على الرغم من إعراب النظام الإيراني عن دعمه المستمر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، أتخذ أغلب الشعب الإيراني موقفا معاكسا.
ففي تناقض صارخ مع الموقف الرسمي للنظام الذي أعرب من جهة عن دعمه لبوتين مع "إدانة" الحرب الدائرة من جهة أخرى، أعرب الإيرانيون في الداخل وعبر المواقع الإلكترونية عن كراهيتهم المتأصلة لروسيا وبوتين.
ومنذ عام 1813 عندما أفضت الحرب الروسية الفارسية الأولى إلى توقيع معاهدة كلستان، تملك كره روسيا نفوس معظم الإيرانيين لقناعتهم أن اتفاقياتها مع إيران تتعارض مع مصالح الأمة.
وخلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي، باعت روسيا أسلحتها ودباباتها المتهالكة للجمهورية الإسلامية بأسعار باهظة، وما تزال تفعل ذلك، مثيرة المزيد من الاستياء داخل إيران.
ومع اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، حذر بعض المحللين والمواطنين من هجوم روسي محتمل على إيران.
وفي 24 شباط/فبراير وبعد ساعات من شن روسيا هجومها على أوكرانيا، اتصل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ببوتين ليعرب له عن دعمه لتحركات موسكو.
وسخر الإيرانيون من دعم رئيسهم لبوتين، لا سيما في ظل ما أظهره الرئيس الروسي له من قلة احترام عندما زار موسكو في كانون الثاني/يناير الماضي.
وفي 25 و26 شباط/فبراير، احتشدت مجموعة كبيرة من الإيرانيين أمام السفارة الأوكرانية في طهران للاحتجاج على الحرب ضد أوكرانيا، وهتفوا وهم يصفقون "الموت لبوتين" قبل أن تفرقهم "الوحدة الخاصة" في شرطة طهران.
وخلال الليل، كُتب شعار "يسقط بوتين" على الجدران الخارجية للسفارة الروسية.
الاعتذار من أوكرانيا
وقام العديد من المحللين السياسيين والشخصيات السياسية السابقة غير التابعة للمرشد الأعلى في إيران علي خامينئي أو لرئيسي، بنشر محتوى مؤيد لأوكرانيا ومعارض لروسيا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وإن بعضهم "اعتذر بصدق" للشعب الأوكراني عن موقف النظام الإيراني.
وفي هذه الأثناء، حمّل الناطق باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "مسؤولية الوضع السائد في بلاده".
وقال خامنئي في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء، 1 آذار/مارس، إنه "ضد أي حرب في العالم". وفي حين تجنب ذكر روسيا، ألقى مسؤولية الحرب في أوكرانيا على الغرب بعامة والولايات المتحدة بخاصة.
وجاء هذا الكلام في وقت كان فيه عدد كبير من الإيرانيين المقيمين في أوكرانيا يعانون الأمرّين من أجل مغادرة كييف. وتوجه الكثير منهم إلى الحدود البولندية لكن لم يُسمح لهم بدخول البلاد.
وأشار مراقبون إلى أن طهران منشغلة في مكافحة المعارضة الداخلية وقمع الإيرانيين المناهضين لروسيا واتهام الغرب بالتسبب في حرب أوكرانيا، بدلا من أن تكون أولويتها تدبير إخراج الإيرانيين من أوكرانيا.
وبعد أن أثار رد فعل الحكومة البطيء للأزمة ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الأخبار، أرسلت طهران أخيرا طائرة لإجلاء مواطنيها من المناطق الحدودية الأوكرانية، وغالبيتهم من الطلاب.
وأعلنت أنه "تم إجلاء معظم الإيرانيين الذين أرادوا مغادرة أوكرانيا"، مضيفة أنه سيتم إجلاء الباقين قريبا.
روسيا: صديق متقلب
وتتكون المنافذ الإخبارية والصحف المحلية والمواقع الإلكترونية من مروحة كبيرة تبدأ بتلك التي تتخذ موقفا متشددا من الغرب مرورا بالمحايدة، ووصولا إلى المعادية لروسيا.
وفي وقت انتقدت فيه بعض المنافذ الإعلامية في إيران موقف النظام من الحرب في أوكرانيا، اتخذت وسائل إعلامية أخرى تابعة لخامنئي ورئيسي والحرس الثوري الإيراني موقفا معاكسا.
وأكد مراقبون أن النظام الإيراني يدعم على الأرجح روسيا لكي تقوم موسكو بالمثل وتدعم طهران في ماراثون المفاوضات المستمر مع القوى العالمية بشأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
وقال العديد من الإيرانيين إن روسيا لم تكن يوما داعمة لبلدهم، وانحازت إلى جانب الغرب عند التصويت على القيود المفروضة على طهران والمرتبطة ببرنامجها النووي وبرنامجها الصاروخي، لأنها تريد أن تبقى إيران معتمدة عليها في التسلح.