من غير المحتمل أن يكون لنظام دفاع جوي من العهد السوفياتي يسبب قلقا لموسكو في أوكرانيا نفس التأثير على خصوم إيران.
ففي مقابلة مع وكالة روسيا اليوم جرت في 18 آذار/مارس، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن موسكو "لن تسمح" بنقل نظم الدفاع الجوي الصاروخي إس-300 من بلدان حلف الناتو إلى أوكرانيا.
وأضاف أن روسيا ستعتبر أي أسلحة تورد لأوكرانيا "هدفا مشروعا".
وجاءت تعليقات لافروف بعدما أعلنت سلوفاكيا قبل أيام أنها مستعدة لإمداد أوكرانيا بنظام إس-300 مقابل تطمينات بأنه سيتم تعويض هذا السلاح فورا بنظام ذي جودة مماثلة.
وبما أن نظام الدفاع الجوي الأميركي باتريوت في طريقة إلى أوكرانيا حسبما قال وزير الدفاع السلوفاكي ياروسلاف ناد يوم 20 آذار/مارس، فإن ذلك سيمهد الطريق أمام براتيسلافا لتسليم نظام إس-300 إلى أوكرانيا.
يذكر أن سلوفاكيا واليونان وبلغاريا، وهي دول أعضاء في حلف الناتو، تستخدم النظام إس-300 الذي يستطيع ضرب الطائرات على ارتفاعات عالية.
وكان الاتحاد السوفياتي قد بدأ في تطوير نظام إس-300 في ستينيات القرن العشرين كمتابعة لمجموعة منوعة من نظم الصواريخ أرض-جو السابقة (سام)، حسبما أوردت مجلة ذي ناشيونال إنترست في شباط/فبراير 2021.
وتم اختبار النظام في سبعينيات القرن العشرين، ثم دخل الخدمة في عام 1978.
ويتمتع النظام إس-300 بالقدرة على أن يكون متعدد القنوات، أي يستخدم حزم توجيه متعددة لتوجيه الصواريخ إلى أهداف مختلفة في نفس الوقت.
وصواريخ النظام هذه التي تطلق عادة من على ظهر شاحنات، يمكن نشرها بسرعة أيضا ويمكنها الاشتباك مع عدة طائرات أو صواريخ بالستية قصيرة ومتوسطة المدى.
نظام إس-300 الإيراني
وفي حين تراقب روسيا نظام إس-300 بحذر، قد لا يشاركها خصوم إيران الهاجس نفسه.
وكانت روسيا قد بدأت تسليم نظم إس-300 لإيران في نيسان/أبريل 2016، وذلك بموجب صفقة بقيمة 800 مليون دولار أميركي أبرمت عام 2010، حسبما أوردت مجلة دبلومات.
وأكملت عمليات تسليم 16 نظاما في تشرين الأول/أكتوبر من العام نفس. ثم أعلنت إيران في آذار/مارس 2017 أن نظمها إس-300 أصبحت جاهزة للعمليات.
إلا أن الأدلة السابقة تشير إلى أنه من غير المحتمل أن تكون نظم إس-300 الإيرانية فعالة، لا سيما ضد الطائرات الشبح.
فقد تمكنت المقاتلات الشبح الإسرائيلية من طراز إف-35 من التسلل من أمام نظم إس-300 الإيرانية أثناء غارة في آذار/مارس 2018، حسبما أوردت مجلة ذي ناشيونال إنترست نقلا عن تقرير لصحيفة الجريدة الكويتية اليومية في حزيران/يونيو 2019.
ووفق التقرير، "اخترقت الطائرات الإسرائيلية المجال الجوي الإيراني محلقة على ارتفاعات عالية فوق طهران وكرجراك وأصفهان وشيراز وبندر عباس، وصورت نظام الدفاع الجوي الإيراني".
ونفذت الطائرات الإسرائيلية هذه الطلعة كاختبار لإمكانية شن هجوم غير مكتشف على مواقع وقواعد إيرانية، وقامت أثناء ذلك بتصوير مناطق حساسة بينها قواعد تحت الأرض.
وأضاف التقرير أن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، عزل قائد القوات الجوية في الجمهورية الإسلامية العميد فرزاد إسماعيلي لمحاولته إخفاء عملية الاختراق.
وقال مصدر نقلت عنه صحيفة الجريدة إن نظام الدفاع الجوي الإيراني إس-300، بما في ذلك راداره الروسي، لم يكتشف دخول المقاتلات الإسرائيلية وخروجها.
إيران غير قادرة على استخدام الدفاع الجوي الفعال
وللحرس الثوري الإيراني تاريخ طويل من الإخفاقات والمواقف المحرجة فيما يتعلق بالصواريخ، بما في ذلك إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية في عام 2020.
وساهم عدم الاهتمام الكافي ببروتوكول السلامة والمعدات المتهالكة والتكنولوجيا التي عفا عليها الزمن في هذا السجل الحافل من الإخفاق.
وبحسب المحللين، فحتى إذا اشترت إيران نظم إس-400 المحدثة التي تشتمل على رادار محدث وتستطيع على ما يبدو تتبع الطائرات الشبح، فإن القوات الإيرانية لن تكون قادرة على استخدام النظام بصورة سليمة.
وقال المسؤولون الروس في الماضي إنهم سيبحثون بيع نظام إس-400 لإيران، الذي هو نتيجة لعملية تطويرنظام إس-300 استمرت عقودا.
إلا أنه ربما قد تكون إيران من بين الدول التي لا تستطيع الاستفادة بصورة كاملة من نظام إس-400، وفقا لمقال نشر في مدونة راند (RAND) في أيار/مايو 2020.
ووفق التقرير، فإن "بلدانا كثيرة لا تقدر بالكامل أن نظام الدفاع الجوي الفعال يتطلب نظاما شبكيا وليس مجرد مكون نظام صاروخي واحد فقط".
وأشار إلى أنه "على المستوى الأساسي، فإن مجال الرؤية لرادار البحث والتحكم في النيران بالنظام إس-400 محدود على أفق الأرض"، ما يعني أن النظام يعتمد على صواري طويلة أو على أنظمة طائرات الإنذار والتحكم المحمولة جوا (أواكس)، وهو الوضع الأفضل.
وبدون المجسات التي تستطيع أن تكتشف فيما وراء الأفق، يكون النظام إس-400 "عرضة لهجوم من ارتفاع منخفض من صواريخ كروز التي تستطيع أن تغمر نظام الدفاع الجوي إذا أطلقت بأعداد كبيرة".
إلى هذا، فإن وحدات إس-400 "تحتاج أن تكون مدمجة على نحو وثيق مع طائرات أواكس" لكي تكون فعالة، وهذه تكلفة إضافية مرتفعةيحتمل ألا تكون إيران قادرة على تحملها.
وأوضح التقرير أن تهديد صواريخ كروز منخفضة الارتفاع ليس هو التهديد الوحيد، إذ توجد صعوبات متأصلة في نظام الدفاع الجوي.
ويمثل حادث إسقاط إيران لرحلة الخطوط الجوية الأوكرانية 752 "مثالا آخر على مدى صعوبة تشغيل نظم الدفاع الجوي وعدم ارتكاب أخطاء مأسوية".