القاهرة -- تتخذ الحكومة المصرية تدابير عاجلة لضمان توفر مخزون استراتيجي من القمح لتجاوز الأزمة التي سببتها حرب روسيا على أوكرانيا وضمان عدم انقطاع هذه المادة الأساسية من الأسواق.
ووفق تقرير جديد حول تداعيات الحرب نشره ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان في القاهرة، تشعر مصر بتأثير الحرب من خلال واردات الحبوب وارتفاع أسعار الطاقة.
وأورد موقع أهرام أونلاين يوم الأحد، 3 نيسان/أبريل، أن هذه العوامل مجتمعة تؤثر على الأمن الغذائي، مشيرا إلى أن مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم.
ومن المعروف أن روسيا وأوكرانيا من أكبر الدول المنتجة للقمح، وتصدر موسكو كميات ضخمة من النفط والغاز. وتعتمد مصر على كل من روسيا وأوكرانيا في 85 في المائة من إمداداتها، وأيضا 73 في المائة من زيت عباد الشمس، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين متحدثا من الجزائر العاصمة يوم 30 آذار/مارس، إن غزو روسيا لأوكرانيا له تأثير "قاتل" ويهدد الأمن في العام العربي، لا سيما عبر ارتفاع أسعار القمح.
وأوضح بلينكين أنه في حين أن غزو روسيا لأوكرانيا قد يبدو سببا بعيدا، فقد كانت له بالفعل "عواقب قاتلة على المواطنين في المنطقة"، لا سيما فيما يتعلق بارتفاع أسعار المواد الغذائية وبالأخص أسعار القمح.
وأكد أن هذا الأمر يشكل "تهديدات خطيرة للأمن" في البلاد العربية.
وفي ضوء هذا التهديد، اتخذت الحكومة المصرية مجموعة من التدابير لتخفيف تأثيره.
التدابير الحكومية
وتتضمن التدابير على الصعيد الداخلي زيادة مساحة الأراضي المستخدمة لزراعة القمح وتعزيز إنتاجية المحصول عبر استخدام طرق الزراعة المبتكرة ورفع سعر شراء القمح لتحفيز المزارعين.
ومن الإجراءات التحفيزية تقديم الأسمدة مجانا للمزارعين الذين يوردون 90 في المائة من إنتاجهم، وفرض الغرامات على المزارعين الذين لا يوردون الحد الأدنى من الإنتاج، وهو 12 أردبا عن كل فدان.
وقال رجب عبد الحفيظ، وهو من شعبة الحاصلات الزراعية في اتحاد الغرف التجارية، إن "مصر تستورد حاليا 13.6 مليون طن من القمح سنويا، معظمها من أوكرانيا وروسيا".
وأضاف للمشارق أنه من هذه الكمية، "تم استيراد 8.6 مليون طن خلال الموسم الماضي من روسيا وحدها".
وأوضح أن كمية القمح التي ستخزن في الصوامع ستكون "بين 5 أو 6 ملايين طن".
وتابع أن الحكومة ستفتح أيضا 400 نقطة استقبال للقمح، تتنوع بين الصوامع والحظائر التي تم تطويرها مؤخرا، مع ضبط عمليات البيع لتكون الأولوية لجهات التسويق الحكومية ووزارة التموين.
وذكر أنه بالإضافة إلى ذلك، "قررت الحكومة وقف تصدير بعض أنواع الحبوب، بينها القمح ومشتقات المخابز والمعكرونة لضمان توفرها في الأسواق".
من جهة أخرى، بدأت مصر تفتح خطوط استيراد جديدة بينها فرنسا والهند، ومن المتوقع الإعلان عن الاتفاقات الجديدة قريبا جدا حسبما أشار.
وأوردت وكالة رويترز يوم 28 آذار/مارس أن فرنسا التي تعد أكبر مصدر للقمح في الاتحاد الأوروبي، تعهدت بمساعدة مصر في الحصول على القمح الذي تحتاجه في الأشهر المقبلة على خلفية ما تركته الحرب في أوكرانيا من مخاطر في الإمدادات.
وأكد عبد الحفيظ أنه من المتوقع أن يتيح فتح خطوط استيراد جديدة وجمع القمح المحلي لمصر الحصول على مخزون يكفي الاستهلاك المحلي لنهاية العام الحالي.
ضبط الخبز المدعوم
من جانبه، قال حسين الخالع، وهو صاحب فرن في القاهرة ينتج الخبز البلدي المدعوم، إن "الحكومة المصرية أصدرت خلال الفترة الأخيرة العديد من القرارات التي تتعلق بضبط الخبز المدعوم".
وأضاف للمشارق أن الهدف من ذلك هو التأكد من توصيله للمستحقين فقط ووقف أي هدر حاصل ومنع المتاجرة به.
وذكر أن "جميع الأفران أُبلغت منذ شهر بضرورة التشدد بالضوابط إلى أقصى الدرجات، مع منع تخزين مادة الطحين نهائيا حفاظا على توفرها في الأسواق".
وأشار إلى أن الأفران في مصر نوعان، الأول هو الأفران التي توفر الخبز المدعوم والثاني الأفران الخاصة التي تنتج أنواعا مختلفة من الخبز والمخبوزات.
وأوضح أن الأفران التي تبيع الخبز المدعوم تنتج يوميا 270 مليون رغيف.
واستدرك أن الجهة المسؤولة عن الأفران أي وزارة التموين، تشدد على ضرورة استقرار هذا الرقم مع الحفاظ على جودة الخبز.
إبعاد شبح أزمة الخبز
بدوره، قال خالد محمد، وهو صاحب متجر مواد غذائية في القاهرة، إن الحكومة المصرية استطاعت "إبعاد شبح أزمة الخبز".
وأضاف أن "العالم أجمع يتخوف من أزمة نقص الخبز بسبب ما يحصل في أوكرانيا".
وتابع أن إجراءات الحكومة مطمئنة للمصريين، مشيرا إلى أنها أصدرت قرارات لضبط توريد القمح وضبط الارتفاع المتوقع للأسعار.
وأوضح أنها اتخذت أيضا خطوات لمنع التجار من استغلال الأزمة، مبينا أن دوريات فرق وزارة التموين تقوم بضبط الأسواق وتغريم من يرفع الأسواق بشكل مبالغ فيه.
ولفت إلى أن تجار القمح يعتبرون التدابير الحكومية خطوة لحماية الأمن القومي المصري والشعب المصري نفسه.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أنه في خطوة أخرى لتخفيف تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا، أودعت السعودية يوم 30 آذار/مارس 5 مليار دولار أميركي لدى البنك المركزي المصري.
وقبل ذلك بيوم، تعهدت قطر في خضم ارتفاع فاتورة استيراد القمح باستثمارات بقيمة 5 مليار دولار أميركي.