في محاولة لتبديد موجة الغضب التي قابلت هجومها على أوكرانيا، قدمت روسيا استعراضا بتوزيع المساعدات الغذائية في سوريا حيث دأبت وسائل الإعلام الموالية للنظام على بث سيل من التقارير المتفائلة حول إمدادات القمح.
ولكن قال مراقبون سوريون إن هذه الإيحاءات فارغة وإن هذه التقارير ليست إلا مجرد دعاية لا أكثر ولا أقل.
وأشاروا إلى أن الشعب السوري مقبل في الواقع على مجاعة بسبب علاقة النظام بروسيا واعتماده على قمحها.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في 6 آذار/مارس، إن القوات الروسية في سوريا بدأت بتوزيع المواد الغذائية في مناطق سيطرة النظام السوري، في محاولة منها لتلميع صورتها المشوهة.
وتدعم القوات الروسية الجماعات المسلحة في سوريا والتي تضم مئات المسلحين التابعين لها.
ولكن على الرغم من مظاهر الدعم هذه، تتخبط المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا في أزمة اقتصادية يتوقع أن تتفاقم وسط الحرب الروسية ضد أوكرانيا والعقوبات الدولية المفروضة على موسكو.
العلاقات مع روسيا ستضر بسوريا
وأكد مراقبون أن النظام السوري يضع علاقاته مع روسيا في أعلى قائمة أولوياته، حتى لو كان هذا الهوس سيؤدي إلى انتشار المجاعة بين السوريين.
وقال الخبير الاقتصادي السوري محمود مصطفى، إن "النظام السوري فضل مصالحه السياسية المرتبطة بروسيا على مصالح الدولة السورية وشعبها، وذلك بانحيازه الكامل والعلني لروسيا خلال الأزمة مع أوكرانيا".
وأضاف للمشارق أن هذا الموقف قد يتسبب "بمجاعة او على الأقل بتقلص حاد في المواد الغذائية الأساسية وخصوصا القمح".
وأشار إلى أنه على الرغم من تطمينات النظام باستمرار عمليات توريد القمح، "يعلم الجميع أن الدول التي تكون في حالة حرب توقف صادراتها من المواد الأساسية لتضمن توفرها خلال الأزمات".
وقبل وقت غير بعيد، انسحبت شركات روسية من 6 عقود مع سوريا لحماية الإمداد المحلي وسط أزمة فيروس كورونا.
وخفضت هذه الخطوة من واردات سوريا من القمح إلى النصف، بحسب موقع تقرير سوريا ومؤسسة الحبوب السورية.
وأكد مصطفى أن استمرار توريد القمح من روسيا التي تعتبر المصدر الأساسي لهذه المادة "أمر مشكوك فيه، وكذلك استمرار استيراد القمح من بيلاروسيا التي تعتبر المصدر الثاني له بالنسبة لسوريا، هو أمر مشكوك فيه".
ولفت إلى أن سوريا تستورد حاليا قرابة مليون ونصف طن سنويا معظمها من روسيا.
وأضاف مصطفى أن الحكومة السورية "وضعت نفسها تحت رحمة روسيا من خلال الاتفاقات التي أبرمت بين الجانبين خلال السنوات الماضية" والمتعلقة باستيراد المحروقات والقمح والكثير من المواد الأساسية الأخرى.
وتخوف من أن ترفع الحرب في أوكرانيا من تكلفة عمليات الاستيراد، ما سيرفع بالتالي الأسعار بشكل حاد.
وأشار إلى أن الشعب السوري يعاني أساسا "من ضغوطات كبيرة على الصعيد المعيشي، حتى أن حوالي 80 في المائة من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر".
وتابع أن هؤلاء السوريين الذين يعانون من الظروف الصعبة سيضعفون أكثر بسبب فقدانهم القوة الشرائية وارتفاع الأسعار.
تقارير النظام المضللة
من جانبه، قال المحامي السوري بشير البسام إن جميع التقارير الصادرة عن وسائل إعلامية موالية للنظام والتي تؤكد وجود مخزون كاف من مادة القمح "ليست سوى تقارير مضللة".
وأضاف للمشارق أن النظام يحاول عبر هذه التقارير "إخفاء الحقيقة والكذب على الشعب للحد من حالة الغضب الشعبي العارمة بسبب موقف الحكومة من الأزمة الاوكرانية".
وأردف أنه بدلا من التفتيش عن بدائل للقمح الروسي لضمان عدم انقطاعه من الأسواق، خفّض النظام كميات حصص القمح الموزعة في الأسواق لضمان استمرارها مدة شهرين.
ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على القمح والسلع الأخرى خلال شهر رمضان المبارك الذي يبدأ في 2 نيسان/أبريل المقبل.
في السياق نفسه، قال الصحافي السوري محمد العبد الله، إن أحد الأخبار المضللة التي يروج لها النظام السوري هو ادعاؤه زيادة مساحة الأراضي الزراعية لسد النقص الحاصل في مادة القمح.
وأضاف "لكن على أرض الواقع، تعتبر زراعة القمح في سوريا من الزراعات المنهارة بعد تقلص المساحات المخصصة لها".
وأوضح أن المزارعين غير قادرين على شراء البذور والأسمدة وأن البذور الجيدة نادرة. وأشار إلى عدم توفر المعدات الزراعية كمضخات المياه والجرارات الزراعية.
ويعاني المزارعون أيضا من شبه انعدام توفر المحروقات التي أصبحت أسعارها "خارج قدرة المزارع على شرائها".