بيروت -- قال مراقبون إن جمهور حزب الله بدأ يشعر بالضغوط عقب تراجع الدعم المالي من إيران، وإنه بدأ يعرب عن استيائه من الحزب بصورة بطيئة، لكن ثابتة.
كذلك، بدأت هيمنة الحزب المدعوم من إيران على الحكومة اللبنانية تتراجع، عقب استقالة حكومة حليفه حسان دياب رئيس حكومة تصريف الأعمال.
وفي ھذا الإطار، قال مدیر المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حسان قطب إن الضغط الأمیركی الممارس على إيران عبر حملة عقوباتها قد "أضعف دورھا ودعمھا المالي للمیلیشیات والقوى المتحالفة معھا".
ويشمل ذلك حزب الله، إلى جانب أذرع إيران في العراق واليمن وسوريا.
وأوضح أن "تراجع الدعم الإيراني لحزب الله واضح ولا یمكن إخفاؤه، خاصة مع تراجع المدفوعات النقدیة للحلفاء وتأخیر الدفع لعائلات قتلى وجرحى الحزب".
وتابع قطب أنه مع تراجع عائداته، فقد سعى حزب الله إلى تأمين التوظيف لقياداته وعناصره في مؤسسات شبه رسمية، لا سيما في البلديات التي تنتمي بوضوح إليه.
ويحصل هؤلاء في تلك الوظائف على رواتب شهرية، كما يتلقون خدمات طبية وتعليمية، فضلًا عن بدلات انتقال على حساب خزینة الدولة.
كذلك، خرج الحزب عن نطاق حدوده التقليدية ليؤمن الوظائف لبعض عناصره في مؤسسات لم يكن متواجدا فيها في السابق، كالجامعة اللبنانية.
وأبقى المعابر الحدودية غير الشرعية مع سوريا مفتوحة، وانخرط بتجارة الحمضيات وشراء المحاصيل وتصديرها إلى العراق مباشرة عبر هذه المعابر، "بما یؤمن دخلا مالیا له"، حسبما ذكر قطب.
نفوذ متآكل
وبدوره، اعتبر المحلل السياسي الیاس الزغبي في حديث للمشارق أن العقوبات الأميركية ضد إيران وحزب الله ليست العامل الوحيد الذي حدّ من سلطة الحزب وقلل من نفوذه على القرار السياسي.
ولفت إلى وجود معارضة سياسية ومستقلة ومدنية لهيمنته،وقد أدرك حزب الله أنه غير قادر على الإتيان بحكومة كحكومة حسان دياب التي سمحت له بالاستمرار في هيمنته على بالساحة السياسية.
كذلك، قل حتى نفوذ حزب الله على حليفه الرئيس ميشال عون.
هذا وفرضت الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عقوبات على صهر عون جبران باسيل، زعيم التيار الوطني الحر (الذي أسسه عون)، متهمة إياه بالفساد وبصلته بحزب الله.
وقد واجه باسيل، الذي شغل سابقا منصب وزير الطاقة، انتقادات بسبب فشله في حل المشاكل المتواصلة بمنظومة الطاقة المتردية في لبنان التي يسودها الفساد والتي تعتمد إلى حد كبير على مولدات الطاقة.
وقد تحكم التيار الوطني الحر وحزب الله بوزارة الطاقة والمياه طوال سنوات، واتهم السياسيون بتوزيع الطاقة مجانا على جمهورهم، بما في ذلك من يقيمون في ضاحية بيروت الجنوبية التي يسيطر عليها الحزب.
وقال الزغبي إن كل تلك العوامل وضعت لبنان بمرحلة "استعادة بطیئة ومتدرجة للسیادة اللبنانیة"، لافتا إلى أن السلطة العسكرية والسياسية لجماعات كحزب لله هي "بمرحلة الأفول".
وأضاف أن الحزب يدرك ذلك، مشيرا إلى أنه رغم كل مظاهر القوة التي يستمر بإظهارها، "إلا أنه لیس ھناك بالأفق ما یشیر إلى أن الحزب باتجاه النھوض من الانحسار والانكسار والھبوط".
يُذكر أن المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، أعلنت أنها لا تستطيع مساعدة لبنان قبل أن تتحرر الحكومة من هيمنة حزب الله".
ومنذ تشرين الأول/أكتوبر 2019، طالب المتظاهرون علنا حزب الله بنزع سلاحه،إذ أن سلاح الحزب وارتباطه بالنظام الإيراني تركا الحكومة أمام خيارات محدودة جدا للوصول إلى المساعدات.
نشاط غير قانوني
ومن جهته، قال الكاتب والمعارض الشيعي علي الأمين إن حزب الله "ممسك بالسلطة بغض النظر عن الدعم المالي الإيراني أو عدمه، وإنه یستغل الدولة [اللبنانية] ومرافقھا ومعابرھا للتھریب".
وأضاف أن لبنان يشهد أزمة على كل المستويات، لافتا إلى أن حزب الله ليس الجهة الوحيدة التي تشهد تراجعا في المناخ الحالي.
وتابع أنه مع ذلك، فإن حزب الله ينخرط بأنشطة غير قانونية كالتهريب وتجارة المخدرات لتأمين العائدات، وإنه يستخدم هذه المداخيل لحشد جمهوره، إلا أنه "لا قدرة له على تلبیة الحاجات المتزایدة".
وختم الأمين قائلا إنه مع أن جمهور حزب الله لم ينقلب عليه بعد، إلا أنه يدرك تماما الفوارق الاجتماعية الهائلة بينه وبين أعضاء الحزب.