قال مراقبون إن تكثيف النظام الإيراني اعتداءاته على المتظاهرين والأقليات والنساء اللاتي لا يلتزمن بقانون الملبس، يأتي وسط زيادة مثيرة للقلق في تنفيذ عقوبة الإعدام وإعادة العمل بعقوبة البتر.
هذه النزعة إلى ممارسة القمع العنيف بحق من يُعتقد أنهم معارضون وفرض عقوبات مشدّدة أثارت انتباه العالم وشجبه.
وفي هذا الإطار، كشفت منظمة العفو الدولية يوم الأربعاء، 3 آب/أغسطس، أن أربعة أشخاص على الأقل قتلوا في شهر أيار/مايو الماضي حين شرعت قوات الأمن الإيرانية في تنفيذ حملة قمع عنيفة بحق المحتجين على ارتفاع تكاليف المعيشة، مستخدمة ضدهم الذخيرة الحية والخرطوش.
وأضافت المنظمة الحقوقية أنه يجب مساءلة السلطات الإيرانية على "سيل العنف" الذي أطلقته ضد المحتجين في جنوب غرب البلاد.
وأكدت المنظمة طلبها من الأمم المتحدة إنشاء آلية مستقلة للتحقيق في مثل هذه الجرائم داخل إيران.
وقالت نائبة المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، ديانا الطحاوي، إن "رد السلطات العنيف كشف جليا مرة أخرى تجاهلها التام لقدسية الحياة الإنسانية والمعايير القانونية الدولية حول استخدام القوة والأسلحة النارية".
وأضافت أن "قوات الأمن الإيرانية ستستمر في عزمها على قتل المتظاهرين وإصابتهم إذا لم تتم مساءلتها".
وكانت الاحتجاجات على أسعار المواد الغذائية قد اندلعت في محافظة خوزستان بجنوب غربي البلاد في أوائل شهر أيار/مايو، لتمتد بعد ذلك إلى محافظة تشاهر محل وبختياري.
وأوضحت منظمة العفو الدولية أن أدلة مرئية ومسموعة تظهر أن القوات "أطلقت أسلحة مزودة بذخائر حية وخرطوش في مناسبات عديدة أثناء الاحتجاجات".
وأضافت أن الخرطوش، وهي عبارة عن طلقة تحشى بكريات معدنية صغيرة تقذف إلى الخارج فور إطلاقها، هي ذخيرة عشوائية بطبيعتها ومصممة لتتسبب بأكبر ضرر ممكن".
استهداف الأقليات
من جهة أخرى، قالت وزارة الاستخبارات الإيرانية يوم الاثنين إنها أوقفت أشخاص من الأقلية البهائية بتهمة التجسس والعمل بصورة غير قانونية للتبشير بدينهم.
وتم فعلا يوم الأحد توقيف 13 شخصية بارزة من أبناء الأقلية البهائية في مداهمات فجائية شملت 52 منزلا وشركة في جميع أنحاء البلاد، حسبما ذكرت ديان علائي من الجامعة البهائية العالمية.
ويوم الثلاثاء، قالت الجامعة إن المسؤولين الإيرانيين أغلقوا قرية روشانكوه في محافظة مازندران ودمروا بالكامل ستة منازل تعود لبهائيين وصادروا 20 هكتارا من الأراضي.
وأظهرت مقاطع فيديو بثت على مواقع التواصل الاجتماعي أهالي القرية التي تنتشر فيها البهائية وهم يقفون مذهولين أمام ركام منازلهم.
وأورد بيان الجامعة أنه تم استخدام معدات ثقيلة لهدم المنازل إضافة إلى اعتقال أحد السكان البهائيين.
وقالت ديان علائي، وهي إحدى ممثلات الجامعة في الأمم المتحدة، "نطلب من الجميع أن يرفعوا صوتهم من أجل وقف فوري لأعمال الاضطهاد المروعة والصارخة هذه".
ونددت بـ "الخطة التدريجية" للسلطات الإيرانية والمتمثلة في "الأكاذيب الصارخة وخطاب الكراهية أولا، ثم المداهمات والاعتقالات، واليوم الاستيلاء على الأراضي واحتلال المنازل وتدميرها".
هذا وتعتبر الجمهورية الإسلامية أن أبناء الديانة البهائية "زنادقة" وتنظر لهم بشكوك، سيما أن المركز الرئيس للأقلية ومقرها الروحي يقع في مدينة حيفا الإسرائيلية.
وتعرض البهائيون لاضطهاد مماثل في اليمن على أيدي وكلاء إيران الحوثيين.
وفي عام 2018، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يدعو إيران لوقف انتهاكات حقوق الإنسان ضد ديانات الأقليات، بمن فيهم البهائيون.
وأشارت إلى تعرضهم "للتحرش والترهيب والاضطهاد وعمليات التوقيف والاحتجاز التعسفية"، من بين انتهاكات أخرى.
ارتفاع مرعب في عمليات الإعدام
بدورها، قالت منظمة حقوق الإنسان في إيران، وهي منظمة غير حكومية يقع مقرها في النرويج، إن إيران أعدمت في النصف الأول من عام 2022 ضعف عدد السجناء الذين أعدمتهم في الفترة نفسها من العام السابق، مع توثيقها تنفيذ 318 عملية شنق على الأقل هذا العام.
ويوم 23 تموز/يوليو، نفذت إيران أول عملية إعدام علنية منذ عامين.
وقالت المنظمة إن بين المعدومين عشر نساء، منهن ثلاث أعدمن في يوم واحد، وهو 27 تموز/يوليو، وكلهن بسبب قتل أزواجهن.
وقالت منظمة العفو الدولية إن إيران تنفذ "موجة إعدامات"، مستخدمة عمليات الشنق "بوتيرة مرعبة".
ويوم الثلاثاء، أوردت وسائل الإعلام الإيرانية أنه بناء على قوانين القصاص في الشريعة الإسلامية، فقد حكمت محاكم البلاد على ثلاثة أشخاص بفقء إحدى أعينهم بسبب اعتدائهم على أفراد آخرين والتسبب في فقدان ضحاياهم لواحدة من عيونهم.
واستأنفت إيران أيضا عقوبة بتر أصابع اللصوص المدانين، إذ تعرض سجينان اثنان على الأقل لهذه العقوبة هذا العام، وذلك عبر مقصلة تم تركيبها خصيصا في سجن إيفين بطهران، حسبما قالت منظمة العفو الدولية.
وأفادت تقارير من داخل إيران أنه قيل لأحد المبتورين إنه يستطيع دفع مقابل زرع أصابعه، لكنه لم يملك المال اللازم لذلك.
وبناء على الهاشتاغ "#لا تعدموا"، شهد الداخل الإيراني وخارجها حملة كبيرة لوقف استخدام عقوبة الإعدام في الجمهورية الإسلامية.
يذكر أن إيران تنفذ إعدامات سنويا أكثر من أي بلد آخر باستثناء الصين.
وأحد الأصوات البارزة في هذه الحملة هو المخرج محمد رسولوف الذي فاز فيلمه المرعب المناهض لعقوبة الإعدام "لا يوجد شر" بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي في عام 2020.
واعتقل رسولوف في أوائل شهر تموز/يوليو بعد إطلاق نداء من مخرجين وممثلين حثوا فيه قوات الأمن على عدم رفع أسلحتها في وجه المتظاهرين.
وأعلنت السلطة القضائية في إيران أن المخرج المعارض الفائز بالجوائز جعفر بناهي الذي تم توقيفه بعد أيام من توقيف رسولوف، عليه أن يقضي حكما بالسجن مدة ست سنوات كان قد صدر ضده في عام 2010.
يذكر أن بناهي كان قد فاز بعدد من الجوائز في المهرجانات الدولية لأفلام انتقدت إيران المعاصرة.
وقال المتحدث باسم مجلس القضاء مسعود سيتايشي إنه "حكم على بناهي في العام 2010 بالسجن ست سنوات" ونقل "إلى سجن إيفين لتنفيذ الحكم هناك".
حملة تشديد على ملابس النساء
يبدو أن الاعتقالات وعمليات الإعدام التعسفية تزايدت بصورة كبيرة في عهد رئيسي، وارتفعت معدلاتها أكثر مع تعيين وزير الاستخبارات السابق غلام حسين محسني-إيجي لرئاسة مجلس القضاء.
والشهر الماضي، أطلقت "شرطة الآداب" التابعة للنظام الإيراني حملة ضد النساء اللاتي لا تغطين أنفسهن بالكامل، وتعمد إلى مضايقة واحتجاز النساء اللاتي يتحدين قانون الملابس الصارم الذي يفرضه النظام.
ومع ارتفاع درجات الحرارة، نشر النظام أيضا عددا كبيرا من قوات الأمن لملاحقة النساء غير الملتزمات بقانون الملابس هذا.
وتحاول القوات إلقاء القبض على من "لم تغطين أنفسهن بالكامل وفقا لما ينص عليه القانون" في الشوارع ووسائل المواصلات العامة، إلا أن العديد من أولئك النساء يقاومن الاعتقالات، ما أدى إلى حوادث عنف في بعض الحالات.