سياسة

مع ازدياد عزلتهما الدولية، إيران وروسيا تروجان لممر النقل بين الشمال والجنوب

فريق عمل المشارق ووكالة الصحافة الفرنسية

من اليسار إلى اليمين، الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والرئيس التركماني سردار بيردي محمدوف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف، في صورة التقطت يوم 29 حزيران/يونيو أثناء انعقاد قمة بحر قزوين السادسة في عشق أباد. [غريغوري سيسوييف/سبوتنيك/وكالة الصحافة الفرنسية]

من اليسار إلى اليمين، الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والرئيس التركماني سردار بيردي محمدوف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف، في صورة التقطت يوم 29 حزيران/يونيو أثناء انعقاد قمة بحر قزوين السادسة في عشق أباد. [غريغوري سيسوييف/سبوتنيك/وكالة الصحافة الفرنسية]

على الرغم من مرور عقدين على توقيع روسيا وإيران والهند اتفاقية تحدد رؤية لممر نقل بين الشمال والجنوب، كثفت روسيا وإيران في السنوات الأخيرة جهود الترويج لهذه الخطة.

وتواجه الدولتان عقوبات دولية وعزلة عالمية على المسرح العالمي: روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا وإيران بسبب تدخلها الإقليمي وسعيها المستمر لتحقيق طموحاتها النووية..

ومع إغلاق أبواب التجارة الدولية أمامهما، اتخذ البلدان مؤخرا خطوات لتفعيل مسار السفن والسكك الحديدية والطرق البرية الذي يبلغ طوله 7200 كيلومتر والذي يمر عبر الهند وإيران وأفغانستان وأذربيجان وروسيا وآسيا الوسطى وأوروبا.

ووفقا لتقرير صدر عن معهد بروكينغز في تموز/يوليو 2002، يمتد الجزء الأول من الطريق من الهند عبر بحر العرب وصولا إلى ميناء بندر عباس الإيراني.

بارجة ترش الماء في 29 نيسان/أبريل 2004، أثناء افتتاح محطة نيكا النفطية في إيران على بحر قزوين. [هنغاميه فهيمي/وكالة الصحافة الفرنسية]

بارجة ترش الماء في 29 نيسان/أبريل 2004، أثناء افتتاح محطة نيكا النفطية في إيران على بحر قزوين. [هنغاميه فهيمي/وكالة الصحافة الفرنسية]

ناقلة نفط روسية في بحر قزوين بالقرب من رصيف ميناء نيكا النفطي في إيران، خلال حفل افتتاحه يوم 29 نيسان/أبريل 2004. [هنغاميه فهيمي/وكالة الصحافة الفرنسية]

ناقلة نفط روسية في بحر قزوين بالقرب من رصيف ميناء نيكا النفطي في إيران، خلال حفل افتتاحه يوم 29 نيسان/أبريل 2004. [هنغاميه فهيمي/وكالة الصحافة الفرنسية]

ويربط الجزء الثاني من الطريق إيران بروسيا عبر بحر قزوين.

ويمر فرع ثالث من هذه الطريق عبر كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان في آسيا الوسطى، بحسب مقال ظهر باللغة العربية أولا في صحيفة القدس العربي يوم 21 حزيران/يونيو.

وبهدف الدفع باتجاه تنفيذ الجزء الثاني من هذا الطريق التجاري، بدأت إيران بدراسة اقتراح لبناء قناة من شأنها أن تربط الخليج العربي ببحر قزوين، وانتهت أول دراسة رسمية في ستينيات القرن الماضي.

وكانت روسيا مدافعة متحمسة عن اقتراح "إيرانرود"، لأنه سيمكنها من تجاوز مضيق البوسفور الخاضع لسيطرة الناتو كما قناة السويس، وفقا لتقرير للمهندس بيمان موزن صدر عام 2014.

لكن بعد عقود من الانتهاء من الدراسة الأصلية، ما يزال اقتراح إنشاء ممر إيرانرود في مراحله الأولى وثمة تحديات عدة تواجه البناء، ليس أقلها طوله الكبير.

محاولة تجاوز قناة السويس والعقوبات

وعندما جنحت سفينة حاويات ضخمة في قناة السويس في آذار/مارس 2021 متسببة في إغلاق ممر الشحن التجاري الرئيس مدة ستة أيام كاملة، استغلت روسيا الفرصة للدفع قدما بخطة إنشاء طرق بديلة للتجارة.

وذكرت صحيفة موسكو تايمز في 26 آذار/مارس 2021، أن المسؤولين الروس "بدأوا بالفعل الترويج بقوة لطريق بحر الشمال الروسي، وهو طريق بحري بديل من أوروبا إلى آسيا يمر عبر القطب الشمالي".

ونقل موقع المونيتور أنه بعد ذلك بوقت قصير، وتحديدا في 13 نيسان/أبريل، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن روسيا وإيران مهتمتان بتطوير ممر للنقل بين الشمال والجنوب، وذلك على ضوء توقف قناة السويس.

وقال لافروف في حينه إن المناقشات جارية في طهران لتحقيق هذه الغاية.

لكن المسؤولين المصريين استبعدوا احتمال وجود منافسة، مشيرين إلى أن هذا المفهوم "غير واقعي" لأسباب متعددة بسبب غياب أي نشاط تنموي على مدى السنوات العشرين الماضية.

وأفاد موقع المونيتور أن طريق التجارة بين الشمال والجنوب يظل هدفا رئيسا لكل من إيران وروسيا، مشيرا إلى أن "التجارة بين البلدين تزداد باطراد عاما بعد عام".

وهذا العام، وقعت إيران وروسيا في 17 حزيران/يونيو اتفاقية لتسريع إقامة ممر النقل بين الشمال والجنوب وإنشاء مراكز تجارية في طهران وميناء سانت بطرسبرغ الروسي لتسهيل التجارة بينهما.

وقال موقع المونيتور إن الاتفاق يهدف لمساعدة رجال الأعمال الإيرانيين والروس على إقامة اتصالات وإجراء معاملات مالية في قطاعات الطاقة والنقل والإلكترونيات والزراعة والأغذية والأدوية والبناء.

محاولات التقرب من دول آسيا الوسطى المستاءة

وبُذلت أيضا جهود مكثفة للتقرب من الدول الأخرى على طول الممر، وخاصة كازاخستان الغنية بالنفط والتي أبقت على تحالفها مع روسيا وتربطها بالصين علاقات اقتصادية متينة.

ومع ذلك، يقف في وجه نجاح هذه الجهود المرارة التي تشعر بها هذه الدول جراء السياسات الروسية والإيرانية المتسلطة.

وانتظرت موسكو حتى يوم الإثنين، 11 تموز/يوليو، لتلغي محكمة روسية حكما ألقى بظلاله على العلاقات بين البلدين إذ قضى بمنع تفريغ شحنات النفط من كازاخستان مدة 30 يوما، حسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

ولو بقي هذا الحظر ساري المفعول، لكان سيمنع كازاخستان من تصدير نفطها إلى أوروبا. هذا الخلاف دفع الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف الأسبوع الماضي إلى إصدار أوامر للمسؤولين المعنيين بإيجاد طرق لتصدير النفط تتجاوز روسيا.

وأثار القرار الروسي بوقف تفريغ صادرات النفط الكازاخستانية تكهنات بأن يكون الكرملين يعاقب حليفه في آسيا الوسطى بسبب موقفه المحايد من أوكرانيا.

بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أن لديها ساحل على بحر قزوين مثل روسيا وإيران تماما، ما زالت تركمستان تعتمد على خطوط الأنابيب الروسية، ما يجعلها عاجزة عن تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا مباشرة.

ولعقود طويلة، عملت روسيا وإيران على تقويض آمال التركمان في بناء خط أنابيب تحت البحر يصلهم بأذربيجان ويحررهم من الحاجة إلى خطوط الأنابيب الروسية. بقيت تركمستان نتيجة لذلك تحت رحمة عميلين فقط، هما روسيا والصين، الأمر الذي أجبرها على بيع الغاز بأسعار منخفضة لا تعود عليها بمنفعة كبيرة.

العين على كازاخستان

إذا تمكنت موسكو وطهران من علاج مشاعر المرارة التي خلفتها سياساتهما، فسيكون الطريق الذي يمر عبر كازاخستان على رأس قائمة أولوياتهما.

وعن هذا الموضوع قالت صحيفة القدس العربي "دون أدنى شك، يعتبر الطريق البري إلى شمال أوروبا عبر كازاخستان ممرا يهم الصين أيضا".

وأفادت المونيتور أن الرئيس الكازاخستاني توكاييف والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي افتتحا خلال زيارة قام بها إلى طهران في 19 حزيران/ يونيو شبكة سكك حديدية تمتد من كازاخستان إلى إيران وصولا إلى تركيا.

وأضافت أن "شبكة السكك الحديدية مع كازاخستان يمكن أن تساعد إيران في تعزيز طريق النقل التجاري الدولي بين الشمال والجنوب في روسيا وإيران والهند"، مشيرة إلى أن تجارة إيران مع العديد من دول آسيا الوسطى زادت خلال عام 2021.

من جهتها، قالت قناة تي آر تي وورلد في 11 كانون الثاني/يناير "على الرغم من أن كازاخستان نادرا ما تناقش عند الغوص في الشؤون المرتبطة بالسياسة الخارجية الإيرانية، يتغاضى العديد من المحللين عن أهمية آسيا الوسطى بالنسبة لطهران".

وتابعت "على مر السنين، عملت كازاخستان على تزويد إيران بمساعدة اقتصادية على شكل ترتيبات لتبادل النفط"، لافتة إلى أن هذا الترتيب ساعد إيران في الالتفاف على العقوبات وغيرها من الإجراءات لعزلها وإضعافها.

وفي حديثه لقناة تي آر تي وورلد، قال الأستاذ المحاضر في الجامعة البريطانية المفتوحة، إدوارد ويستنيدج، إن "مصالح السياسة الخارجية الإيرانية في آسيا الوسطى تُخدم على أفضل وجه عبر استمرار طهران في التماهي مع مواقف موسكو تجاه كل ما يجري فيما يسمى ’الخارج القريب‘ منها".

وتابع "إيران ترى نفسها على أنها تلعب دورا مكملا لدور روسيا والصين في المنطقة، وهي مثلهما ترغب في رؤية آسيا الوسطى مستقرة لا تربطها علاقة وثيقة مع القوى الغربية".

وتعد كازاخستان منتجا رئيسا للنفط واليورانيوم، وهي إلى جانب إيران عضوا في منظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها الصين والتي تضم أيضا روسيا والهند وباكستان، حسبما أفاد راديو أوروبا الحرة/راديو الحرية في 19 حزيران/يونيو.

وأفادت ذي ديبلومات في 2 أيار/مايو أنه "في الآونة الأخيرة فقط، أصبحت آسيا الوسطى أولوية سياسية لطهران، وباتت تنظر إلى المنطقة على أنها ’جسر‘ محتمل بين إيران والشرق".

وأشارت إلى أنه بالإضافة إلى كازاخستان، تركز إيران على أوزبكستان وقرغيزستان، موضحة أنه على الرغم من وجود "قاعدة" فارسية في هذه الدول، فإن الكثيرين لا ينظرون بإيجابية تجاه إيران.

"فإيران ببساطة، ليست على الرادار بالنسبة للكثيرين".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500