إقتصاد

هل لبنان ’بؤرة جوع ساخنة‘؟ تقييم لا يجمع عليه كل خبراء الاقتصاد

نهاد طوباليان

أطفال يتسولون في بيروت وسط الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد. [نهاد طوباليان/المشارق]

أطفال يتسولون في بيروت وسط الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد. [نهاد طوباليان/المشارق]

بيروت -- أصدر برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعان للأمم المتحدة بيانا مشتركا في 6 حزيران/يونيو، يحذران فيه من أزمات غذائية تلوح في الأفق في عدة بلدان، بينها لبنان.

وضمت أسباب هذه الأزمات، والعدد المتزايد من الدول التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي، عوامل التغير المناخي والجفاف والسيول والمشاكل الزراعية والحرب الروسية على أوكرانيا.

وأشار التقرير إلى أن "الصراع في أوكرانيا يفاقم ما شهدتها السنة الجارية من مجاعة كارثية، فأطلق موجة إضافية من الجوع الحاد المنتشر في مختلف أنحاء الكرة الأرضية وحوّل سلسلة من أزمات الجوع الصعبة إلى أزمة غذاء عالمية لا يستطيع العالم مواجهتها".

وطالبت الوكالتان الأمميتان باتخاذ "إجراءات إنسانية عاجلة" في 20 "بؤرة جوع ساخنة" بينها لبنان، حيث من المتوقع أن تتفاقم حالة الجوع خلال الأشهر القادمة.

رجل مسن يفتش في سلة النفايات في مدينة مزرعة يشوع بلبنان، بحثا عن أية مواد يمكن إعادة استخدامها أو طعام يمكن أكله. [نهاد طوباليان/المشارق]

رجل مسن يفتش في سلة النفايات في مدينة مزرعة يشوع بلبنان، بحثا عن أية مواد يمكن إعادة استخدامها أو طعام يمكن أكله. [نهاد طوباليان/المشارق]

عمال موسميون في منطقة البقاع يحصدون البطاطا. وفي ظل الانهيار الاقتصادي المستمر في لبنان، يتم وضع المزيد من التركيز على القطاع الزراعي في مسعى لتأمين مستوى محسن من الأمن الغذائي على الصعيد المحلي. [نهاد طوباليان/المشارق]

عمال موسميون في منطقة البقاع يحصدون البطاطا. وفي ظل الانهيار الاقتصادي المستمر في لبنان، يتم وضع المزيد من التركيز على القطاع الزراعي في مسعى لتأمين مستوى محسن من الأمن الغذائي على الصعيد المحلي. [نهاد طوباليان/المشارق]

ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار السلع إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وكان لبنان غارقا أصلا في أزمة اقتصادية عند ظهور جائحة كورونا، وتفاقم الوضع مع الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020.

"وقال برنامج الأغذية العالمي إن "ملايين اللبنانيين شهدوا على تراجع ظروفهم المعيشية، واليوم بات نصف الشعب اللبناني تقريبا في حالة جوع".

ويعتبر سياسيون ومراقبون أيضا أن الانهيار الاقتصادي في لبنان هو نتيجة فساد حزب الله داخل لبنان وفي تعاملاته بالخارج، إلى جانب ولائه للجهة الأساسية التي تدعمه أي إيران.

لبنان في حالة يرثى لها

وبحسب برنامج الأغذية العالمي، كان يقيم في العام 2021 في لبنان نحو مليون و500 ألف لاجئ سوري، وكان يعاني 46 في المائة من الشعب اللبناني من الجوع.

وفي هذا السياق، قال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي شارل عربيد إن لبنان حاليا هو في "أسوأ حالاته لدرجة أن مستوى الفقر بلغ نسبة لم يعرفها تاريخيا".

وذكر للمشارق أن نسبة الفقر العالية قد تتسبب بارتفاع في نسبة الجرائم والتطرف وحتى الإرهاب.

وأوضح أن المجتمع اللبناني يعاني اليوم من الفقر وتراجع مستوى المعيشة وتراجع في الخدمات الاجتماعية كالرعاية الصحية والتعليم وهجرة الشباب والتفكك الاجتماعي.

وذكر أن المجلس، الذي يطرح خططا وسياسات اقتصادية واجتماعية وبيئية للحكومة، اقترح إصدار بطاقة نقدية لأكثر الأسر فقرا في البلاد.

وقال عربيد إنه رغم استعداد البنك الدولي تمويل الطرح كجزء من سياسة اجتماعية مستدامة، إلا أن الحكومة لم تتخذ أي إجراء.

ولفت إلى أنه من أجل عودة لبنان إلى طريق الإنتاج والنمو، يجب أن تترافق السياسة بإصلاحات في السياسة المالية والكابيتال كونترول والقطاع المصرفي، بحسب توصيات صندوق النقد الدولي.

وشدد على ضرورة أن يكون للبنان قضاء مستقل وخطة للتعافي والنمو الاقتصادي.

تقارير ʼتغفل التفاصيلʻ

ورغم كل التقييمات، لا يوافق بعض خبراء الاقتصاد على فكرة أن لبنان يشكل بؤرة جوع ساخنة.

وفي هذا الإطار، رأت الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال البلعة أن بعض التقارير تراقب المشهد العام بلبنان لكنها تغفل بعض التفاصيل المهمة، وبمقدمها "فرادة" الاقتصاد اللبناني "القادر على التعافي وبشكل سريع".

وأضافت أن تقرير وكالتي الأمم المتحدة يشير إلى أن ما بين 70 و80 بالمائة من اللبنانيين يعيشون دون خط الفقر، إلا أن هذا لا يعني أنهم يعيشون في حالة جوع، ذلك أن التقرير لا يعكس المال الذي تتلقاه بعض الأسر من الأقارب المغتربين.

وذكرت أنه نظرا للتراجع الحاد لقيمة العملة اللبنانية، تتجاوز مبالغ المال المرسلة من الخارج بأشواط قيمة المبالغ التي كانت ترسل سابقا عند تحويلها إلى الليرة اللبنانية.

وأشارت إلى "عدة صدمات تلقاها الاقتصاد اللبناني" وإلى معدلات التضخم التراكمية التي أفضت للواقع الاقتصادي الحالي.

وتشمل هذه الصدمات تفشي فيروس كورونا وما رافقه من إغلاقات لبعض المشاريع التجارية واندلاع الحرب بأوكرانيا التي تسببت بمخاوف من ركود تضخمي وأدت إلى ارتفاع حاد بمعدلات الفائدة في معظم المصارف المركزية.

ولفتت البلعة إلى أن هذه السلسلة من الصدمات المتراكمة قضت فعليا على الطبقة الوسطى في لبنان، وزجت بالكثير من العائلات في الفقر.

ʼفقر متعدد الأبعادʻ

وبدوره، اعتبر الباحث بالدولية للمعلومات محمد شمس الدين أن كلمة "بؤرة جوع" مبالغ فيها.

ومع أنه يقر بأن لبنان "يمر فعلا بأزمة مالية واقتصادية حادة أثرت بشكل كبير جدا على الوضع المعيشي للبنانيين"، إلا أنه يرى أنه من الأدق القول إن "هناك حالات فقر وهناك انعدام للخدمات العامة في البلاد".

وأشار إلى أن التقارير تقول إن 60 بالمائة من الشعب اللبناني بات فقيرا، "لكنهم ليسوا من الأساس فقراء، بل لا يسمح لهم دخلهم اليوم بشراء ما يحتاجونه من غذاء والعيش بشكل طبيعي كما اعتادوا عليه".

وقال إن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا تحدد الفقر في لبنان على أنه "متعدد الأبعاد"، بمعنى أنه يشمل سوء الرعاية الصحية والتعليم ورداءة خدمات البنية التحتية.

وتابع أن الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان أدت إلى تراجع في القوة الشرائية للعملة الوطنية، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية نتيجة ارتفاع أسعارها عالميا.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500