فرضت الولايات المتحدة مؤخرا عقوبات على شبكة عالمية من الشركات المتورطة في بيع بتروكيماويات ومنتجات بترولية إيرانية بملايين الدولارات لمستخدمين في جنوب وشرق آسيا.
وتأتي هذه الخطوة في ظل ورود معلومات عن زيادة إيران صادراتها النفطية إلى الصين في حزيران/يونيو وتموز/يوليو في انتهاك واضح للعقوبات، وذلك رغم مواجهتها منافسة متزايدة من النفط الخام الروسي الأمر الذي أجبرها على تخفيض أسعارها.
وتستهدف العقوبات المفروضة على 8 كيانات، والتي أعلن عنها في 29 أيلول/سبتمبر، وسطاء إيرانيين وشركات صورية إيرانية في الإمارات وهونغ كونغ والهند.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إن تلك الشركات "سهلت التحويلات المالية وعمليات شحن البترول والمنتجات البتروكيماوية الإيرانية"، مشيرة إلى أنها لعبت دورا أساسيا في إخفاء مصدر الشحنات الإيرانية.
وتابعت أن هذه الشركات سمحت لوسيطين إيرانيين اثنين خاضعين لعقوبات، وهما شركة تريليانس للبتروكيماويات المحدودة وشركة الخليج الفارسي لصناعة البتروكيماويات، بنقل الأموال وشحن البترول والمنتجات البتروكيماوية الإيرانية للجهات المشترية في آسيا.
وفي اليوم نفسه، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية فرض عقوبات على كيانين اثنين يقع مقرهما في الصين، وهما شركة زونغو للتخزين والنقل المحدودة وشركة دبليو أس المحدودة للشحن، على خلفية تورطهما في تجارة البتروكيماوية الإيرانية.
وفي 1 آب/أغسطس، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على شركات تدعم شركة الخليج الفارسي لصناعة البتروكيماويات.
كذلك وبتاريخ 6 تموز/يوليو، فرضت عقوبات على شبكة مقرها الخليج وتعمل على تسهيل عمليات بيع البترول والمنتجات البتروكيماوية الإيرانية.
واستهدفت في 16 حزيران/يونيو شبكة دولية للالتفاف على العقوبات تدعم عمليات بيع البتروكيماويات الإيرانية في شرق آسيا.
وحتى مع تورطها في ممارسات خادعة لشحن البضائع، تواصل الجمهورية الإسلامية تهديد سفن النفط في مضيق هرمز بأعمال قرصنة.
وفي ظل أزمة الطاقة العالمية الحالية التي تسبب بها غزو روسيا لأوكرانيا، أصبح مضيق هرمز الحيوي الذي يمر عبره خمس الإنتاج العالمي من النفط، حتى أكثر أهمية.
عضوية إيران في منظمة شانغهاي للتعاون
هذا وقامت إيران بتوطيد علاقاتها أكثر فأكثر بدول الشرق وأبرزها الصين وروسيا، تحت ذريعة تحفيز اقتصادها شبه المنهار ومقاومة العقوبات الدولية.
وفي مسعاه لتوطيد العلاقات مع الشرق، أجرى الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي زيارة إلى أوزبكستان في 14 أيلول/سبتمبر للقاء مسؤولين في طشقند والمشاركة في قمة منظمة شانغهاي للتعاون في سمرقند.
وقد أسست منظمة شانغهاي للتعاون عام 2001 على يد قادة الصين وروسيا وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقيرغيزستان.
وأعلن وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان في 17 أيلول/سبتمبر، أن طهران أصبحت عضوا دائمة في المنظمة خلال القمة التي أقيمت في سمرقند.
ولكن بحسب بعض المحللين، وبينهم محلل السياسة الدولية خوسرو جعفري، فإن عضوية إيران في منظمة شانغهاي للتعاون لن تساعد بتعزيز اقتصادها كما تدعي الآلة الدعائية للنظام الإيراني.
وقال جعفري للمشارق إن العضوية في المنظمة ستعطي موسكو وبيجين وصولا حرا أحاديا إلى موارد إيران.
وفي الفترة الممتدة بين العام 2003 وأيلول/سبتمبر الماضي، أي عندما انضمت إلى المنظمة، كانت إيران "دولة مراقبة" فيها وقد رفض طلب عضويتها الدائمة في العام 2015. ويقول محللون إن روسيا كانت قد منعت انضمام إيران إلى المنظمة.
أما اليوم، فيقولون إنه في ظل تقرب رئيسي المتزايد من روسيا، يبدو أن موسكو تخلت عن معارضتها السابقة لعضوية إيران الدائمة.
فساد في الحكومة الإيرانية
وفي هذه الأثناء، يخضع صانع الفولاذ الأكبر في إيران، وهي شركة مباركة للفولاذ، للتحقيق من قبل المجلس (البرلمان الإيراني) على خلفية مخطط فساد وصلت العائدات فيه إلى 3 مليارات دولار ويعزى إلى حد كبير إلى إدارة الرئيس السابق حسن روحاني.
وتحولت القضية إلى نقطة خلاف حاد بين المتشددين الذين استلموا السلطة منذ تولي رئيسي منصب الرئاسة من جهة، والإصلاحيين الذين كان روحاني رئيسهم من جهة أخرى.
واتهم مسؤولو شركة مباركة للفولاذ بارتكاب مخالفات جسيمة، بما في ذلك المحسوبيات والفساد والرشاوى وإجراء عمليات دفع غير قانونية للحرس الثوري الإيراني ولمكاتب قادة صلاة الجمعة.
وفي قضية أخرى تم الكشف عنها مؤخرا، اتهم مسؤولون تنفيذيون في شركة مهر الإيرانية للبتروكيماويات، وهي شركة إيرانية أوكلت إليها مهمة إعادة عائدات المبيعات إلى البلاد، باختلاس 170 مليون دولار.
وتقوم الشركة بتصدير المنتجات وتتلقى دولارات الحكومة بأسعار تفضيلية. ولكن تقارير تحدثت عن امتناعها عن إعادة 170 مليون دولار إلى إيران. ولم يتم حتى الآن العثور على هذه الأموال.
وقد حصلت معظم عمليات الاختلاس بحسب معلومات عندما كان رئيسي يشغل منصب رئيس القضاء في إيران.
وتواصل الجمهورية الإسلامية أعمال الفساد والاختلاس وتبييض الأموال، لا سيما بواسطة الحرس الثوري الإيراني الذي يحصل على الحصة الأكبر من اقتصاد إيران ويتمتع بدعم تام من المرشد الإيراني علي خامنئي.
وفي هذه الأثناء، تتواصل معاناة الشعب الإيراني جراء سوء إدارة النظام وأولوياته التي ليست بمحلها، ويواجه تحديات اقتصادية كبرى من بينها البطالة والتضخم الحاد.