يخشى محللون من عدم تمكن لبنان من الحصول على التمويل الضروري للخروج من أزمته الاقتصادية، بسبب تبعية حزب الله لإيران وهيمنته على مجلس النواب حيث يشكل الأغلبية إلى جانب حلفائه.
وقد طالب الخبراء في القطاع المصرفي بحزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، قائلين إن ذلك من شأنه أن يؤمن المساعدة الدولية التي لبنان بأمس الحاجة إليها وأن يطمئن الدائنين، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
هذا وقد تراجعت قيمة الليرة اللبنانية في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تشهدها البلاد، كما فرضت المصارف قيودا صارمة على السحوبات بالدولار الأميركي وسط أزمة سيولة شديدة.
وقد أعلن لبنان الأسبوع الماضي أنه سيمتنع عن تسديد 1.2 مليار دولار من سندات اليوروبوند للمرة الأولى في تاريخه، قائلا إنها الطريقة الوحيدة التي يستطيع من خلالها رفع احتياطي العملات الأجنبية لديه.
وكان حزب الله قد اعترض بشدة على التدخل الأجنبي في اقتصاد لبنان.
ولكن تراجع زعيم حزب الله حسن نصرالله في كلمة متلفزة ألقاها يوم الجمعة، 13 آذار/مارس، عن موقفه موضحا أن الحزب قد يقبل بتلقي بيروت حزمة إنقاذ مالي من صندوق النقد الدولي مقابل "شروط منطقية".
ومع ذلك، حذر قائلا "مرفوض أن يوضع لبنان تحت وصاية أحد وممنوع أن تسلم إدارته المالية والاقتصادية لأي [جهة خارجية] تملي عليك".
وقد رفض الحزب سابقا الشروط و"الوصفات الجاهزة" التي يمكن أن تفرضها الهيئات العالمية، محذرا من "الوصاية الأجنبية" على الاقتصاد.
نصرالله ليس ʼفي موقع فرض شروطʻ
وفي هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي الياس الزغبي أنه "لا مفر للبنان من طلب المساعدة العينية الدولية من صندوق النقد الدولي، ولكن ليس من موقع فرض شروط زعيم حزب الله حسن نصرالله".
وتابع "إنما هو في موقع التجاوب والرضوخ للشروط الدولية. لذا، المكابرة برفض الحزب شروط الصندوق سيحرم لبنان من أي مساعدة دولية وعربية".
وأشار إلى أنه "طالما أن حكومة حسان دياب تلتزم توجهات حزب الله تحت ستار حكومة مستقلين أو تقنيين، لا يمكن للعالم منح مساعدات للبنان".
وأضاف أن هذه ستكون الحال "طالما أن حزب الله بتوجيه من إيران، يضغط على سياسة لبنان الخارجية ويجيرها لمصلحة محور المقاومة".
ومن جهته، قال رئيس المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حسان قطب للمشارق إن الشعب اللبناني "بدأ بلوم الحزب على ما وصل إليه".
وأكد أن السبب هو أن حزب الله مسؤول عن زج لبنان في الصراعات الإقليمية والدولية، كما أنه مسؤول عن تداعيات مثل هذه الأفعال.
وحذر قائلا إن لبنان لن يحصل على المساعدة العربية والعالمية طالما أن الحزب يستمر بخدمة إيران ومشروع الحرس الثوري الإيراني.
صلات مقلقة بالميليشيات المرتبطة بإيران
ومن الأمور المقلقة بشكل خاص، دور نصرالله الإقليمي كخلف لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني، الذي كان يشرف على العلاقات الخارجية للنظام الإيراني وعلى الميليشيات التابعة له.
ويعد حزب الله من أكبر هذه الميليشيات وأكثرها نفوذا، وبالتالي اعتبر كثيرون أن نصرالله سيملأ الفراغ في منصب القيادة الذي خلفه مقتل سليماني.
وأشار قطب إلى أن نصرالله "تسلم مسؤولية إدارة الميليشيات المؤيدة لإيران عقب اغتيال سليماني".
وأوضح أن "مسؤولية إدارة العمليات تعود له، وينفذ سياسة إيران واستراتيجيتها" في كافة الساحات التي تتواجد فيها تلك الميليشيات في المنطقة.
وتابع "يساعد حزب الله ويقود الميليشيات العراقية وغيرها بحكم موقع أمينه العام حسن نصرالله، ما يعني أنه كان بأجواء الاعتداءات الأخيرة على قوات التحالف الدولي بالعراق".
وقال "بالتالي، فإن الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي ستعتبره مسؤولا عن الاعتداءات الأخيرة وما سبقها من اعتداءات".
كذلك، سقط صاروخان في منطقة سكنية بالقرب من المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية حيث تفرض إجراءات أمنية مشددة مساء الثلاثاء، وذلك في ثاني هجوم من نوعه ينفذ في ذلك اليوم.
وكان ذلك الهجوم الـ 25 الذي ينفذ منذ تشرين الأول/أكتوبر على قواعد تضم دبلوماسيين وعناصر أميركيين وعناصر من قوات التحالف الدولي في مختلف أنحاء العراق. واقد اتهمت الميليشيات المدعومة من إيران ومنها كتائب حزب الله، بتنفيذها.
صلة حزب الله بإيران قد تحرم لبنان من الدعم
ولفت قطب إلى أن الولايات المتحدة ساعدت لبنان في ظروف صعبة مر بها سابقا، معربا عن مخاوف لجهة قيام هيمنة حزب الله وتبعيته لإيران بحرمان البلاد من الحصول على المساعدة الدولية الحيوية خلال هذه المرحلة.
وذكر الزغبي أن لبنان "دخل مرحلة العوز المالي الكبير، وهو بحاجة إلى مساعدات ضخمة جدا من القوى الدولية والدول الخليجية وتحديدا السعودية وأميركا وأوروبا وصندوق النقد الدولي".
ولكن تابع أن نصرالله وبصفته منفذ مشروع سليماني، "يتحمل المسؤولية المباشرة" في الهجمات التي استهدفت مواقع القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق، حتى لو أنها لم تنفذ على يد الميليشيا اللبنانية.
وشدد الزغبي على أن لا فرق بين حزب الله اللبناني وكتائب حزب الله وغيرها من الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا واليمن.
وأكد "المسؤولية واحدة وبالتالي لا تستطيع واشنطن التمييز بين أعضاء الجسم القتالي الواحد الذي تنظمه وتقوده إيران".
ولفت الزغبي إلى أنه في هذه الأثناء، يتعرض حزب الله للضغط جراء العقوبات الأميركية وجراء أزمة اقتصادية وسياسية في صفوفه، مشيرا إلى أن آثار علاقة حزب الله بإيران ووكلائها قد تكون كارثية بالنسبة للشعب والاقتصاد اللبناني.
الويل للبلد الذي ينتظر المساعدة من الخارج، ولا سيما من الغرب وعرب الخليج الفارسي. لبنان لن يتقدم إذا استمر في تبني مثل هذا الموقف المذل. بدلا من التفكير في الإنتاج والابتكار، مدوا أيديهم للغرب وعرب الخليج الفارسي. ورغم ذلك، فإنهم يتوقعون ألا يتحملوا مسؤولية الوضع الذي يختبرونه اليوم.
الرد1 تعليق