عدن -- قالت أم ملاك، وهي أم لسبعة أولاد سجن زوجها على يد الحوثيين المدعومين من إيران، إنها قررت عدم إلحاق أطفالها بالمدرسة بسبب الظروف الصعبة التي تواجهها عائلتها نتيجة نزوحها.
وأوضحت أنها نزحت مطلع العام الجاري من الحديدة إلى صنعاء.
وذكرت للمشارق أن الحرب المتواصلة أجبرتها على عدم التفكير بتسجيل أولادها في المدارس، مضيفة أن إيجاد مسكن وما يكفي من الطعام للعائلة يشكل حاليا التحدي الأساسي بالنسبة لها.
وقالت ابنتها البالغة من العمر 9 أعوام، إنها تقضي أوقاتها مع والدتها على أحد الأرصفة "لطلب الرزق من المارة وأهل الخير".
ولكنها تتمنى لو تستطيع الالتحاق بالمدرسة كالأولاد الآخرين.
وذكرت "كلما أفكر بوالدي المسجون وظروف الحياة وصعوبة توفير لقمة العيش أقول يكفي أني وإخوتي نعيش في انتظار الإفراج عن والدي من سجون الحوثي".
ورصدت الوحدة التنفيذية للنازحين في اليمن أن عدد النازحين داخليا في البلاد في الفترة الممتدة بين 1 كانون الثاني/يناير و30 تشرين الثاني/نوفمبر بلغ 49227 شخصا.
وقال رئيس الوحدة نجيب السعدي إن غالبيتهم من الأطفال.
الأطفال الضحايا الرئيسيون
وأكد خبراء أن حقوق أطفال اليمن بالعيش والحصول على الرعاية الصحية والسلامة الجسدية معرضة للخطر في ظل الحرب المتواصلة التي أشعلها الحوثيون.
وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في 12 كانون الأول/ديسمبر أنه من المعروف أن أكثر من 11 ألف طفل قتلوا أو شوهوا منذ اندلاع الحرب.
وذكرت أنه "من المرجح أن الحصيلة الحقيقية للحرب أعلى بكثير".
وأوضحت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل أن "آلاف الأطفال قتلوا ولا يزال مئات الآلاف من الآخرين عرضة للموت بسبب أمراض يمكن الوقاية منها أو بسبب الجوع".
وذكرت المنظمة أن نحو مليوني و200 ألف طفل يمني يعانون من سوء تغذية حاد، وربعهم لم يتجاوز الخامسة من العمر، علما أن غالبيتهم معرضون لخطر شديد بالإصابة من الكوليرا والحصبة وغيرها من الأمراض التي يمكن تجنبها من خلال اللقاحات.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن مئات الآلاف توفوا بالحرب، إما نتيجة المعارك أو بصورة غير مباشرة بعد شرب مياه غير آمنة أو بسبب تفشي الأمراض والجوع وعوامل أخرى.
وسجلت اليونيسف 3774 حالة وفاة لأطفال في الفترة الممتدة بين آذار/مارس 2015 وأيلول/سبتمبر 2022، علما أن ما لا يقل عن 62 طفلا قتلوا أو أصيبوا منذ 2 تشرين الأول/أكتوبر عندما انتهت فترة سريان الهدنة بين الطرفين المتنازعين ولم تجدد.
وذكرت الوكالة الأممية أنه تم أيضا تجنيد 3904 فتيان للقتال على مر السنين، في حين أوكلت لأكثر من 90 فتاة مهام محددة بينها العمل على نقاط التفتيش.
ظروف تتفاقم بشكل ملحوظ
وفي هذا السياق، قالت منظمة إنقاذ الطفولة في 30 تشرين الثاني/نوفمبر إن "اليمن تصدّر قائمة أسوأ 10 دول متضررة من النزاع في الانتهاكات المسجلة ضد الأطفال خلال العام 2021".
ومن جانبها، أعلنت اللجنة الوطنية للتحقق من ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان أنها وثقت أكثر من 3609 حالة انتهاك مختلفة لحقوق الأطفال في مختلف المحافظات اليمنية بين 1 تموز/يوليو 2021 و31 تموز/يوليو 2022.
وقالت اللجنة إن 266 طفلا قتلوا عندما استهدف الحوثيون المدنيين في هجماتهم، في حين قتل 47 آخرين في انفجارات الألغام الأرضية الحوثية.
وذكرت إشراق المقطري الناطقة الإعلامية باسم اللجنة الوطنية أن الظروف تفاقمت بشكل ملحوظ بالنسبة للأطفال اليمنيين.
وأوضحت أن صحتهم النفسية والجسدية معرضة للخطر، علما أن انفجار الألغام في طريق المدارس "أصبح بشكل يومي خصوصا في المناطق الريفية حيث تشير الإحصاءات لوقوع ضحايا في 13 محافظة".
وذكرت أن 3000 مدرسة يمنية تعتبر غير صالحة لتعليم الأطفال.
وأشارت إلى أن العديد من الأطفال يفتقدون آباءهم الذين يقبعون في سجون الحوثي، مضيفة أن الأطفال النازحين يشكلون النسبة الأكبر من 4 مليون نازح في اليمن.
وقالت للمشارق "يجب مراعاة احتياجاتهم في مخيمات النازحين لأن أوضاعهم صعبة خصوصا مع دخول فصل الشتاء".
وبدوره، ذكر وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي للمشارق أن الحوثيين مارسوا انتهاكات متكررة وجسيمة بحق الأطفال الذين يمثلون الضحية الأكبر في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة.
وأكد المجيدي أن التقارير الدولية تحدثت عن "جيش للحوثي من الأطفال"، وتشير بعض التقديرات إلى وجود40 ألف طفل مجند، علما أن التجنيد "لم يقتصر على الأطفال الذكور بل تعدى لتجنيد الفتيات".
ʼالفئة الأقل حمايةʻ
وفي هذا الإطار، قال المحامي والناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان إن الأطفال "هم الفئة الأكثر ضعفا والأقل حماية في اليمن بسبب غياب مؤسسات الحماية".
وأشار إلى تعرض كثير من العائلات للنزوح في حين سجن أو قتل العديد من الآباء، الأمر الذي يجعل الأطفال أكثر عرضة لانتهاكات مختلفة.
وذكر أن ذلك يشمل التعرض للقصف أو القنص أو الألغام الأرضية، إضافة إلى تجنيد الأطفال من قبل الحوثيين مع مقتل العديد من الأطفال المجندين في ساحات المعارك.
وأضاف أنه في هذه الأثناء، يبقى الكثيرون غير قادرين على التسجيل في المدارس أو متابعة الصفوف الدراسية في ظل الحرب نتيجة نزوحهم.
وأشار إلى أن عددا من المدارس في مناطق سيطرة الحوثي هي "مخازن للسلاح وتحول بعضها لمقرات أمنية".
وفي تقرير أعد عن محافظة حجة، وثق المركز الأميركي للعدالة تجنيد 6000 طفل من قبل الحوثيين، قتل منهم 700 طفل أثناء الحرب.
ورجح المركز أن تكون الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بكثير.
يُذكر أن منظمة اليونيسف ناشدت في 13 كانون الأول/ديسمبر الجهات المانحة بتقديم 2.6 مليار دولار لتأمين مساعدات منقذة للحياة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك "لتوفير مساعدة منقذة للحياة لأكثر من 52.7 مليون طفل من المحتاجين إليها".
وقد أدت الحرب في اليمن إلى ما وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يعتمد كل طفل تقريبا في البلاد على شكل من أشكال المساعدات.