واشنطن -- تعتزم إيران تزويد روسيا بمئات الطائرات المسيرة المجهزة بقدرات قتالية لتستخدمها في أوكرانيا، حسبما ذكر مسؤول أميركي بارز يوم الاثنين، ۱۱ تموز/يولیو.
فقد أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، أن المعلومات التي تلقتها الولايات المتحدة دعمت وجهات النظر التي تقول إن القوات المسلحة الروسية تواجه تحديات في الحفاظ على ترسانتها من الأسلحة عقب الخسائر الكبيرة التي تكبدتها في أوكرانيا.
وأضاف في إفادة صحافية للبيت الأبيض أن "الحكومة الإيرانية تستعد لإمداد روسيا بمئات المركبات الجوية غير المأهولة ، بما في ذلك طائرات مسيرة قادرة على حمل أسلحة، وذلك وفق جدول زمني معجل".
وتابع أن "معلوماتنا تبين أيضا أن إيران تستعد لتدريب القوات الروسية على استخدام تلك المسيرات، على أن تبدأ أولى دورات التدريب في وقت مبكر من شهر تموز/يوليو".
وأوضح سوليفان أنه من غير الواضح حالي ما إذا كانت إيران قد زودت روسيا بأي مسيرات.
وذكر أنه "من جهتنا، سنستمر بدورنا المساعد في الحفاظ على استدامة الدفاع الفعال لأوكرانيا ومساندة الأوكرانيين على إظهار أن الجهود الروسية لمحاولة محو أوكرانيا من الخريطة لا يمكن أن تنجح".
وردت وزارة الخارجية الإيرانية يوم الثلاثاء قائلة إنه "لم يحدث أي تطور خاص" في التعاون التكنولوجي مع روسيا عقب غزوها لأوكرانيا في شباط/فبراير، دون أن تذكر الطائرات المسيرة بالتحديد.
ويوم الثلاثاء أيضا، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتوجه إلى طهران يوم 19 تموز/يوليو لعقد قمة حول سوريا مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وستكون تلك ثاني زيارة خارجية للرئيس الروسي منذ أن أرسل قواته إلى أوكرانيا في أواخر شهر شباط/فبراير، وذلك بعدما زار طاجيكستان في أواخر شهر حزيران/يونيو.
حدود القدرة الروسية
وأوردت صحيفة واشنطن بوست أنه "في حين تمتلك روسيا ترسانتها كبيرة من الطائرات المسيرة، فإن وصول الطائرات الإيرانية يمكن أن يساعد موسكو في سد النقص في نظام أسلحة رئيس تكبد خسائر فادحة في الصراع المستمر منذ أربعة أشهر".
وفي حديثه للصحيفة نفسها، قال مدير مشروع التهديدات الحرجة في معهد إميركان إنتربرايز، فرديريك كاغان، إن استلام روسيا للمسيرات يمثل "اعترافا مهما" بأن قدراتها محدودة.
وتحدث كاغان عن مؤشرات مختلفة تدل على بدء نفاذ الأسلحة الدقيقة من القوات التي تدعمها روسيا، وهذا أمر من الممكن للمسيرات القادمة من إيران أن تغيره، دون أن يتضح بشكل دقيق مدى التغيير هذا.
وكان محللون قد أشاروا سابقا إلى أدلة تظهر أن القوات الروسية لا تحصل على ما تحتاجه من إمدادات وغذاء وقيادة ، معربين عن دهشتهم من سوء إدارة روسيا لهجومها على أوكرانيا.
ولفتوا في التفاصيل إلى رتل القوات الغازية التي تعطل تقدمها بسبب نقص الوقود وغيره من الإمدادات، وعن فقدان مئات العربات المدرعة الروسية، في حين أن الأوكرانيين الذين لا يضاهون الروس عددا وعتادا، منعوا سلاح الجو الروسي من السيطرة على الأجواء.
إلى هذا، هجر الجنود الروس الجوعي وحداتهم وتم تصويرهم وهم ينهبون متاجر البقالة ويسرقون الدجاج من المزارع.
وكشفت الحرب الأوكرانية مقدار مبالغة المجتمع الدولي في تقدير القدرات الروسية، حسبما قال يوري بويتا، وهو أحد سكان كييف ويترأس قسم آسيا-المحيط الهادئ في مركز دراسات الجيش والتحويل ونزع السلاح.
وأشار إلى تخلف الأسلحة الروسية وعدم مهنية الضباط والمقاربات السوفياتية العتيقة لعمليات التحكم والقيادة العسكرية التي تقوم على نحو صارم على الطاعة الهرمية.
برنامج الطائرات المسيرة في إيران
من جانبه، صرح المحلل العسكري صموئيل بنديت من مركز الأبحاث سي إن إيه لوكالة الأسوشيتد برس، أن اختيار روسيا لإيران كمصدر للطائرات المسيرة أمر منطقي لأنه "على مدار العشرين عاما الماضية أو أكثر، كانت إيران تطور قوتها القتالية من الطائرات المسيرة".
وأضاف أن "طائراتهم المسيرة شاركت في عمليات قتالية أكثر من الروس"، مشيرا إلى أن الإيرانيين رائدون في العتاد المتسكع المعروف أيضا باسم "الطائرات المسيرة الانتحارية".
فمنذ أوائل ثمانينيات القرن العشرين، عملت إيران على تطوير برنامج طائرات مسيرة يعزز وضعها كقوة عسكرية مهيمنة في منطقة الشرق الأوسط.
هذه الطائرات المسيرة المصنوعة في إيران كما نسخ المسيرات الإيرانية التي يصنعها وكلاؤها، تستخدم في إحداث فوضى ودمار في جميع أنحاء المنطقة.
ومع أن فصائل الوكلاء يتبنون المسؤولية عن تلك الهجمات، فإن الأدلة التي تم تجميعها من الشظايا والخيوط الأخرى من الأدلة الجنائية تقود إلى إيران.
وأشار المحللون إلى أن إيران تتباهى بفخر بموقعها كمركز لعمليات الطائرات المسيرة في المنطقة.
فأثناء العرض العسكري الذي جرى بمناسبة يوم الجيش في طهران يوم 18 نيسان/أبريل، استعرض رئيسي من منصته مرور أكثر من 12 نوعا من الطائرات المسيرة وبلغ مجموع المسيرات المشاركة أكثر من 50 مسيرة بينها مسيرات انتحارية.
ويزعم المسؤولون الإيرانيون أن تلك المسيرات تتمتع بقدرات عملياتية في مجالات الاستطلاع والقتال والهجوم في اتجاه واحد (أي المسيرات الانتحارية) والدفاع.
هذا واستخدمت المسيرات الإيرانية المفخخة في العراق ولبنان واليمنو الإمارات و السعودية، وتضيف إيران على نحو منتظم مسيرات جديدة إلى ترسانتها.
شبكة تهريب الأسلحة
وفي تقرير بتاريخ 11 نيسان/أبريل، كشفت صحيفة الغارديان أن شبكات تهريب الأسلحة الإيرانية كانت تنقل إلى روسيا قذائف صاروخية وأنظمة قاذفات صواريخ وصواريخ مضادة للدبابات مصدرها العراق.
وقالت الصحيفة إن الميليشيات العراقية المتحالفة مع إيران ساعدت في تهريب شحنات الذخائر والعتاد الحربي التي تم نقلها إلى إيران عبر منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران في محافظة البصرة العراقية.
وتسيطر الميليشيات المتحالفة مع إيران على معظم المناطق الحدودية مع إيران.
وأوضحت الصحيفة أن الجيش الإيراني استلم الشحنة في منفذ الشلامجة ونقلها إلى روسيا عبر بحر قزوين، مشيرة إلى أن الأدلة تظهر أنها نقلت من ميناء بندر أنزلي الإيراني إلى مدينة استراخان الروسية.
ووفق مصدر في الميليشيات، قامت الميليشيات الموالية لإيران أيضا بتفكيك وشحن اثنين من أنظمة قاذفات الصواريخ البرازيلية التصميم.
يذكر أن الطريق من إيران إلى روسيا يمثل جزءا مما يسمى ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، وهو عبارة عن طريق للسفن والسكك الحديدية والطرق البرية بطول 7200 كيلومتر يستخدم لنقل البضائع بين الهند وإيران وأفغانستان وأذربيجان وروسيا وآسيا الوسطى وأوروبا.
وعملت روسيا وإيران خلال السنوات الأخيرة على الترويج بكثافة لهذا الممر، فيما تواجه الدولتان عزلة متزايدة على المسرح العالمي بسبب أفعالهما.