عدن - أعطى تجديد الهدنة بين الطرفين المتناحرين في اليمن الأمل في أن يصبح وقف إطلاق النار الدائم أمرا في متناول اليد، ولكن الانتهاكات المتواصلة للحوثيين بدعم من النظام الإيراني قد ألقت بظلالها على تلك الآمال.
وفي 2 حزيران/يونيو، وافق طرفا الصراع على تمديد اتفاق الهدنة الأساسي الساري المفعول منذ 2 نيسان/أبريل، لمدة شهرين.
مع ذلك، حذر الجيش اليمني من أن الحوثيين يرسلون تعزيزات كبيرة إلى جبهات قتال مختلفة، وذلك في تجاهل فاضح لجهود إحلال السلام والهدنة السارية في البلاد، حسبما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط يوم الجمعة، 10 حزيران/يونيو.
وذكر الناطق باسم الجيش العميد الركن عبده مجلي أن الحوثيين انتهكوا الهدنة آلاف المرات منذ تجديدها الأسبوع الماضي.
وقال إن الميليشيا أحضرت المزيد من المقاتلين والأسلحة والمعدات العسكرية إلى جبهات القتال، بما في ذلك الدبابات والآليات المدرعة. وأضاف أنها تطلق مسيرات مسلحة وتعد لمواقع عسكرية جديدة وتنشر قناصين.
وتابع أن الحوثيين زرعوا أيضا ألغاما في المناطق المدنية وعلى جبهات القتال.
وذكر أنه تم تأكيد حصول انتهاكات في محافظة مأرب في الساحل الغربي وفي شرقي وغربي تعز.
وأشارت صحيفة الشرق الأوسط إلى أن الحوثيين أطلقوا أيضا نيران المدفعية على الجيش ونفذوا محاولات تسلل صدها الجيش.
وشدد مجلي على التزام الجيش بالهدنة، مضيفا أن الانتهاكات الحوثية هي "تحد للأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي".
وأشار البعض إلى أن الحوثيين يستخدمون الهدنة لتجنيد مزيد من الجنود وبينهم الأطفال، رغم التزام الجماعة في نيسان/أبريل أمام الأمم المتحدة بوقف تجنيد الأطفال واستغلالهم في الصراع.
الترحيب بالحلول السلمية
ووصل مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانز غروندبرغ إلى صنعاء الخاضعة للحوثيين يوم الأربعاء لإجراء محادثات مع قادة الجماعة بشأن إعادة فتح الطرق المؤدية إلى تعز، وهي بحسب وكالة الصحافة الفرنسية مدينة خاضعة لحصار الحوثيين وأثبتت أنها الرقم الأصعب في تنفيذ الهدنة.
وتعتبر تعز معزولة إلى حد كبير منذ عام 2015.
وشكلت مسألة إجراء محادثات بشأن تعز أحد بنود الهدنة، إلى جانب استئناف الرحلات الجوية التجارية من صنعاء والسماح لناقلات النفط بدخول ميناء الحديدة الحيوي والخاضع أيضا لسيطرة الحوثيين.
وبالفعل، استؤنفت الرحلات الجوية من صنعاء إلى عمّان والقاهرة، ورست الناقلات في الحديدة في محاولة للحد من مشكلة نقص الوقود.
وأشاد غروندبرغ بتمديد الهدنة ووصف ذلك بأنه "مؤشر إيجابي على جدية الأطراف في التمسك بالهدنة وتنفيذها".
وأشار إلى أن "اليمنيين شعروا بفوائد الهدنة الملموسة"، مضيفا "لقد شهدنا تحولا إيجابيا ملحوظا ونحن مسؤولون عن حمايته والدفع بإمكاناته قدما من أجل إحلال السلام في اليمن".
إلى هذا، رحب مجلس الأمن الدولي بتمديد الهدنة في اليمن معربا في الوقت عينه عن "قلقه من الأثر الإنساني الخطير لاستمرار إقفال الطرق حول تعز".
وطالب الحوثيين "بالتحلي بالمرونة في المفاوضات وفتح الطرق الرئيسة فورا".
’سئمت من القتال‘
وقبيل موعد انتهاء الهدنة، دعت المنظمات المحلية والدولية في 31 أيار/مايو إلى تمديدها وحثت جميع الأطراف على العمل من أجل تحقيق سلام دائم.
وفي كتاب رفع إلى الحكومة اليمنية والحوثيين، قالت 32 منظمة تعمل في مختلف أنحاء اليمن إنها شهدت على التأثير الإنساني الإيجابي للهدنة منذ 2 نيسان/أبريل، وبينها أوكسفام ومنظمة إنقاذ الطفولة وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية والمجلس النرويجي للاجئين.
وبحسب المجلس النرويجي للاجئين، انخفض عدد القتلى والجرحى المدنيين باليمن في الشهر الأول من الهدنة بأكثر من 50 في المائة.
وجاء في الكتاب أن سائقي السيارات لم يعودوا ينتظرون في طوابير أيام عدة لملء سياراتهم بالوقود، وبات السفر أسهل مع هذا الواقع الجديد.
ولفت إلى وصول المساعدات إلى العائلات التي كانت قد منعت من الحصول عليها، وبينها الأسر التي نزحت مرات عدة خلال الصراع.
وأضاف الكتاب أن مئات المرضى أصبحوا الآن قادرين على تلقي العلاج الطبي المطلوب بشكل عاجل خارج البلاد، بينما فُتحت أمام آخرين أبواب متابعة التعليم وفرص العمل في الخارج أو السفر للم الشمل مع أحبائهم.
وذكر "بصفتنا منظمات تعمل مع المجتمع المحلي في اليمن، نعلم أن العائلات سئمت من القتال وتريد مواصلة حياتها".
الوفاء بالالتزامات
وفي الإطار نفسه، قال الصحافي خالد أحمد إن "المستفيدين الأساسيين من تمديد الهدنة هم أبناء الشعب اليمني"، مشيرا إلى أن "وقف الأعمال العدائية يحفظ أرواح اليمنيين".
أما وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية نبيل عبد الحفيظ، فشدد على ضرورة وفاء الحوثيين بالتزاماتهم التي حددها اتفاق الهدنة.
ولفت عبد الحفيظ إلى أن "المعاناة الإنسانية والظروف الاقتصادية في مناطق سيطرة الحوثيين كارثية".
وأوضح أن "أهم بنود الهدنة تشمل رفع الحصار عن تعز وفتح المعابر، وهي بنود لم يلتزم بها الحوثيون".
بدوره، قال الخبير الاقتصادي فارس النجار للمشارق إن "الجهود التي بذلها المبعوث الأممي والمبعوث الأميركي والعديد من الدول لتمديد الهدنة كخطوة نحو وقف الحرب وإحلال السلام كانت مثمرة".
وأكد أن هذه الجهود "سيكون لها أثر إنساني كبير في تخفيف المعاناة"، مضيفا أن الآثار الإيجابية للهدنة "تخدم المصلحة العامة والمواطنين، خصوصا في مناطق سيطرة الحوثيين".