عدن -- في حين ينظر كثيرون لتوقيع الحوثيين على خطة عمل مع الأمم المتحدة لحماية الأطفال اليمنيين في الصراع المسلح على أنه خطوة في الاتجاه الصحيح، فإن تنفيذ تلك الخطة سيكون الدليل الحقيقي على نوايا الجماعة.
وتحظر الخطة، التي وقّعت في 18 نيسان/أبريل، تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة وفي أدوار الدعم. وتدعو إلى "إنهاء قتل الأطفال وتشويههم والهجمات على المدارس والمستشفيات والانتهاكات الجسيمة الأخرى أيضا".
وبالتوقيع على الخطة مع الأمم المتحدة، التزم الحوثيون بإنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم وبإطلاق سراح الأطفال من صفوفهم وتوفير الدعم في إعادة دمجهم.
وقالت فيرجينيا غامبا ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخاصة للأطفال والصراع المسلح، إن "أصعب جزء من الرحلة يبدأ الآن".
وأضافت أنه "يجي تنفيذ خطة العمل بالكامل وأن تؤدي إلى إجراءات ملموسة لتحسين حماية الأطفال في اليمن".
وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 10 آلاف و200 طفل قد قتلوا أو شوهوا وإنه تم التحقق من تجنيد نحو 3500 طفل واستخدامهم في الصراع اليمني الذي دخل مؤخرا عامه الثامن.
إلا أن مسؤولا عسكريا حوثيا بارزا كان قد صرح لوكالة أسوشيتد برس في عام 2018 أنه منذ العام 2014، ألحقت الجماعة في جيشها 18 ألف طفل جندي.
وكانت نتائج تقرير أعده خبراء الأمم المتحدة في كانون الثاني/يناير تظهر أن 1406 أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاما جنّدهم الحوثيون لقوا حتفهم في الحرب سنة 2020.
وتعرض الأطفال اليمنيون للكثير من الانتهاكات، بما فيها "القتل أو التشويه أو الاغتصاب أو التجنيد أو الهجمات على المدارس والمراكز الصحية، وفق الأمم المتحدة.
ويعتبر اليمن أحد البلاد التي بها أعلى عدد من حالات منع الوصول الإنساني بالنسبة للفئات السكانية المحتاجة، بمن فيهم الأطفال.
ووصف المنسق المقيم ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد غريسلي، خطة العمل بأنها "خطوة في الاتجاه الصحيح".
وقال إن الأمم المتحدة تلتزم برعاية الأطفال ومساعدة الجماعة في تحويل الخطة إلى عمل "ابتداء من الآن".
الحوثيون يخالفون الهدنة
ورحب المركز الأميركي للعدالة بتوقيع الاتفاق، وهو منظمة غير ربحية تدعم وتدافع عن ضحايا الانتهاكات العالمية لحقوق الإنسان وكانت قد طالبت بإنهاء تجنيد الأطفال في الصراعات.
وفي بيان نشر على صفحة المركز على الفيسبوك، قال أيضا إنه وثق مقتل طفل مجند في مأرب منذ التوقيع على خطة العمل الأممية في نيسان/أبريل.
ورصد المركز أيضا تنفيذ جماعة الحوثي في محافظة المحويت حملة تجنيد للأطفال واقتيادهم إلى ما يُعرف بالدورات الثقافية، والتي تتضمن تعاليم طائفية وعقائدية قتالية.
ويقود الحملة القيادي في الجماعة عزيز الهطفي المعين كوكيل لمحافظة المحويت، ومسؤول التعبئة العامة عامر الأقهومي، وبإشراف مباشر من محافظ المحويت المعين من قبل الجماعة حُنين محمد قطينة.
وفي إشارة إلى الاتفاق بين الحوثيين والأمم المتحدة، قال عبد الرحمن برمان مدير المركز الأميركي للعدالة في حديث للمشارق، إن "مؤشرات نجاح هذا الاتفاق ضعيفة".
ولفت إلى أنه "بعد توقيع الاتفاق بساعات، قُتل طفل في إحدى الجبهات في مأرب وما زال هناك الآلاف من الأطفال في الجبهات".
تأهيل الأطفال المطلق سراحهم
وأضاف برمان أنه "إذا قبلت جماعة الحوثي بإطلاق سراح الأطفال المجندين، فيجب إخضاعهم لعملية إعادة تأهيلهم".
وحذر من عودة الأطفال المجندين لمجتمعاتهم دون إعادة تأهيلهم، مؤكدا أن الآثار النفسية عليهم عميقة وقد تجعلهم مصدرا لإيذاء أنفسهم وإيذاء الآخرين.
بدوره، قال فهمي الزبيري مدير عام مكتب حقوق الإنسان بصنعاء إن "هناك انتهاكات جسيمة تعرض لها الكثير من الأطفال من قبل الحوثيين إضافة إلى الصدمات النفسية من الحرب التي يشاركون فيها".
وشدد على ضرورة تنفيذ إجراءات سريعة وتدابير "لإعادة تأهيلهم نفسيا وصحيا واجتماعيا وإعادتهم إلى وضعهم الطبيعي في فصول الدراسة".
من جانبه، قال المحلل السياسي فيصل أحمد إن خطة العمل "خطوة تكميلية للاتفاق الذي وقعته الأمم المتحدة مع حكومة الشرعية في 2014 للغرض نفسه".
وأكد أن حجم ظاهرة تجنيد الأطفال كبير في اليمن، مشيرا إلى أن جماعة الحوثي تجند العدد الأكبر من الأطفال.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز العبسي إن "آثار الحرب الاقتصادية هي من دفعت الأسر لدفع أبنائهم إلى الجبهات لإيجاد مصدر دخل لها".
وأضاف أنه يمكن معالجة هذه المشكلة عبر تنفيذ تدابير لمساعدة أسر المجندين لضمان عدم قيامهم بإرسال أبنائهم إلى المعسكرات بعد تسريحهم.