إقتصاد

أزمة الغذاء تتواصل في لبنان في ظل نقص القمح وانتشار التهريب

نهاد طوباليان

عمال حصاد يغادرون سهل البقاع في 6 أيلول/سبتمبر بعد يوم طويل في الحقول. [نهاد طوباليان/المشارق]

عمال حصاد يغادرون سهل البقاع في 6 أيلول/سبتمبر بعد يوم طويل في الحقول. [نهاد طوباليان/المشارق]

بيروت -- تستمر أزمة الغذاء العالمية التي تسبب بها غزو روسيا لأوكرانيا بضرب لبنان، كونه يستورد 70 في المائة من حاجته من القمح من البلاد التي مزقتها الحرب، حسبما جاء في تقرير صدر مؤخرا عن البنك الدولي.

وذكرت المؤسسة المالية الدولية في تقرير نشر في آب/أغسطس أن لبنان لا يزال يواجه ارتفاعا حادا في أسعار المواد الغذائية مع تضخم متزايد وانهيار للعملة المحلية.

وجاء في التقرير أنه استنادا إلى بيانات توفرت بين آذار/مارس وحزيران/يونيو، بلغ معدل تضخم المواد الغذائية في لبنان، أي بالقيمة النقدية، 332 في المائة سنويا، بينما ارتفع معدل التضخم الحقيقي للمواد الغذائية، من حيث المقارنة، إلى 122 في المائة سنويا.

وتشير النتائج إلى أن غالبية اللبنانيين يعانون من الفقر وبات الأمن الغذائي مصدر قلق تفاقم بفعل تهريب القمح والطحين المدعومين إلى سوريا والمتطلبات الغذائية لجماعات اللاجئين.

يعتبر سهل البقاع من أكثر المناطق الزراعية في لبنان وفرة بالمحاصيل ويشتهر بشتى أنواع الزراعات وبمقدمتها القمح القاسي. [نهاد طوباليان/المشارق]

يعتبر سهل البقاع من أكثر المناطق الزراعية في لبنان وفرة بالمحاصيل ويشتهر بشتى أنواع الزراعات وبمقدمتها القمح القاسي. [نهاد طوباليان/المشارق]

مزارعون يزرعون البطاطا في سهل البقاع في صورة التقطت في 6 أيلول/سبتمبر. [نهاد طوباليان/المشارق]

مزارعون يزرعون البطاطا في سهل البقاع في صورة التقطت في 6 أيلول/سبتمبر. [نهاد طوباليان/المشارق]

وبظل غياب خطة وطنية لتأمين المواد الغذائية الأساسية للشعب اللبناني، خصص مزارعو سهل البقاع مساحات شاسعة لزراعة القمح والذرة.

ولكن لا تعد الكميات التي ينتجونها كافية لتأمين مخزون غذائي للبنانيين.

المهربون يستنزفون الموارد

وفي هذا الإطار، اعتبر مزارع القمح ميشال سكاف في حديث للمشارق أن لبنان يعيش "منذ 4 عقود" التداعيات المدمرة للتهريب الذي يتم عبر الحدود باتجاه سوريا.

وقال "يدفع لبنان اليوم كلفة باهظة بأمنه الغذائي جراء النزوح السوري الذي رفع عدد سكان لبنان بنسبة 25 بالمئة".

وتابع أن لبنان غير قادر على تحقيق الأمن الغذائي لأسباب عدة، بيتها "نقص المساحات الكبيرة لزراعة القمح".

ولطالما اعتبر سهل البقاع سلة غذاء بالنسبة للبنان. ولكنه أيضا منطقة خاضعة لحزب الله وقد شكل مركزا لزراعة الحشيش الذي يستخدمه الحزب لتمويل أنشطته.

وسعيا منهم لكسب المال خلال الأوقات الصعبة، يميل بعض المزارعين لزراعة محاصيل كالحشيش والخشخاش المستخدمين في إنتاج المخدرات، وهو وضع تفاقم مع غياب الحوكمة.

وأكد نقيب مزارعي القمح بلبنان نجيب فارس للمشارق أن المزارع اللبناني "يواجه منذ سنوات تداعيات أزمات لبنان الاقتصادية والمالية".

"وتابع أن "ذلك جعل المزارع يواجه ظروفا اقتصادية صعبة جراء التوقف القسري لتصدير الإنتاج للخليج".

وفي نيسان/أبريل 2021، علقت الحكومة السعودية عمليات استيراد الفاكهة والخضار من لبنان بعد ضبط أكثر من 5 ملايين حبة كبتاغون كانت مخبأة في الفاكهة، وذلك ضمن سلسلة من محاولات التهريب الفاشلة.

وأضاف فارس "اليوم نواجه تداعيات الحرب على أوكرانيا التي أثرت على ارتفاع أسعار المواد الأولية ولا سيما البذور والأسمدة، ما جعلنا نواجه تراكم الأزمات".

ʼسياسة غبيةʻ

ولفت إلى أن مزارعي القمح اللبنانيين يواجهون "سياسة غبية من قبل القيمين على القطاع الزراعي".

وأوضح أن المزارعين اللبنانيين يزرعون القمح القاسي المستخدم لإعداد الحلويات.

وذكر أنه في ظل الحرب على أوكرانيا، يواجه المزارعون اللبنانيون صعوبة أكبر في استيراد القمح الطري المستخدم لإنتاج الخبز.

وقال "راجعنا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وطالبناه باستبدال زراعة القمح القاسي بالطري لكننا لم نحصل على جواب".

وأكد "استعداد 2500 مزارع للمباشرة بزراعة القمح الطري بحال اعتمدت الدولة سياسة جدية لتوفير مخزون للأمن الغذائي وتأمين بذور قمح طري مؤصلة مقاومة للأمراض الفطرية".

وتابع "سيسمح لنا ذلك بتوفير نصف الكمية التي يحتاجها لبنان".

وأضاف أن لبنان يستورد سنويا نحو 550 ألف طن من القمح الطري لإنتاج الخبز وهو مدعوم بنسبة 85 بالمائة، علما أن نصف هذه الكمية تهرب إلى سوريا مقابل المال (بالدولار الأميركي).

تداعيات حرب أوكرانيا

بدوره، ذكر رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك للمشارق أن حرب أوكرانيا "كان لها تداعياتها الكارثية على العالم بأسره ولبنان ضمنا".

وأضاف "يواجه اللبنانيون أزمات متعددة ومدمرة لواقعهم الاقتصادي والمعيشي، بظل غياب أي خطة للدولة لمواجهة الأزمة".

وتابع أنه في هذه الأثناء، واصل تهريب السلع المستمر إلى سوريا برفع أسعار المواد الغذائية، وبمقدمها القمح المدعوم والمحروقات.

وأشار إلى أنه يتوجب على المزارع دفع أسعار باهظة لشراء الوقود والأسمدة والأدوية الزراعية بالدولار الأميركي.

وشدد على أن قطاع الزراعة بلبنان قادر على توفير مخزون غذائي شرط وضع استراتيجيات قابلة للتنفيذ وتوفير الحكومة الدعم للمزارع والمزارعين.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500