسياسية بدرجات كبيرة".

وأردف "تشايكو المتورط بعمليات فساد في سوريا وجرائم حرب في كل من أوكرانيا وسوريا تحول من ضابط من الدرجة الأولى إلى موظف عند بوتين يطيع الأوامر أيا كانت".

وبحسب بكار، بدأ العديد من الضباط بانتقاد بوتين ومجموعة الضباط المقربين منه، في وضع يحاكي فترة حكم الديكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين.

وأشار إلى أن "الغريب أن تشايكو الفاسد والمجرم يعود إلى الواجهة كل مرة، وكأن بوتين يريد إيصال رسالة من خلاله ردا على العقوبات الدولية المفروضة عليه... وعلى روسيا بسبب الحرب الأوكرانية".

هل أعجبك هذا المقال؟

1 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500

خلود علي خالد

الرد