قال محللون لبنانيون تحدثوا للمشارق إن العقوبات الأميركية الجديدة التي تستهدف شركتين يقع مقرهما في لبنان ومرتبطين بحزب الله ومسؤولًا مرتبط بهما ترسل إشارة واضحة على أنه سيتم تسليط الضوء على تعاملات الحزب الفاسدة.
حيث فرضت وزارة الخزانة الأميركية يوم 17 أيلول/سبتمبر عقوبات على شركتي أرش للاستشارات ومعمار للإنشاءات لكونهما مملوكتين لحزب الله أو خاضعتين لسيطرته أو إدارته.
كما تم تصنيف عضو المجلس التنفيذي بحزب الله سلطان خليفة اسعد، الذي يرتبط على نحو وثيق بالشركتين.
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين إنه "من خلال استغلال حزب الله للاقتصاد اللبناني وتلاعب المسؤولين اللبنانيين الفاسدين، يتم منح الشركات المرتبطة بالمنظمة الإرهابية عقودًا حكومية".
وأضاف أن "الولايات المتحدة تظل ملتزمة باستهداف حزب الله ومؤيديه فيما يستغلون الموارد اللبنانية بشكل فاسد لإثراء قادتهم بينما يعاني الشعب اللبناني من عدم كفاية الخدمات".
وفي البيان الذي تم فيه إعلان العقوبات، أشارت الوزارة إلى أن أنشطة حزب الله تتغلغل في كل جوانب الاقتصاد اللبناني، بما في ذلك قطاعات الإنشاءات والبنية التحتية.
وأوضحت أن حزب الله يستغل شركتي أرش ومعمار لإخفاء عمليات تحويل الأموال إلى حساباته الخاصة، ما يؤدي إلى المزيد من الإثراء لقادته ومؤيديه وحرمان الشعب اللبناني من الأموال التي هو في أمس الحاجة إليها.
ويقوم الحزب بذلك من خلال التآمر مع المسؤولين اللبنانيين لتوجيه عقود حكومية بملايين الدولارات إلى تلك الشركات التي يشرف عليها المجلس التنفيذي التابع لحزب الله، والذي يتلقى أيضًا الأرباح من هذه الشركات.
ومن بين المسؤولين اللبنانيين المتورطين في هذه الصفقات وزير النقل السابق يوسف فنيانوس، الذي فرضت عليه العقوبات في 8 أيلول/سبتمبر، إلى جانب وزير المالية السابق علي حسن خليل.
’مكامن فساد‘
وبهذا السياق، أوضح الكاتب السياسي سيمون أبي فاضل للمشارق أنه من خلال العقوبات على حزب الله، تستطيع الولايات المتحدة الضغط على الشبكة المالية للحزب.
وأضاف أن العقوبات تبين كم أن الولايات المتحدة "مدركة لمكامن الفساد وعمليات التهريب لصالح حزب الله".
وذكر أن خليل وفنيانوس استغلا منصبهما لتحويل الأموال ومنح العقود للحزب "من خلال تدابير فاسدة".
وأكد أن هذا يساعد في تسليط الضوء على مدى فساد حزب الله.
وأشار إلى أن العقوبات فرضت على الشركتين لـ "كونها الشريان الحيوي لضخ الأموال للحزب"، مضيفًا أن "الولايات المتحدة تعمل على تجفيف منابع أموال الحزب".
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي طوني فرح للمشارق إن العقوبات الأخيرة "هي بمثابة استمرار لحملة أميركية من العقوبات على كل الأفراد والشخصيات والكيانات التي تساهم مباشرة أو بطريقة غير مباشرة في تمويل حزب الله".
وأضاف أنه من الملاحظ أن الدفعة الأخيرة من العقوبات استهدفت شركتين وقياديًا بالحزب يرتبط مباشرة بالرئيس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين.
في أيار/مايو 2017، كانت كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية قد أصدرتا "تصنيفا إرهابيا مشتركا" يدرج صفي الدين على اللائحة السوداء.
وأوضح فرح أن أسعد يدير إحدى الشركتين المتهمتين بأخذ عقود من الدولة بطريقة غير مشروعة وتحويل الأرباح التي يتم الحصول عليها لحزب الله للتحايل على العقوبات الأميركية المفروضة عليه.
وأكد أن اللبنانيين "يعلقون أهمية على العقوبات لأنهم يعتبرونها طريقة جيدة لاستعادة الأموال المنهوبة".
دعم متناقص
بدوره، قال المحلل السياسي ربيع طليس للمشارق إن "العقوبات الأميركية على شركتي آرش ومعمار قد كشفت أن الشركتين تابعتان لشركة ميراج لخدمات إدارة النّفايات والخدمات البيئية".
وأضاف أن شركة الخدمات البيئية اللبنانية تُعنى بمعالجة النّفايات وهي مملوكة لصاحبها محمد عبد الأمير فرحات، والّذي وضعته وزارة الخزانة الأميركية على لائحة العقوبات عام 2017.
وتابع أنه تبيّن أيضا أن شركات آرش ومعمار وميراج تخضع لمراقبة وإدارة شخص إيراني يقطن بيروت اسمه حسن دهقان إبراهيمي، ويتولى مهمّة تسهيل التحويلات النقديّة لهذه الشركات.
وذكر أن إبراهيمي يعمل أيضًا بمؤسستي وعد للإنشاءات وماهر للتجارة للإنشاءات اللتين تعملان في مجالي التجارة والإنشاءات لكن يتم استخدامهما لتهريب البضائع لحزب الله.
أما فيما يتعلق بأسعد، أوضح طليس أنه المسؤول عن البلديات التي يسيطر عليها الحزب، وأن مهمته تنحصر بجمع الأموال التي تجلبها الشركات المرتبطة بحزب الله، ومن بينها آرش ومعمار.
وأشار طليس إلى أنه يفعل ذلك عبر الحصول على عقود من وزارة الأشغال، بما في ذلك تعبيد الطرقات وأعمال الصرف الصحي والبنى التحتية والإنارة وترميم الآثار بالمناطق التابعة بلديّاتها للحزب.
وأكد أنه في بعض المناطق مثل الضاحية الجنوبية، حيث يتمتع حزب الله بنفوذ كبير، بدأ الناس يظهرون نفورهم من الحزب في أحاديثهم الخاصة، مشيرًا إلى أن البعض الآخر يصمتون خوفًا من الانتقام.