أكد متظاهرون وناشطون سياسيون للمشارق، أن الاحتجاجات التي تجددت في لبنان بسبب الانهيار الاقتصادي السريع في البلاد شهدت هذا الأسبوع مطالبة صريحة من قبل المتظاهرين بنزع سلاح حزب الله.
وفي الوقت الذي تحاول فيه البلاد إيجاد مخرج من الأزمة الاقتصادية التي تشلها، تركت علاقة حزب الله العضوية بالنظام الإيراني خيارات محدودة أمام الحكومة للحصول على المساعدة، الأمر الذي أثار موجة غضب شعبية ضد الميليشيا.
فبعد توقف تسبب به الإغلاق الناتج عن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، استؤنفت في 6 حزيران/يونيو المظاهرات التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي ضد الفساد المتفشي في المؤسسات الحكومية وارتفاع معدل البطالة والفقر.
واندلعت يوم الخميس، 11 حزيران/يونيو موجة جديدة من المظاهرات في جميع أنحاء البلاد، وذلك احتجاجا على تراجع سعر صرف الليرة ليبلغ في السوق السوداء أدنى مستوياته.
وترأس رئيس الوزراء، حسان دياب، يوم الجمعة اجتماعا "طارئا" لمجلس الوزراء لمعالجة الأوضاع، حضره حاكم مصرف لبنان وممثلون عن جمعية مصارف لبنان ونقابة الصيارفة.
وقال متحدث باسم النقابة إن المصرف المركزي وافق على "ضخ الدولار" في السوق، أملا في عكس اتجاه تراجع سعر الصرف غير الرسمي لليرة.
وخلال المظاهرات التي خرجت يوم الخميس، 6 حزيران/يونيو، رفع المتظاهرون شعارات تدعو إلى نزع سلاح حزب الله ما أدى إلى اندلاع مواجهات بين أنصار الميليشيا اللبنانية المدعومة من إيران والمناهضين لها.
وشكل الجنود سلسلة بشرية للفصل بين الجانبين، بعد أن تبادل مؤيدو حزب الله ومعارضوه إلقاء الحجارة على بعضهم.
وفي حديثه للمشارق، قال المتظاهر عدنان سلمان: "حين قررت المشاركة في التظاهرة، كنت مدركا أن حزب الله سيرسل مؤيديه لافتعال مواجهة معنا".
وأضاف أن حزب الله يسعى إلى إسكات جميع الأصوات التي تطالب بنزع سلاحه.
وأردف: "تابعت عشية التظاهرة كيف جيشوا مؤيديهم قائلين لهم إن التظاهرة تستهدف سلاحهم وملوحين بأنهم سيخرجون إلى الشارع لمواجهتنا".
وتابع: "لم أفاجأ بما حصل من اشتباكات في أكثر من منطقة ببيروت بين المتظاهرين ومؤيدي الحزب ومن يقف خلفهم ممن خطط لإفشال [مظاهراتنا]".
يذكر أن حزب الله هو الجهة الوحيدة التي احتفظت بسلاحها منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، ما أدى إلى شرخ سياسي عميق في لبنان.
دعوات لنزع سلاح حزب الله
من جهته، قال الباحث والناشط السياسي لقمان سليم للمشارق، إن عودة الحراك كان متوقعا كما كانت معارضته من قبل مجموعات كحزب الله.
وأشار إلى أن الدعوات لنزع سلاح حزب الله تصاعدت خلال النزاع الداخلي الذي وقع عام 2008، وتأججت بعد تدخل الميليشيا المدعومة من إيران في النزاع السوري دعما للنظام.
وأضاف أنه مع اندلاع التظاهرات الاحتجاجية في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، "عادت المطالبة بنزع سلاحه" امتثالا للقانون الدولي.
وأكد سليم أنه لا يمكن أن يحكم لبنان من دولتين خصوصا في ظل الانهيار الاقتصادي، لافتا إلى أن "أسلحة حزب الله غير الشرعية ليست سوى أداة للهيمنة والاستيلاء والتهريب وفرض سياسة خارجية على لبنان".
وأوضح أن السبب وراء الانهيار الاقتصادي هو "عدم تطبيق القرارات الدولية 1559 و1680 و1701"، التي تدعو إلى حل ونزع سلاح كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.
من جانبه، أوضح الكاتب والناشط السياسي حنا صالح للمشارق، أن كل المعطيات كانت متوفرة لاستئناف التظاهرات الشعبية لا سيما مع ارتفاع معدل البطالة ارتفاعا حادا وانخفاض القدرة الشرائية.
وأضاف أن المتظاهرين من جميع أطياف المجتمع طالبوا بوضع حد لفساد الحكومة ودعوا إلى نزع سلاح حزب الله.
وأكد أن ما يحرك الغالبية الساحقة من اللبنانيين هو وجعها وليس الغرائز الطائفية.
حصرية امتلاك السلاح للدولة
بدوره، قال الناشط ريشار شمعون، إن التظاهرات استعادت زخمها على الرغم من جميع المحاولات السابقة للانقضاض عليها.
وأشار إلى أن المواجهات بين المتظاهرين ومؤيدي حزب الله باتت معهودة، مضيفا أن عناصر الميليشيا دأبوا على اقتحام الساحات العامة ومهاجمة كل من يرفع يافطة تدعو إلى نزع سلاحها.
وسأل شمعون: "أين المشكلة برفع شعار نزع سلاح حزب الله؟". وتابع "عندما نقول ’كلن يعني كلن‘، فهذا يشمل حزب الله كما سلاحه".
وقال: "نحن ننادي بدولة القانون والدستور والمؤسسات"، لافتا إلى أن الدستور يمنع حزب الله أو أي فريق لبناني آخر من حمل السلاح.
وذكر أن اتفاق الطائف كرس بالدستور، كما نصت القرارات الدولية أن الدولة اللبنانية هي التي تملك حصريا حق حمل السلاح.
وختم مؤكدا أن الدعوات إلى نزع سلاح حزب الله طبيعية، كما يستدل من فساده الذي يشمل السيطرة على المعابر غير الشرعية إلى سوريا وتسهيل عمليات التهريب عبر الحدود.