تربية

تسرب الأطفال من التعليم يهدد مستقبل اليمن

نبيل عبد الله التميمي

لؤي البالغ من العمر وشقيقه راكان تركا المدرسة ويبيعان الأحذية على رصيف في صنعاء الخاضعة للحوثيين للمساعدة في تأمين لقمة العيش لعائلتهما. [هيثم محمد/المشارق]

لؤي البالغ من العمر وشقيقه راكان تركا المدرسة ويبيعان الأحذية على رصيف في صنعاء الخاضعة للحوثيين للمساعدة في تأمين لقمة العيش لعائلتهما. [هيثم محمد/المشارق]

عدن -- بينما يحضر الأطفال الآخرون من عمره الصفوف الدراسية، يجلس هيثم صالح البالغ من العمر 10 سنوات أمام مطعم في صنعاء ومعه ميزان، ويحاول إقناع الزبائن بأخذ وزنهم مقابل مائة ريال يمني (0.40 دولار).

وقال إنه تخلى عن "الدفاتر والكتب المدرسية" وترك المدرسة جزئيا لمساعدة عائلته على تأمين لقمة العيش في ظل مواجهتها وضع معيشي متفاقم في المدينة الخاضعة للحوثيين المدعومين من إيران.

ولكنه أوضح للمشارق أن ضعف مستوى التعليم المقدم لعب دورا أيضا.

وقال هيثم "أكسب تقريبا 1000 إلى 2000 ريال يمني في اليوم (أي بين 4 و8 دولارات)، وهذا أفضل من البقاء في مدرسة تخلو من المعلمين والمناهج المدرسية عدا القليل".

وأضاف أن المعلمين غادروا بأعداد كبيرة نظرا لعدم تسديد رواتبهم، وأجبرت المدرسة الرسمية التي كان يرتادها على تقليص الحصص الدراسية إلى النصف.

وكانت منظمة الهجرة الدولية قد أعلنت عن وجود نحو 2.4 مليون طفل يمني خارج نظام التعليم.

وقدرت الأمم المتحدة عدد المدارس المدمرة أو المتضررة في اليمن بحوالي 3000 مدرسة.

نسبة تسرب عالية

وفي هذا السياق، قالت نوال عبد الرحمن الباحثة في مركز الدراسات السكانية بجامعة صنعاء إن تدني المستوى المعيشي وارتفاع تكلفة التعليم صعّبا على العديد من العائلات الفقيرة الإنفاق على تعليم أطفالها.

وذكرت للمشارق أن ذلك أثّر على الفتيات بشكل غير متناسب، مما أدى إلى زيادة في معدل الأمية بين الإناث.

وأضافت أن "الصراعات السياسية والحروب تهتك بقطاع التعليم لما يحصل من دمار للمدارس".

وذكرت أنه حتى في المناطق حيث لم تتأثر المباني الدراسية، استخدم العديد من المدارس كملاجئ طارئة لمن نزحوا جراء الحرب.

وأشارت إلى أن التدهور العام للظروف الاقتصادية والاجتماعية جعل اليمنيين "يلهثون وراء لقمة العيش ويتركون تعليم أبنائهم".

ولفتت إلى أن الحرب تسببت أيضا بانقطاع رواتب المعلمين، مما دفعهم للبحث عن وظائف أخرى لإعالة عائلاتهم.

وبحسب منظمة اليونيسيف، لم يتسلم أكثر من 171 ألف معلم ومعلمة رواتبهم منذ حوالي 4 سنوات.

ومن جانبه، قال فيصل المجيدي وكيل وزارة العدل للمشارق إن تسرب الأطفال من التعليم يمثل مشكلة ذلك أن العديد من الأطفال الذين لا يحضرون الصفوف بصورة منتظمة يتم استقطابهم في "الدورات الطائفية" التي يقدمها الحوثيون.

واتهم الحوثيين "بتنفيذ حملة ممنهجة لإضعاف التعليم وتسريب الطلبة" عبر استحداث مدارس دينية طائفية والترويج لها خدمة للمشروع الإيراني في المنطقة.

جيل معرض للخطر

وبدوره، قال المحلل السياسي محمود الطاهر إن عدد الذين تركوا مدارسهم في اليمن أكبر مما أعلنته منظمة الهجرة.

وأضاف أن "هذا الرقم كبير وخطير على مستقبل جيل بأكمله"، مشيرا إلى أن هؤلاء الأطفال "يتجهون إلى العمل وإلى معسكرات الحوثي الذي يستغلهم طائفيا".

ولفت الطاهر إلى الاتفاق الذي وقعته الأمم المتحدة مع الحوثيين في 18 نيسان/أبريل لمنع تجنيد الأطفال كمقاتلين.

ولكن قوبل تعهد الحوثيين بتحييد الأطفال في حملات التجنيد بالشك.

"وقال الطاهر إن "الحوثي دفع بآلاف الأطفال إلى المراكز الصيفية ومن ثم إلى الجبهات القتالية"، مشددا على أن "هؤلاء أطفال جميعهم لم ينالوا نصيبا وافرا من التعليم".

ولفتت عبد الرحمن أيضا إلى أن نسبة التجنيد أعلى بين المتسربين من المدارس.

وأوضحت "في مناطق الحروب والصراع سيزداد تجنيد الأطفال واستخدامهم كدروع بشرية من أجل الحرب".

وتابعت أن "تسرب الأطفال من التعليم سيجعل البعض منهم يتوجه لسوق العمل وسيؤدي بالتالي إلى زيادة في... ظاهرة عمالة الأطفال".

وأضافت أن "البعض الآخر سيخرجون إلى الشارع للتسول، مما يعرضهم للانتهاكات الجسدية والنفسية واللفظية".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500