تلجأ إيران إلى أساليب قديمة سبق أن استخدمتها في الشرق الأوسط لدعم روسيا في غزوها الوحشي لأوكرانيا، وتشمل نقل طائرات مسيرة إلى الكرملين بواسطة أسطول الطائرات المدنية التابع لها.
وأفادت مجلة فوربس في 16 تشرين الثاني/نوفمبر أن طائرات مدنية إيرانية تشغلها الخطوط الجوية الإيرانية وشركة ماهان للطيران وقشم فارس للطيران وساها إيرلاينز، أجرت في الأشهر الأخيرة رحلات متكررة إلى روسيا.
وتم تسيير ما لا يقل عن 69 رحلة شحن إيرانية من إيران إلى موسكو منذ آذار/مارس الماضي، وفقا لتحليل معمق أجراه متعقب الطائرات ومحلل الصور غرجون المقيم في هولندا.
وتم تكوين القائمة من خلال دمج البيانات من متتبع الرحلات الجوية بالوقت الحقيقي فلايت رادار 24 وإي دي أس بي إكسشينج وهي خدمة توفر بيانات خام حول الرحلات.
مسيرات انتحارية إيرانية
وقال مسؤولون غربيون إن هذه الرحلات تقوم بتسليم مسيرات انتحارية إيرانية من طراز شاهد-136، تستخدمها موسكو لاستهداف المدن الأوكرانية وشبكة الكهرباء في البلاد.
ويتخوفون من احتمال أن تتمكن إيران قريبا من تسليم صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى روسيا.
وفي 1 تشرين الثاني/نوفمبر، ذكرت شبكة سي إن إن نقلا عن مسؤولين غربيين، أن إيران تستعد لإرسال 1000 قطعة سلاح إضافية إلى روسيا بعد وقت قصير من استكمال إرسال شحنة ضمت 450 مسيرة.
ويحتمل أن تتضمن الشحنة الجديدة صواريخ باليستية قصيرة المدى تسلم للمرة الأولى، ما يعتبر تصعيدا مهما آخر في الحرب الدائرة.
وكشفت معلومات استخبارية جديدة أن الدولتين عقدتا أيضا في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر اتفاقا في إيران لبدء تصنيع مسيرات إيرانية على الأراضي الروسية.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، أن روسيا وإيران تتحركان بسرعة لنقل التصاميم ومكونات الإنتاج الرئيسة.
وقال مسؤولون مطلعون للصحيفة إن هذا الأمر سيسمح ببدء إنتاج مسيرات مزودة بأسلحة في غضون أشهر قليلة.
وقال الجيش الأوكراني في 19 تشرين الأول/أكتوبر "منذ إسقاط أول طائرة مسيرة انتحارية إيرانية الصنع من طراز شاهد-136 على أراضي أوكرانيا في 13 أيلول/سبتمبر الماضي... دمرت القوات الجوية وفرق أخرى من قوات الدفاع الأوكرانية 223 طائرة مسيرة من الطراز نفسه".
وبعد إنكارها على مدى أسابيع نقلها المسيرات إلى موسكو رغم أدلة كثيرة تشير إلى عكس ذلك، غيرت طهران موقفها بشكل مفاجئ في 5 تشرين الثاني/نوفمبر.
فأكد وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان أن إيران زودت روسيا بالمسيرات، إلا أنه نفى التقارير المرتبطة بإرسالها صواريخ إلى موسكو لاستخدامها في حربها على أوكرانيا.
وتابع أن إيران لا تعلم كيف يتم استخدام المسيرات في أوكرانيا، مع زعم طهران اتخاذ موقف حيادي في الحرب المتواصلة بين روسيا وأوكرانيا، مضيفا أنه تم إرسال المسيرات قبل اندلاع الحرب على أوكرانيا.
رحلات منتظمة إلى روسيا
ولكن ومنذ بدء الحرب الأوكرانية، تنطلق رحلات جوية إيرانية إلى روسيا مرتين تقريبا في الأسبوع، وذكرت مجلة فوربس أنه تم رصد الطائرات في منشآت عسكرية في المطارات الروسية.
وتعود ملكية الطائرات إلى شركات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني الذي يشرف على العمليات الإيرانية خارج الحدود الإقليمية من خلال فيلق القدس التابع له.
هذا وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على الأسطول الجوي المدني الإيراني بسبب مثل هذه الأنشطة غير المشروعة.
وقبل سنوات من غزو روسيا لأوكرانيا، استخدمت إيران هذه الطائرات لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وتنقل شركة ماهان للطيران على وجه الخصوص، مقاتلين وأسلحة إلى دمشق بصورة منتظمة. وتم استخدام أسطول الطائرات أيضا "لتوفير الدعم المالي أو المادي أو الفني لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني أو لصالحه"، وفقا لوزارة الخزانة الأميركية.
وفي حزيران/يونيو 2020، نشرت وسائل الإعلام الإيرانية مقابلة مع أمير أسد الله الذي يعمل طيارا في شركة ماهان للطيران، تحدث فيها عن تجربته مع القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني على متن رحلته قبل 7 سنوات.
وكشف أسد الله أنه في حزيران/يونيو 2013، حلق برحلة إلى دمشق على متن طائرة ركاب وهي تحمل 7 أطنان مما وصفها بأنها "بضائع محظورة".
وكان سليماني من بين الركاب الـ 200 على متن الطائرة.
الدليل الإيراني القديم
وقال محللون إن إيران تستخدم شركة ماهان للطيران لنقل أسلحة ومعدات عسكرية ومقاتلين أجانب إلى مناطق الصراع المختلفة في الشرق الأوسط لدعم أجندتها التوسعية.
وقال فتحي السيد الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإقليمية والاستراتيجية والمتخصص في الشؤون الإيرانية، إن بعض التقارير تصف شركة الطيران بأنها الناقل الرئيس للحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس.
وأضاف أن قائد الحرس الثوري حميد عرب نجاد يشغل منصب رئيس الشركة، فيما يتولى قائد آخر في الحرس الثوري هو حميد أصلاني، منصبا رفيعا.
وذكر أن "الوحدة 190 التابعة للحرس الثوري الإيراني هي الوحدة المختصة بتهريب الأسلحة إلى الدول الأخرى كالسودان واليمن وسوريا ولبنان، وهي تستغل كل وسائل النقل المتاحة برا وبحرا وجوا من خلال شركة ماهان للطيران".
ولفت إلى أن "وحدة أخرى رديفة تعرف بالوحدة 198، تولت أيضا تأمين النقل الجوي إلى مناطق الصراع وبخاصة نقل ضباط الحرس الثوري بسرية كاملة". وتابع أن "هذه الوحدة الثانية غالبا ما تتولى مهمة حماية العمليات التي تقوم بها الوحدة 190 وتأمينها".
طهران تتجه نحو الشرق
وبالإضافة إلى روسيا، تعمل إيران بشكل متزايد على توطيد علاقاتها مع الصين بحجة تحفيز اقتصادها شبه المفلس ومقاومة العقوبات الدولية.
وفي هذا الإطار، وقّع النظام الإيراني اتفاقيتين استراتيجيتين طويلتي الأمد مع الصين وروسيا، وصفهما العديد من المحللين بأنهما "غامضتان".
فبعد التوقيع في آذار/مارس 2021 على اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين إيران والصين لمدة 25 عاما في طهران، اتهم العديد من الإيرانيين النظام بـ "بيع إيران".
واتهم كثيرون لاحقا النظام ببيع ما تبقى من إيران إلى روسيا، بعد أن ناقش رئيسا البلدين "تعاونا ثنائيا طويل الأمد يمتد على مدى 20 عاما" خلال اجتماع عقد في كانون الثاني/يناير 2022 في موسكو.
وفي هذا الإطار، قال محلل سابق في البحرية الإيرانية طلب عدم الكشف عن هويته، إنه بالنسبة إلى بيجين، "يتمثل هدف الاتفاق [الممتد على 25 عاما] في حصول الصين على موطئ قدم لها في إيران، ولا سيما في جزيرتي جاسك وكيش في الخليج الفارسي".
وقامت بيجين مسبقا بإنشاء سلسلة من الموانئ على طول المحيط الهندي، فأنشأت شبكة من محطات التزود بالوقود وإعادة الإمداد من بحر الصين الجنوبي إلى قناة السويس. وفي ظل الاتفاق، سيتحول التركيز الآن إلى ميناءي جاسك وجابهار الإيرانيين.
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت طهران عضوا دائما في منظمة شنغهاي للتعاون خلال قمة المنظمة التي عقدت خلال العام الجاري في سمرقند بأوزبكستان يومي 15 و16 أيلول/سبتمبر.
ولكن بدلا من مساعدة الاقتصاد الإيراني المنكوب بسلسلة من الأزمات كما تدعي الدعاية الحكومية بلا هوادة، فإن عضوية منظمة شنغهاي للتعاون توفر لموسكو وبيجين وصولا مفتوحا وأحاديا إلى موارد إيران.