وقعت إيران وروسيا اتفاقا في طهران يوم 17 أيار/مايو لإنشاء خط سكة حديد بين مدينتي رشت وأستارا الشماليتين في محافظة جيلان الإيرانية، وذلك في إطار إقامة ممر للنقل الدولي بين الشمال والجنوب.
وقالت طهران وموسكو إن خط سكة الحديد رشت-أستارا يمثل جزءا مهما من ممر سيربط في نهاية المطاف الهند وإيران وروسيا وأذربيجان وبلدان أخرى عبر خطوط سكك حديدية وطرق بحرية.
ووقع وزير النقل الإيراني مهرداد بازراباش ونائب رئيس الوزراء الروسي إلكساندر نوفاك الاتفاق لتمويل وبناء خط سكة الحديد الذي يتوقع تشييده في غضون 48 شهرا.
وشهد الرئيسان الإيراني والروسي إبراهيم رئيسي وفلاديمير بوتين على مراسم التوقيع، حيث انضم بوتين للاجتماع عبر رابط فيديو، وأشادا بأهمية الاتفاق.
وقال بوتين إن "شريان النقل الفريد بين الشمال والجنوب، الذي سيصبح خط سكة الحديد رشت-أستارا جزءا منه، سيساعد في تنويع تدفقات حركة النقل العالمية بصورة كبيرة".
في المقابل قال رئيسي "يمثل هذا الاتفاق دون شك خطوة مهمة واستراتيجية باتجاه التعاون بين طهران وموسكو".
تضخيم الاتفاق
وقالت روسيا وإيران إن من شأن خط سكة الحديد الذي يمتد لمسافة 162 كلم والمقرر أن يمتد على طول ساحل بحر قزوين وعبر أذربيجان، أن يساعد في ربط الموانئ الروسية على بحر البلطيق مع الموانئ الإيرانية في المحيط الهندي والخليج العربي.
وسيكون خط سكة الحديد الذي سيتضمن تسع محطات، جزءا رئيسا من ممر النقل بين الشمال والجنوب، وهو طريق بري وبحري وسكك حديدية مشترك لنقل البضائع من روسيا إلى الهند ويمتد لمسافة 7200 كلم.
وتشكل إيران وروسيا والهند وكازاخستان وتركمانستان وأذربيجان جزءا من الممر الذي يمتد برا بين روسيا وإيران، ومن ثم يصبح مسارا بحريا إلى الهند.
ووقعت الدول الثلاثة على مقترح الممر في أوائل الألفية الثالثة، وتبعتهم أذربيجان وروسيا البيضاء وبلغاريا وكازاخستان وقيرغيزستان وعمان وروسيا وطاجيكستان وتركيا وأوكرانيا.
وفي تقارير نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية، زعم المسؤولون الروس أن ممر النقل بين الشمال والجنوب سيصبح "منافسا جديا لقناة السويس" عبر التوفير في وقت الشحن وكلفته.
لكن بعض الخبراء أكدوا صعوبة تحقيق هذا الأمر، موضحين أن الكثير من الجوانب الخاصة بالمشروع ما تزال غامضة، ومن الملاحظ أنه مر ما يقرب من العقدين دون تحقيق تقدم يذكر.
كما أن المسؤولين المصريين استبعدوااحتمال أن ينافس هذا الممر قناة السويس ووصفوه بأنه "غير واقعي"، مشيرين إلى الافتقار لأنشطة التنمية.
لإيران نصيب الأسد في التمويل
ومع أن موسكو وطهران تزعمان أن ممر النقل بين الشمال والجنوب سيحقق نجاحا كبيرا، فإن كلاهما يواجه عقوبات دوليةو عزلة على المسرح العالمي، مع ما لذلك من تداعيات اقتصادية حادة.
وقال خبراء إن هذا الأمر سيعقد بالتأكيد تقدم المشروع.
وأكدت إيران وروسيا أنهما تتعاونان لبناء خط سككة الحديد. لكن الجمهورية الإسلامية وافقت على تحمل ما يقرب من ثلاثة أضعاف المبلغ الذي خصصته روسيا لعملية الإنشاء.
فمن المقرر أن تستثمر موسكو 1.7 مليار دولار أميركي في المشروع، في حين تعهدت طهران بدفع 4.9 مليار دولار أميركي.
وأفادت المعلومات أن إيران تبحث عن مستثمرين أجانب للمساهمة في الاستثمار، إذ أنها تواجه مشاكل اقتصادية حادة وتضخما مرتفعا.
وتاريخيا، يمثل الممر أولوية قصوى خصوصا لروسيا، حسبما أوردت صحيفة ذا برايمر في 18 أيار/مايو.
وأضافت الصحيفة أن "الاستثمار كان غير منتظم. في أوائل 2022، اشتكت طهران علانية من أن موسكو تخلفت عن تطوير منشآت الموانئ المطلوبة على طول بحر قزوين، أي المرافق اللازمة لنقل البضائع إلى داخل إيران".
فشل مقاربة "التوجه نحو الشرق'
وبموجب سياسة "التوجه نحو الشرق" التي تبناها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، فقد وسعت طهران علاقاتها مع بلاد الشرق، وبصورة رئيسة معالصين وروسيا.
إلا أن غالبية الشعب الإيراني لا تؤيد تعزيز العلاقات مع روسيا أو النفوذ الروسي المتزايد أو ما يعتقدون أنه تدخل روسي في الشؤون الإيرانية.
ولإيران وروسيا تاريخ طويل من العداء وعدم الثقة يعود إلى حقبة القياصرة، بما في ذلك سلسلة من الحروب الروسية-الفارسية وتدخل روسي متكرر في السياسات الإيرانية، وفقا لتقرير نشرته مجلة فورين بوليسي في 26 تشرين الأول/أكتوبر.
فخلال الحرب العراقية-الإيرانية في ثمانينيات القرن العشرين، باعت روسيا أسلحة ودبابات متهالكة للجمهورية الإسلامية بأسعار فلكية، وهي ما تزال تفعل ذلك حتى الآن.
ويلقي بعض الإيرانيين اللوم على روسيا في الإخفاق في إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 مع الغرب، الذي يعرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
ولطالما تعرض النظام الإيراني للخداع في اتفاقاته الكثيرة مع روسيا، ولم يتقاضى حقوقه المالية في اتفاقيات عديدة، على الأقل ليس بالكامل.
ومع ذلك، يستمر النظام في إمداد روسيا بمسيرات لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا، كما أنه وافق سرا علىتصنيع المسيرات الإيرانية على الأراضي الروسية.
وقالت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، أدريان واتسون، إن "طهران تساعد في قتل المدنيين الأوكرانيين من خلال إمداد روسيا بالأسلحة ومساعدتها في عملياتها. ويعد ذلك مؤشرا آخر على مدى عزلة كل من إيران وروسيا".