تحليل

إيران وروسيا تعمقان علاقاتهما رغم العزلة والعقوبات

باباك داشتي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح المرشد الإيراني علي خامنئي في طهران يوم 20 تموز/يوليو. [Asirian]

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح المرشد الإيراني علي خامنئي في طهران يوم 20 تموز/يوليو. [Asirian]

قال مراقبون إن إطلاق روسيا يوم الثلاثاء، 9 آب/أغسطس، لقمر اصطناعي إيراني للتجسس هو آخر مظهر من مظاهر العلاقات المتوطدة بين البلدين اللذين أصبحا أكثر عزلة على المستوى العالمي.

وتوجد مؤشرات أخرى تبين أن البلدين يتقاربان أكثر فيما يواجهان عقوبات دولية بسبب أفعالهما، التي تتضمن الاعتداء على الجيران سواء من خلال قوى حكومية أو أذرع مسلحة.

لكن علاقات إيران المتنامية مع روسيا أثارت المخاوف داخل إيران نفسها، إذ يقول البعض إن النظام الإيراني قد ربط مصير بلاده بسياسات موسكو وجرّها إلى الهاوية.

ففي يوم 20 تموز/يوليو، زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إيران لإجراء مباحثات مع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي.

مسؤولو الحرس الثوري الإيراني يلتقون السفير الروسي بإيران ليفان دزاغاريان في طهران يوم 12 تموز/يوليو الذي يوافق اليوم الوطني الروسي. [وكالة إيرنا]

مسؤولو الحرس الثوري الإيراني يلتقون السفير الروسي بإيران ليفان دزاغاريان في طهران يوم 12 تموز/يوليو الذي يوافق اليوم الوطني الروسي. [وكالة إيرنا]

المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يرحبان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء رحلته إلى طهران في 20 تموز/يوليو. [Khamenei.ir]

المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يرحبان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء رحلته إلى طهران في 20 تموز/يوليو. [Khamenei.ir]

رؤساء إيران وروسيا وتركيا يلتقون في قمة طهران في تموز/يوليو. [وكالة إيرنا]

رؤساء إيران وروسيا وتركيا يلتقون في قمة طهران في تموز/يوليو. [وكالة إيرنا]

وتعد هذه الزيارة أول رحلة لبوتين خارج الاتحاد السوفياتي السابق منذ غزو روسيا لأوكرانيا يوم 24 شباط/فبراير، ما يسلط الضوء على أهمية العلاقات بين البلدين بحسب المراقبين.

وبعد اللقاء مباشرة، قالت إيران إنها وقعت مع روسيا "اتفاقية طويلة الأجل" للاستثمارات الروسية في النفط الإيراني، واصفة ذلك بأنه "أضخم استثمار في تاريخ إيران"، دون الكشف عن التفاصيل.

وبعد أسبوعين، أعلنت وكالة الفضاء الإيرانية أن روسيا ستطلق إلى المدار قمرا اصطناعيا إيرانيا للاستشعار عن بعد، وهو قمر الخيام، وذلك من محطة بايكونور الفضائية في كازاخستان عبر أحد صواريخ سويوز لحمل الأقمار الصناعية.

وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن القمر الاصطناعي انطلق من كازاخستان في وقت مبكر من يوم الثلاثاء وتوجه نحو المدار وسط جدل حول إذا كانت موسكو ستستخدمه لتحسين مراقبتها للأهداف العسكرية في أوكرانيا.

وأظهرت عملية نقل مباشرة من محطة روسكوسموس الروسية للفضاء عملية إطلاق الصاروخ Soyuz-2.1b الذي يحمل القمر الخيام من محطة بايكونور التي تسيطر عليها روسيا في الوقت المحدد وهو 05:52 صباحا.

ولاحقا، أكدت محطة التحكم الروسية دخول القمر إلى المدار.

وتصر إيران على أن برنامجها الفضائي موجه للأغراض المدنية والدفاعية فقط وأنها لا تخالف الاتفاق النووي لعام 2015، الذي يعرف بخطة العمل الشاملة المشتركة، أو أي اتفاق دولي آخر.

وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن الحكومات الغربية تقلق من أن نظم إطلاق الأقمار الاصطناعية تتضمن تكنولوجيات يمكن أن تتداخل مع التكنولوجيات المستخدمة في الصواريخ البالستية القادرة على حمل رؤوس نووية.

يذكر أن إيران كانت قد وضعت أول قمر اصطناعي عسكري لها في المدار في نيسان/أبريل 2020.

وفي آذار/مارس، أعلن الحرس الثوري أنه وضع في المدار قمرا اصطناعيا للاستطلاع العسكري، وهو نور-2.

تقارب إيراني-روسي

ومع مواجهة روسيا عجزا في العتاد العسكري في خضم حربها ضد أوكرانيا، تشير التقارير إلى أن طهران تعتزم بيع طائرات مسيرة إلى موسكو.

وأوردت شبكة سي إن إن أن وفدا روسيا زار إيران مؤخرا مرتين على الأقل لمناقشة شراء طائرات مسيرة قادرة على حمل صواريخ موجهة.

ويوم 26 تموز/يوليو، قالت هيئة الطيران المدني الإيرانية إن إيران وروسيا اتفقتا على زيادة عدد الرحلات بين البلدين إلى 35 رحلة أسبوعيا.

وأضافت أنه سيتم التوقيع على اتفاق آخر "لتصدير قطع غيار ومعدات إيرانية الصنع إلى روسيا وتقديم الخدمات التقنية وأعمال الإصلاح للطائرات الروسية في مراكز إصلاح الطائرات في إيران".

وأثناء لقائه مع بوتين في طهران، دعا خامنئي لتعزيز "التعاون طويل الأمد" مع روسيا، متخليا عن النبرة المتحفظة التي استخدمها سابقا عند حديثه عن اعتداء روسيا على أوكرانيا ومثنيا على بوتين بسبب الحرب.

وزعم خامنئي أنه إذا لم يكن بوتين قد أخذ زمام المبادرة، لكانت أوكرانيا قد شنت الحرب، مضيفا أن حلف الناتو "كائن خطير".

وعقب هذه التعليقات، وصفت صحيفة جافان اليومية التابعة للحرس الثوري الإيراني غزو روسيا لأوكرانيا بأنه "دفاع مشروع ومدبّر" و"جهاد دفاعي".

وأثار دفاع خامنئي عن العدوان الروسي على أوكرانيا ردود أفعال منتقدة داخل إيران نفسها، إذ عبر نشطاء سياسيون وصحافيون عن مخاوف حيال تلك التعليقات، لا سيما فيما يتعلق بحلف الناتو.

تطوير النفط والغاز

وعلى هامش قمة طهران يوم 19 تموز/يوليو، وقعت شركة غازبروم الروسية اتفاقا بقيمة 40 مليار دولار أميركي مع الشركة الوطنية الإيرانية للنفط.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة الإيرانية، محسن خجسته مهر، إنه تم وضع خطط لتطوير حقوق النفط والغاز الإيرانية على مدار ثمانية أعوام.

وأضاف أنه أثناء هذه الفترة، "سيتم إنفاق 160 مليار دولار أميركي على تطوير حقوق النفط والغاز، وستبلغ الطاقة الإنتاجية للنفط 5.7 مليون برميل يوميا، فيما سيصل إنتاج الغاز إلى 1.5 مليار متر مكعب في اليوم".

ووصف الكثير من محللي الطاقة هذا الاتفاق بأنه "لفتة سياسية" من قبل بلدين معزولين وخاضعين للعقوبات.

وأشار خبير النفط والغاز، المحلل محمد خوشزاد، إلى الفترة الطويلة للغاية التي احتاجتها روسيا لإكمال محطة بوشهر النووية لإيران.

يذكر أن المشروع استمر من 1995 إلى عام 2011.

إلى هذا، وقعت روسيا سبعة اتفاقات وعقدي نفط مع إيران أثناء إدارة الرئيس السابق حسن روحاني، لكن لم يتم تنفيذ أيا منها بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018.

وأوضح خوشزاد أن معدات النفط والغاز الإيرانية قائمة على أساس التكنولوجيا الغربية، مشيرا إلى أنه توجد شكوك جدية في قدرة شركة غازبروم الروسية على تطوير حقوق النفط والغاز الإيرانية.

الوقوع في فخ روسيا

وفي وجه العزلة الدولية والأزمة الاقتصادية الحادة، وقعت إيران في فخ حكومة دولة استبدادية أخرى هي روسيا، وفقا للعالم السياسي المتخصص في السياسة الإيرانية رامين آذارواند.

وقال إن "قادة الحرس الثوري الإيراني اصطفوا في طهران في اليوم الوطني لروسيا يوم 16 حزيران/يونيو لتهنئة سفير ذلك البلد في إيران، في واحد من أكثر المشاهد المخزية التي شاهدناها في العقود الأخيرة".

وأضاف أن "موسكو تنظر للجمهورية الإسلامية في واقع الأمر على أنها خادم عليه تنفيذ كل ما يأمر به دون نقاش"، مشيرا إلى "إعاقة روسيا لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وتجاوزها على حصة إيران في بحر قزوين".

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، قارن مستخدمون إيرانيون كثيرون عقد النفط بين طهران وموسكو بمعاهدة جولستان لعام 1813 ومعاهدة تركمانشاي لعام 1828، والتي أجبرت بلاد فارس على التنازل عن أراض فارسية أو الاعتراف بالنفوذ الروسي عليها.

وتذكر البعض بمرارة كيف أن الحكومة الروسية احتفظت بمحافظة أذربيجان تحت الاحتلال فترة طويلة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

وفيما يعاني الإيرانيون من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، عبر الكثير منهم عن قلقهم من تقارب طهران مع روسياوالالتفاف على العقوبات و قمع الاحتجاجات السلمية.

ومع أن العودة إلى شروط الاتفاق النووي لعام 2015 ستعني وقف العقوبات وستؤدي إلى تعزيز اقتصاد إيران ومكانتها على مستوى العالم، فقد أخفقت حتى الآن في إظهار إرادة واضحة للانخراط في مفاوضات مثمرة.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500