إقتصاد

توقف بيع النفط الإيراني مع تحول الصين إلى بدائل روسية أقل كلفة

فريق عمل المشارق

وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف (إلى اليسار) في اجتماع مع نظيره الصيني وانغ يي في أواخر مارس/آذار عقب غزو موسكو لأوكرانيا. [مصدر مستقل/تلفزيون وكالة الصحافة الفرنسية/سي.سي.تي.في/وكالة الصحافة الفرنسية]

وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف (إلى اليسار) في اجتماع مع نظيره الصيني وانغ يي في أواخر مارس/آذار عقب غزو موسكو لأوكرانيا. [مصدر مستقل/تلفزيون وكالة الصحافة الفرنسية/سي.سي.تي.في/وكالة الصحافة الفرنسية]

تراجعت صادرات النفط الخام الإيرانية إلى الصين إلى حد كبير منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، إذ تحولت بيجين أكثر فأكثر لشراء النفط الروسي بأسعار مخفضة للغاية هي أقل من أسعار النفط الإيراني.

وأدت العقوبات الغربية على روسيا إلى توجه النفط الخام الروسي إلى الشرق، حيث التقطته الصين، حسبما ذكرت وكالة رويترز في 19 أيار/مايو.

وأدى ذلك أيضا إلى تراجع الطلب على نفط إيران وفنزويلا الخاضعتين للعقوبات الدولية.

والآن تبحث إيران عن مشترين لنحو 40 مليون برميل من النفط خزنت على متن ناقلات نفط في البحر بآسيا، وفق ما ذكرته رويترز.

سفينة تابعة لشركة الناقلات الوطنية الإيرانية في البحر الأحمر عام 2019. [إيران إنترناشونال]

سفينة تابعة لشركة الناقلات الوطنية الإيرانية في البحر الأحمر عام 2019. [إيران إنترناشونال]

وأظهرت بيانات جهات الشحن أن نحو 20 سفينة محملة بالنفط الإيراني ترسو بالقرب من سنغافورة في منتصف أيار/مايو.

وذكرت مصادر في مجال التجارة والشحن أن بعض الناقلات راسية منذ شباط/فبراير، إلا أن عدد الناقلات التي تخزن النفط الإيراني تزايد منذ نيسان/أبريل مع ازدياد تحول النفط الروسي شرقا.

وقدرت شركة كبلر للبيانات والتحليلات ازدياد حجم النفط الإيراني في المخزون العائم بالقرب من سنغافورة إلى 37 مليون برميل في منتصف أيار/مايو، مقارنة بـ 22 مليون برميل في مطلع نيسان/أبريل.

هذا وحظرت الولايات المتحدة واردات النفط الروسي بعد فترة قصيرة من غزو موسكو لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير، في حين يبحث الاتحاد الأوروبي احتمال فرض حظر على مراحل.

وقامت الصين، التي كانت حتى مؤخرا المشتري الأكبر للنفط الإيراني، بخفض وارداتها النفطية من إيران، متحولة بدلا من ذلك إلى النفط الروسي الأقل كلفة.

وفي هذا الإطار، ذكر حميد حسيني عضو مجلس إدارة اتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات الإيراني لرويترز أن "روسيا يمكنها تحويل نحو نصف صادراتها إلى جنوبي شرقي آسيا وإلى الصين بشكل خاص… وهذا تهديد محتمل ضخم لصادرات الخام الإيرانية".

وذكرت شركة كبلر أن إيران صدرت في الربع الأول من العام 2022 ما متوسطه 930 ألف برميل يوميا إلى الصين، في حين بلغت تقديراتها الأولية لمبيعات شهر نيسان/أبريل 755 ألف برميل يوميا.

وفي آذار/مارس، أظهرت بيانات تعقب الناقلات ارتفاعا قياسيا بحجم شراء الصين للنفط الإيراني في الربع الأول، فتجاوز الذروة التي كانت قد سجلت في 2017 حين لم تكن التجارة خاضعة للعقوبات الأميركية.

ولكن هذا التوجه يشهد الآن تحولا.

ويعد الخام الإيراني أثقل عادة وفيه مستوى أعلى من الكبريت، مما يجعل كلفة معالجته أعلى من النفط الروسي.

وقال تاجر تابع لمصفاة صينية لرويترز "لا أحد يتطلع للخام الإيراني الآن إذ أن الخام الروسي أفضل جودة بكثير وأرخص سعرا. ويتعرض باعة الخام الإيراني لضغوط شديدة".

إيران مدينة بالفضل للشرق

ويقول منتقدون إن الشعار الرسمي لإيران هو "لا شرقية ولا غربية، بل جمهورية إسلامية فقط"، إلا أن الجمهورية الإسلامية مدينة بالفضل أكثر فأكثر لروسيا والصين.

وذكر مسؤولون يوم الأربعاء، 25 أيار/مايو، أن طهران وموسكو تسعيان لتوطيد تعاونهما في مجالي الطاقة والتجارة في ظل زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك لإيران.

ونقلت وكالة شانا الإخبارية الرسمية التابعة للوزارة على لسان وزير النفط الإيراني جواد أوجي قوله إنه "تم التوصل إلى اتفاقيات جيدة في مجال سكك الحديد والنقل البري والشحن والطيران"، من دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

وأضاف أوجي أن الطرفين لديهما "قدرات جيدة للتعاون في مجال الطاقة والصيرفة والنقل والزراعة والطاقة الذرية والصناعة والتجارة"، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وتابع وزير النفط "ننوي زيادة مستوى العلاقات التجارية بين إيران وروسيا في تلك المجالات ليبلغ 40 مليار دولار سنويا".

كذلك، زار رئيس إيران ابراهيم رئيسي موسكو في كانون الثاني/يناير، حيث قال إنه قدم لنظيره الروسي فلاديمير بوتين مسودات وثائق بشأن تعاون استراتيجي قد يرسخ التعاون المشترك على مدى العقدين التاليين.

ولكن هذا التقارب قد أثار غضب كثيرين في إيران، إذ يقول هؤلاء إن الجمهورية الإسلامية تسلم ما تبقى من البلاد لروسيا بعد بيع الحصة الأولية في صفقات سابقة مع الصين.

فبعد توقيع "اتفاقية التعاون الاستراتيجي" بين إيران والصين في آذار/مارس 2021 في طهران، اتهم العديد من الإيرانيين النظام بـ "بيع إيران".

ويخشى مراقبون أن تقدم بيجين قروضا باهظة الثمن لإيران على غرار ما فعلته مع دول أخرى بإبرام عقود شروطها مرهقة على الدول الضعيفة، للمطالبة بعدها بمزيد من التنازلات من إيران.

وقد شملت مثل هذه التنازلات إما دعما دبلوماسيا للمصالح الصينية أو عملية استيلاء بالجملة على الموارد الطبيعية للبلد المعني.

وقال مراقبون إن ذلك سيأتي بمجموعة من التأثيرات السلبية على المنطقة وخارجها.

يُذكر أن اقتصاد إيران على وشك الإفلاس الكامل، حيث ترك الركود التضخمي والبطالة والانخفاض الحاد للأجور الشعب الإيراني في حالة من الإحباط.

وفي ظل العقوبات المفروضة على صادراتها النفطية، اعتمدت إيران منذ فترة طويلة على بيع نفطها للصين، ولكن مع التحول المفاجئ الأخير لبيجين، من غير الواضح كيف سيمنع النظام الإيراني اقتصاده من الانهيار.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500