بيروت -- من المتوقع أن يؤدي إقرار مجلس النواب اللبناني مؤخرا لقرض من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار من أجل استيراد القمح في ظل النقص الحاد بالخبز المدعوم، إلى استقرار في أسعار الخبز وسط الانهيار الاقتصاديبالبلاد.
وقال وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام إن البنك الدولي وافق في أيار/مايو على القرض الميسر بقيمة 150 مليون دولار والمخصص لضمان الأمن الغذائي في البلد الذي يشهد أزمات شتى، علما أن مجلس النواب أقر القرض في 26 تموز/يوليو.
ويأمل المسؤولون اللبنانيون أن يساعد قرض البنك الدولي بالحد من أزمة القمح المتفاقمة في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا.
يُذكر أن لبنان يستهلك 650 ألف طن من القمح سنويا.
وتختلف المصادر حول ما إذا كانت أوكرانيا تزود لبنان بنسبة 60 أو 80 في المائة من حاجته من القمح.
هذا وأدى الغزو الروسي والحرب المتواصلة إلى إحباط المزارعين في أوكرانيا التي تشكل مصدرا أساسيا للخبز لمعظم أنحاء المنطقة. كذلك، تسبب الحصار المفروض من موسكو على البحر الأسود في وقف شحنات القمح المرسلة من أوكرانيا على مدى 5 أشهر.
وفي هذا السياق، تركت أول شحنة من الحبوب الأوكرانية منذ الغزو الذي نفذته روسيا في شباط/فبراير، ميناء أوديسا يوم الاثنين، 1 آب/أغسطس، بعد أن توسط أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لوضع خطة مع تركيا.
وتتم مراقبة رحلة سفينة رازوني التي تحمل علم سيراليون إلى لبنان عن كثب، لتتبع كيفية سير أول اتفاقية توقع عليها موسكو وكييف منذ غزو روسيا لجارتها.
ويشهد لبنان نقصا حادا وغير مسبوق في الخبز، مما أجبر الزبائن على الانتظار في الطوابير لساعات طويلة كل يوم من أجل شراء ربطة من الخبز المدعوم من مصرف لبنان (المصرف المركزي).
وخلال ساعات الانتظار الطويلة، تنشب خلافات بين الحين والآخر مما يتطلب تدخل قوى الأمن لضمان توزيع الخبز بطريقة منظمة.
وغالبا ما يتم شراء الخبز المدعوم بكميات كبيرة قبل أن يباع مجددا في السوق السوداء على يد تجار عديمي الضمير.
أزمة متعددة الجوانب
ويواجه لبنان أزمة اقتصادية حادة صنفها البنك الدولي بأنها الأسوأ في العالم منذ عام 1850.
وفقدت العملة الوطنية أكثر من 90 في المائة من قيمتها الشرائية مقابل الدولار، وهو ما خفض من قدرة المصرف المركزي على دعم الواردات للعديد من السلع، ومنها القمح والأدوية والوقود.
ولا يستطيع مصرف لبنان أن يدعم واردات القمح بالمستويات السابقة. كذلك، لا تستطيع الحكومة اللبنانية تخزين كميات كبيرة من القمح في صوامع مرفأ بيروت منذ انفجاره في 4 آب/أغسطس 2020.
وأدت قدرة التخزين المحدودة إلى قيود في كمية الطحين الموزعة على الأفران، والتي أقدمت بدورها على الترشيد في إنتاج الخبز.
وحددت وزارة الاقتصاد سعر ربطة الخبز بـ 13 ألف ليرة لبنانية (8.62 دولار)، بعد رفعه مرات عدة خلال العامين الماضيين.
وقال المواطن جورج مكرزل أثناء انتظاره لشراء الخبز أمام فرن في مزرعة يشوع، إن بعض المستهلكين اللبنانيين يعتبرون قرض البنك الدولي مقدمة لرفع مصرف لبنان الدعم عن القمح بشكل كامل.
ووصف طوابير الخبز بأنها مذلة، لافتا إلى أن أزمة الخبز تذكر بأزمة البنزين التي واجهتها البلاد مؤخرا.
وبدوره، قال المواطن شربل كلاس "نواجه أزمة خبز حقيقية بلبنان، ما دفعني لتخفيف استهلاكي وزوجتي ووالدتي للخبز وكل ما يهمني توفير الحليب لطفلي".
وتابع "آمل أن يحل قرض البنك الدولي أزمة القمح"، لافتا في الوقت عينه إلى أنه سيكون من الضروري تسديد القرض. وقال "نحن شعب بالكاد صامد".
إيجابيات القرض وسلبياته
ومن جانبه، اعتبر نقيب أصحاب الأفران في جبل لبنان أنطوان سيف أن قرض البنك الدولي سيساعد في تزويد لبنان بالقمح لمدة 6 أشهر.
وأضاف أن البلاد بحاجة إلى 35 ألف طن من القمح المصدّر من أوكرانيا وروسيا شهريا.
وفي حين أنه أكد للمشارق على أهمية القرض كونه سيؤمن القمح المخصص للخبز للبنانيين، إلا أنه أشار إلى أنه يترافق مع شروط تشمل رفع الدعم عن القمح وترشيد استهلاك الخبز.
ورأى سيف أن أحد الأسباب الأبرز لنقص الخبز "يكمن بتهريب القمح والطحين والخبز لسوريا لأن الحدود مفتوحة".
وتابع أن محاربة التهريب هي مسؤولية الحكومة اللبنانية.
وبدوره، قال المحلل الاقتصادي أنطوان فرح إن لقرض البنك الدولي لشراء القمح "إيجابيات وسلبيات".
وأوضح "من إيجابيات القرض استطاعة لبنان الذي يعاني شحا بالعملات الصعبة تأمين مبلغ محدد قد يكفيه لاستيراد القمح لسنة كاملة".
ولفت إلى إيجابية كون "القرض قرض ميسر، وامتداد فترة سداده لفترة طويلة جدا ومريحة للبنان".
ولكنه أشار إلى أن إحدى سلبيات القرض تتمثل بإمكانية رفع الدعم عن القمح مع إصدار البطاقات التموينية، وهو ما "سيزيد من فقر وذل اللبنانيين".